في أجواء رمضان المزدحمة بالأعمال الدرامية، برز مسلسل «شارع الأعشى» ليشعل جدلاً واسعاً لم يكن جديداً على المشهد، لكنه جديد تماماً على الكاتبة بدرية البشر، التي وجدت نفسها – كحال زوجها ناصر القصبي، في سنوات «طاش ما طاش» – في مواجهة نقد جارح وهجوم قاسٍ، كأنما التاريخ يعيد نفسه ولكن بوجه أنثوي هذه المرة.
حين كانت شخصيات «طاش» تُعرض على الشاشة، كان ناصر القصبي، يتلقى سيلاً من الاتهامات بأنه يتجاوز «الخطوط الحمراء» ويتطاول على ثوابت المجتمع، رغم أن غالبية حلقات «طاش ما طاش» كانت تصوّب على قضايا اجتماعية داخل كل بيت عربي. واليوم، تتكرر التجربة مع بدرية البشر التي وُضعت تحت المجهر، لا ككاتبة فقط، بل كامرأة، وروائية، و«زوجة ناصر»، وهو ما يضاعف من ثقل المعركة ويجعل السؤال مشروعاً:
هل غراميات شارع الأعشى خارج الواقع؟
الناقد رجا العتيبي، أجاب على هذا التساؤل، حين سخر ممن «يشككون في وقائع#شارع_الأعشى ويُنكرون وجود الحب في السبعينات»، مؤكداً أن كثيراً من الأغاني الشعبية آنذاك، خصوصاً في أحياء الرياض القديمة، وثّقت لقاءات، ومشاعر، و«غراميات» تتناغم مع روح العمل، مستشهداً بأغاني بشير حمد شنان، مثل «يا ليت سوق الذهب يفرش حرير»، التي تعكس جوانب عاطفية من تلك الفترة، ربما أغفلها التاريخ الرسمي أو لم يرغب كثيرون في التذكير بها.
بدرية البشر، وعبر بيانها عبر «X»، سعت إلى التذكير بأن العمل مُجاز من وزارة الإعلام، ما يدحض خرق القيم أو تجاوزها، مضيفة أن العمل خيال أدبي مستند إلى روايتها. لكنها أبدت انزعاجها من موجة «الشتم والتشنيع»، التي رأت فيها تجاوزاً خطيراً للنقد الفني إلى التجريح الشخصي والتحريض، معلنة لجوءها إلى القضاء ضد من أساء لها.
ما قالته بدرية لا يُمكن فصله عن شعور متكرر عند المبدعين السعوديين، خصوصاً في الأعمال الدرامية؛ أن الفن قد يُجلد، لا يُناقش لمجرد تباين القناعات وإسقاط كل طرح درامي على المجتمع، فيُعاقب الخيال حين يُحاكي الواقع.
فهل على كل عمل فني أن يُنقّح شعورياً حتى لا يصدم ذائقة المتشددين، أو يُتهم بـ«تشويه صورة المجتمع»؟
«شارع الأعشى» ليس عملاً خارج المجتمع، أما بدرية البشر، فقد وجدت نفسها في معركة لم تَخْتَرْهَا، لكنها اضطرت لخوضها، كما خاضها من قبل ناصر القصبي.. وفي الزمن نفسه تقريباً، وبين الشوارع ذاتها.
أخبار ذات صلة