15/5/2025–|آخر تحديث: 20:05 (توقيت مكة)
أكدت الرئاسة الروسية (كرملين)، اليوم، أن فلاديمير بوتين لا يعتزم السفر إلى إسطنبول، حيث يُرتَقب أن يعقد وفدان من موسكو وكييف مباحثات تهدف إلى وقف الحرب، في حين ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب أي تقدم في المحادثات باجتماعه ببوتين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف “كلا، لا خطط كهذه في الوقت الراهن”، في إشارة إلى عدم مرافقة بوتين للوفد الروسي الذي وصل اليوم إلى إسطنبول لإجراء أول جولة محادثات مباشرة مع أوكرانيا منذ ربيع 2022 عن وقف الحرب.
وتعليقا على غياب بوتين، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “بوتين لم يأتِ إلى أنقرة ولا يمكننا مواصلة الركض خلفه في أرجاء الأرض”، مضيفا أنه “أبدى استعدادا للتفاوض لكسب الوقت وتجنب وقف الحرب وتأخير العقوبات”. كما اعتبر “عدم الارتقاء بمستوى تمثيل الوفد الروسي في أنقرة إهانة”.
وفي تصريح مفاجئ، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الهدف من وقف إطلاق النار قبل المفاوضات بين بلاده وكييف هو إعادة تسليح أوكرانيا.
وفي كلمته خلال اجتماع نادي الدبلوماسية بالعاصمة موسكو، أشار وزير الخارجية الروسي إلى توصل بلاده لاتفاق مع أوكرانيا في إسطنبول عام 2022، إلا أن “بريطانيا منعت إدارة كييف من مواصلة هذه العملية، واليوم هي التي توجّه زيلينسكي”.
لن يحدث شيء
وفي ما بدا تعليقا على غياب بوتين عن المحادثات، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريحات للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية الأميركية قبيل هبوطها في دبي، المحطة الثالثة من جولته في الشرق الأوسط “لن يحدث شيء حتى أجتمع أنا وبوتين”.
وقال كبير المفاوضين في وفد موسكو فلاديمير ميدينسكي، إن روسيا تسعى إلى “سلام طويل الأمد”، في أول لقاء مباشر مع الجانب الأوكراني منذ زهاء 3 أعوام.
وقال ميدينسكي، وهو من كبار مستشاري الرئيس الروسي، عبر تليغرام إن “الهدف من المباحثات المباشرة التي اقترحها (فلاديمير) بوتين هو إبرام سلام طويل الأمد ومستدام من خلال إزالة جذور النزاع”.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن الولايات المتحدة “تتطلع” لحصول تقدم في المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، وهي مستعدة للبحث في “أي آلية” للتوصل إلى إنهاء الحرب بشكل مستدام.
وأوضح روبيو خلال اجتماع لوزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أنطاليا بتركيا “أمامنا عمل كثير ونبقى منخرطين في هذا المسار، نحن على غرار الجميع، نتطلع لمعرفة ما سيحصل، بيد أن الوضع أصعب، لكن نأمل أن يتحقق تقدم على هذا الصعيد قريبا”.
وشدد وزير الخارجية الأميركي على أنه “منفتح على جميع الآليات لتحقيق سلام عادل ودائم، لن يضع فقط حدا لهذه الحرب، بل سيمنع اندلاع حرب جديدة في يوم من الأيام”.

تفاوض تحت القنابل
ورأى نظيره الفرنسي جان نويل بارو أنه ينبغي أولا التوصل إلى وقف لإطلاق النار لأن “التفاوض لا يتم تحت القنابل”. وأكد أنه من خلال هذه “المحادثات التقنية، يمكننا أن نأمل في التوصل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، مما سيسمح ببدء المفاوضات”.
وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول “روسيا لا تريد مفاوضات جادة في هذه المرحلة”. وأضاف “ستكون لذلك عواقب وخيمة، أوروبا عازمة على اتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات جديدة” على موسكو.
