مهما كان ارتفاع الكرة عالياً وبأعلى قوتها من المستحيل أن تهبط داخل أرضية المستطيل الأخضر دون أن «يروضها» على طريقته التي تسحر جميع عشاق الساحرة المستديرة، يعرف من أين تؤكل الكتف، وكيف يروض الكرة يميناً ويساراً على طريقته، وكأن الملعب ملك من أملاكه الخاصة.

لا شك أن الجميع استمتعوا بمهارات النجم الدولي الجزائري قائد النادي الأهلي الكابتن رياض محرز في الملعب، وشاهدوا قدراته الرائعة التي لفتت انتباه العشاق وجعلته واحداً من أكثر اللاعبين شهرة فيه، لكن البعض فقط قرأوا سيرته الذاتية وشاهدوا كيف كافح محرز للوصول إلى ما هو عليه الآن.

من بين قصص نجاح المشاهير حول العالم، فإنَّ أكثر القصص تأثيراً وإلهاماً هي تلك التي قطع فيها أصحابها شوطاً كبيراً للوصول إلى القمة، فلا شك أن النجاح أمرٌ رائع، لكنه يكون أكثر روعة حين يكون مصحوباً برحلة صعود مليئة بالكفاح والمُثابرة.

في الواقع، تُعدّ قصَّة نجاح رياض محرز إحدى أكثر قصص النَّجاح تشويقاً وإلهاماً، من لاعب مغمور بالدرجة الثانية في الدوري الفرنسي إلى هداف الدوري الإنجليزي الممتاز، لم تكن قصة نجاحه سهلة على الإطلاق، بل كانت نموذجاً واضحاً لمعرفة أن الوصول للهدف لن يتم إلا من خلال التحلي بالإصرار والأمل وبذل الجُهد والإيمان بالذات.

«عكاظ» تقدم إليكم قصة النجاح والمجد والصعود لمنصات التتويج مع الأندية التي مثلها.. إليكم التفاصيل:

نشأة الفنان

ولد رياض محرز في مدينة سارسيل في فرنسا لأب جزائري وأم من أصول جزائرية ومغربية، حيث كان يقضي عطلته بانتظام في الجزائر، لعب والد محرز كرة القدم في الجزائر، وكان يصطحب رياض إلى المباريات، إذ كان يحلم أن يصبح ابنه لاعب كرة قدم محترفاً، ومن هنا انتقل عشق كرة القدم إلى جينات رياض، لكن عندما كان رياض في الخامسة عشرة من عمره، توفي والده بنوبةٍ قلبية.

وبالرغم من تعلّق رياض بوالده، إلا أن فُقدانه لم يزده إلا إصراراً على أن يُصبح لاعب كرة قدم محترفاً تحقيقاً لحلم والده الذي فعل أكثر من أي شخصٍ آخر لتمهيد الطريق له ليصبح ما هو عليه الآن.

وبالرغم من زيادة إصراره على النجاح، إلا أن الحلم كان لا يزال بعيد المنال، فحتى سن الثامنة عشرة، كان رياض لا يزال يلعب مع فريق بلدته في فرنسا.

بداية الانطلاقة

على الرغم من تجاهل الفرق لرياض محرز في كثير من الأحيان؛ بسبب بنيته النحيلة، إلا أن مهارات محرز الفريدة لفتت الانتباه إليه حقاً، إذ بدأت مسيرته في السطوع عندما انضمَّ إلى الفريق الفرنسي AAS Sarcelles في عام 2004، وحظي بتجربة رائعة أثبت فيها نفسه أمام الجميع، وفي عام 2009، انضم محرز إلى فريق CFA Quimper، إذ شارك في 22 مباراة، وسجل هدفين في موسمه الأول مع النادي.

كانت بداية الانطلاقة بالنسبة لرياض محرز عندما انضم إلى نادي Le Havre في عام 2010، وهو نادٍ في الدرجة الثانية في الدوري الفرنسي، الذي كان يستقطب اللاعبين الشباب المميزين، هناك تألق رياض بشكل كافٍ ليجذب انتباه نادي ليستر سيتي الإنجليزي، مع العلم أنه رفض عروضاً من الفرق الفرنسية الأبرز في الدوري الفرنسي مثل باريس سان جيرمان ومرسيليا للانضمام إلى لوهافر، بعد أن لفت انتباهه نظام اللَّعب في هذا الفريق، كما كان قلقاً بشأن وجوده في التشكيل الأساسي للفرق الكُبرى.

قد يبدو هذا القرار غريباً بعض الشيء، ولكنه إن دل على شيء فيدل على أن كرة القدم كانت بالنسبة لرياض محرز شغفاً حقيقياً وليست مجرد مهنة، لعب محرز في البداية في فريقهم الاحتياطي «لوهافر الثاني» قبل أن يلعب 60 مباراة ويسجِّل 6 أهداف للفريق الأول في الدرجة الثانية من الدوري الفرنسي منذ عام 2011 حتى المغادرة في يناير 2014.

