في خطوة تعكس تحولاً كبيراً في سياسة الدفاع اليابانية، أجرت قوات الدفاع الذاتي اليابانية في 24 يونيو 2025 أول تجربة إطلاق صاروخي على الأراضي اليابانية، إذ أطلق اللواء الأول للمدفعية في هوكايدو صاروخاً من طراز «تايب-88» مضاداً للسفن باتجاه سفينة غير مأهولة على بعد 40 كيلومتراً قبالة الساحل، بحسب صحيفة «south china morning post».

وكانت مثل هذه التجارب تُجرى سابقاً في دول حليفة مثل الولايات المتحدة وأستراليا بسبب قيود المساحة والسلامة. ويأتي التمرين في إطار سعي اليابان لتعزيز استقلاليتها الدفاعية في مواجهة الأنشطة البحرية الصينية المتصاعدة واختبارات الصواريخ الكورية الشمالية.

وأكد وزير الدفاع الياباني، جن ناكاتاني، في مؤتمر صحفي في أبريل الماضي، أن هذا التحرك يهدف إلى بناء قدرات دفاعية ذاتية في ظل بيئة أمنية تزداد قسوة.

ويرى المحللون أن هذا الإطلاق يمثل رسالة واضحة للداخل والخارج بأن اليابان تعزز قدراتها الصاروخية بعيدة المدى لردع الصين.

وأشار مدير دراسات الأمن في المعهد الوطني للدراسات الدفاعية ماسافومي إيدا إلى أن هذه التجربة تُظهر تقدماً في تطوير القدرات الدقيقة لليابان، ما يعزز قوتها الرادعة.

تزامن هذا التحول مع تغير في الرأي العام الياباني، إذ أصبح المواطنون أكثر تقبلاً للتدريبات العسكرية بسبب المخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية الإقليمية.

وأوضح أستاذ دراسات آسيا والمحيط الهادئ يويتشيرو ساتو أن اختيار هوكايدو كموقع للإطلاق كان مقصوداً لتجنب إثارة التوترات مع الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية، مؤكداً أن التجارب الصاروخية لم تعد تثير صورة اليابان العسكرية التقليدية.

ورغم أن الدستور الياباني السلمي بعد الحرب العالمية الثانية يحد من استخدام القوة للدفاع عن النفس، فقد اعتمدت طوكيو في 2022 إستراتيجية أمنية جديدة تصنف الصين كأكبر تحدٍ إستراتيجي، مع تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة.

وتستجيب اليابان للتهديدات الإقليمية، بما في ذلك إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ قصيرة المدى وتوسع ترسانة الصين الصاروخية، عبر زيادة الإنفاق الدفاعي ليصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027.

كما تخطط اليابان لنشر صواريخ كروز بعيدة المدى، بما في ذلك صواريخ «توماهوك» الأمريكية، وتطوير صاروخ «تايب-12» المحسن بمدى يصل إلى 1000 كيلومتر.

وأوضح ساتو أن قرار نشر هذه الصواريخ في كيوشو بدلاً من جزيرة مياكو القريبة من تايوان يعكس نهجاً حذراً لتجنب التصعيد في مضيق تايوان.

يُعد إطلاق هوكايدو رمزاً لتحول اليابان من دولة سلمية ما بعد الحرب إلى دولة تستعد بقوة لمواجهة التحديات الأمنية المستقبلية في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version