من جانبه، قال الأمين العام للناتو مارك روته، إنه يشعر “بتفاؤل حذر” حيال تقدم محتمل في المفاوضات بشأن أوكرانيا، شرط أن يقوم الروس “بالخطوات المقبلة”. وأوضح “يمكن إحراز تقدم خلال الأسبوعين المقبلين”، مضيفا أن “الكرة باتت الآن في ملعب روسيا”.

استئناف دون شروط
وفي 11 مايو/أيار الجاري، طرح بوتين اقتراحا باستئناف المفاوضات المباشرة مع أوكرانيا دون شروط مسبقة في 15 من الشهر ذاته بإسطنبول، بعد توقفها منذ 3 سنوات، طالبا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استضافة الجولة الجديدة.
بدوره، أكد أردوغان استعداد تركيا لاستضافة المفاوضات لتحقيق سلام عادل ودائم، في حين رحبت الحكومة الأوكرانية بالخطوة، بينما تتجه أنظار المجتمع الدولي نحو الاجتماعات التي تستضيفها إسطنبول.
يشار إلى أنه في مارس/آذار 2022، استضافت إسطنبول عدة جولات من المباحثات بين وفود روسية وأوكرانية للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.
ووقّع البلدان اتفاقية بإسطنبول في يوليو/تموز 2022، بوساطة تركيا والأمم المتحدة لشحن الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وللمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ومددت الاتفاقية 3 مرات قبل أن تعلّق موسكو العمل بها في 17 يوليو 2023.
عوائق وحلول الحرب
يلخص علي أسمر الباحث في مركز “تركيا الجديد” عوائق إنهاء الحرب في النقاط الأربع التالية:
1- صراع السيادة والمكانة
روسيا تعتبر أوكرانيا جزءا من مجالها الحيوي التاريخي، وتعتبر اقترابها من الناتو والغرب تهديدا وجوديا مباشرا. في المقابل، تعتبر أوكرانيا أن هذه الحرب هي معركتها من أجل الاستقلال الحقيقي والانفكاك الكامل من النفوذ الروسي.
2- غياب أرضية مشتركة للتنازلات
تطالب موسكو بالاعتراف بسيادتها على المناطق التي ضمتها (دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون وشبه جزيرة القرم)، بينما ترفض كييف، بدعم غربي، أي تفاوض لا يتضمن استعادة هذه الأراضي بالكامل.
3- تدويل الصراع وتوظيفه سياسيا
تحوّلت الحرب إلى ساحة صراع غير مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تسعى واشنطن إلى منع موسكو من تحقيق أي نصر سياسي قد يُستخدم في إعادة تشكيل النظام العالمي لصالح القوى غير الغربية.
4- انعدام الثقة المتبادلة
حتى في حال عرض حلول سياسية، تبقى الثقة معدومة. كل طرف يخشى أن يُستغل وقف إطلاق النار لإعادة التسلح والتحضير لجولة جديدة من المعارك، مما يفرغ أي اتفاق من مضمونه.
ويضع الكاتب المقترحات الأربعة التالية كحلول لتجاوز العوائق السابقة:
1- ضمانات أمنية بشأن الناتو
تقديم ضمانات مكتوبة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، ومنع نشر أي منظومات صاروخية غربية قرب الحدود الروسية تشكل تهديدا مباشرا لموسكو.
2- فصل ملف شبه جزيرة القرم عن بقية الأراضي
الاتفاق على هدنة تشمل الأراضي التي سيطرت عليها روسيا بعد 2022، وتأجيل حسم وضع القرم إلى مفاوضات لاحقة ضمن تسوية نهائية برعاية دولية.
3- انسحاب الولايات المتحدة من واجهة الصراع
تقليص أو وقف الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، ما قد يُجبر كييف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر واقعية، ويفتح الباب لتسوية سياسية مستقرة.
4- الاعتراف بدور تركيا كضامن محايد
قبول كلا الطرفين بدور تركي محوري كضامن للاتفاق، نظرا لعلاقات أنقرة المتوازنة مع الجانبين، وسوابقها الناجحة في الوساطة مثل اتفاق الحبوب.