الدوري الإنجليزي

بينما كان محرز يلعب مع فريق لوهافر الفرنسي، كان مُدير الانتقالات في نادي ليستر سيتي الإنجليزي «ستيف والش» يُراقب زميله في الفريق ريان مينديز، ولكن بدلاً من ذلك أُعجب بأداء محرز، لم يسمع محرز قط عن فريق ليستر، بل حتى إنه في البداية افترض بأنه نادٍ للرجبي!.

في 11 يناير 2014، وقَّع رياض مع ليستر سيتي عقداً مُدَّته ثلاث سنوات ونصف مقابل 450 ألف جنيه إسترليني، كان أصدقاؤه وعائلته في البداية قلقين من قرار رياض بالانتقال للعب في الدوري الإنجليزي بسبب طبيعة الكرة الإنجليزية الحادة التي تحتاج إلى لاعب أقوى جسمانياً، معتقدين أن أسلوب لعبه سيكون أكثر ملاءمة لإسبانيا.

أخبر الكثيرون اللاعب الجزائري رياض محرز بأنَّه «نحيف للغاية» بالنسبة لكرة القدم الإنجليزية، في البداية كان محرز يعتقد أنَّهم ربما كانوا على حقّ، ولكنَّ أداءه المُبهر مع ليستر سيتي كان كافياً للرد على هذه الادِّعاءات.

الظهور الأول

ظهر محرز لأول مرة في 25 يناير 2014، وجاء في الدَّقيقة 79 بديلاً ليحل محل زميله الجناح لويد داير. سجَّل رياض هدفه الأول للنّادي ضد غريمه المحلي نوتنغهام فورست، والذي جعل محرز لاعباً أساسياً في صفوف الفريق بعد ذلك. بفضل محرز أنهى ليستر الموسم فائزاً بالبطولة، وعاد إلى الدَّوري الممتاز لأول مرة منذ عشر سنوات.

كانت مُساهمة رياض في صعود ليستر سيتي إلى دوري الدرجة الأولى بلا شكّ إحدى أكثر الفصول أهميَّة في إحدى أعظم القصص التي رواها الدَّوري الإنجليزي المُمتاز على الإطلاق، والتي لفتت أنظار نادي مانشستر سيتي أحد أعظم أندية الدوري الإنجليزي.

ألمان سيتي

في يوليو 2018 وبعد مرور 4 أعوام على اللعب مع ليستر سيتي، أخذت قصة نجاح رياض محرز مُنعطفاً كبيراً عندما التحق بصفوف نادي مانشستر سيتي ضمن عقد مُدَّته خمس سنوات. جعلت رسوم انتقال محرز – البالغة 60 مليون جنيه إسترليني – منه أغلى لاعب كرة قدم أفريقي في ذلك الوقت، وكذلك أغلى صفقة قام بها نادي مانشستر سيتي في تاريخه.

بدأ رياض محرز أوَّل خطوة حقيقيَّة نحو القمة حين فاز بدرع الاتِّحاد الإنجليزي لكرة القدم 2018 مع مانشستر سيتي، ثم فاز بلقبه الثاني من خلال انتزاع كأس الاتِّحاد الأوروبي لكرة القدم ضد تشيلسي، كما فاز بجائزة أفضل لاعب في كأس الاتحاد رغم أنه لم يشارك في المباراة النِّهائيَّة.

الأهلي ومحرز

عندما انتقل للنادي الأهلي أحدثت صفقة انتقاله ضجة عالمية، إذ قدم مستويات مميزة مع الراقي، نجح في تحقيق بطولة النخبة الآسيوية والسوبر السعودي في موسمٍ مميز للغاية مع القلعة الخضراء، ناهيك عن الأرقام والإحصاءات التي لا تليق إلا بـ«ملك الكنترول».

الدروس المُستفادة

لا شكَّ أنَّ رياض محرز قد أصبح في وقتٍ قصيرٍ جداً أيقونةً للشباب الطّموح سواء في المنطقة العربيَّة أو في جميع أنحاء العالم، لكنَّ الوصول إلى هذه النقطة لم يكن سهلاً أبداً على اللاعب الجزائري، فمن كَونه لاعباً مغموراً في أحد الفرق المُتواضعة في الدوري الفرنسي إلى أحد أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي، لم يكُن طريق رياض محرز سهلاً على الإطلاق.

هواياته الشخصية

١- الموضة.

٢- الموسيقى:.

٣- السفر والألعاب.

٣- العمل الخيري.

٤-اللياقة والعافية.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.