في طريقي إلى المملكة من مطار «هيثرو» الدولي، جلست في مقعدي بالطائرة أتأمل الركاب المغادرين إلى بلادي؛ وجوه مختلفة، جنسيات متعددة، ثقافات متنوعة، وأعمار متباينة. إذ لم تعد المملكة مقصداً للحج والعمرة فحسب، بل مقصد للسائحين من أنحاء العالم، فهي تنعم بالأمن والاستقرار، وتحتضن مدناً تاريخية ومواقع تراثية كثيرة، وموقعها الاستراتيجي يربط الشرق بالغرب، وتشهد نهضة شاملة، وخطواتها واثقة في التحول الاقتصادي المبهر.
أثناء ذلك التأمل؛ خطرت لي فكرة تجمع بين الترفيه والمعرفة والتأثير، من خلال تطوير منظومة «الترفيه» على متن الطائرات وتحويلها إلى منصات تفاعلية تنقل ملامح بلادنا، وتبرز موروثها الثقافي ومسيرتها التنموية، عبر محتوى متنوع يشمل أفلاماً ووثائقيات وألعاباً ومواد معرفية بلغات متعددة وبأسلوب جذاب يناسب مختلف الأعمار والثقافات.
هذه المبادرة تتجاوز كونها وسيلة تسلية، لتصبح أداة بناء معرفي وواجهة ذكية تجسد ثقافة الوطن، وتعرّف العالم بثرواته الحضارية والإنسانية، وهي مشروع وطني في فكرتها، عالمية في تأثيرها، تسهم في ترسيخ صورة المملكة في أذهان المسافرين كحضارة حية نابضة، وتعزز الوعي الدولي بمكانتها، كما تساعد في إثراء تجربة الزوار، وتحفزهم على استكشاف المملكة بمناطقها المتنوعة.
إن تنفيذ هذه الفكرة سيسلط الضوء على العمق التاريخي والحضاري للمملكة؛ لذا أقترح أن تتكامل الجهود بين جهات عدة مثل: وزارات التعليم والثقافة والسياحة، ودارة الملك عبدالعزيز، وهيئات الترفيه والموانئ والطيران المدني، لتُعمّم الفكرة عبر جميع المنافذ الدولية، بما يتناسب مع طبيعة كل معبر.
هذه المبادرة ليست مجرد تطوير ترفيهي، بل إسهام في مشروع وطني عظيم قام عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورجل الطموح والرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، اللذان جعلا من تعزيز الهوية الوطنية ركيزة أساسية في «رؤية 2030»، بهدف صياغة الحاضر نحو مستقبل أكثر وعياً واعتزازاً بتاريخنا، لنسير بثقة نحو وطن تتحدث حضارته عنه في كل سماء وتصل رسالته إلى كل قلب.
أخبار ذات صلة