لقد أثبتت المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنها حجر الزاوية في السعي نحو استقرار المنطقة وحل الأزمات. إن جهود المملكة الدؤوبة في رعاية الحوارات واستضافة المفاوضات السياسية تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار، ليس فقط داخل حدودها، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي بأسره.
ولم تكتفِ المملكة العربية السعودية بمجرد تنظيم القمة إدارياً، بل تبنّت العديد من المبادرات التي تؤكد التزامها العميق بالدفاع عن قضايا المنطقة، حيث خصصت دعماً شاملاً لمشروعات البنية التحتية والمساعدات الإنسانية، سواء في فلسطين أو في لبنان، فضلاً عن تقديم الدعم الاقتصادي للشعوب المتضررة من النزاعات. حيث تظل القضية الفلسطينية في قلب الأولويات السعودية، وهو ما أكدته المملكة في أكثر من مناسبة من ثبات موقفها والتزامها من دعم الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في إقامة دولته، بما يعكس إيمانها بضرورة إيجاد حلول عادلة ودائمة لهذه القضية المحورية.
وفي موقف يعكس إصرار السعودية على تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، دعت المملكة إلى «الوقف الفوري للهجمات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان»، مؤكدة وقوفها إلى جانب الشعوب التي تعاني من تبعات الصراعات، ومجددة التزامها الثابت بتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية للعدوان. هذا الالتزام يظهر بوضوح التوجه السعودي نحو بناء شراكات إقليمية قوية تستند إلى التضامن والدعم المتبادل.
كما يتجلى الدور السعودي الراسخ في دعم استقرار لبنان بوصفه جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى ترسيخ الاستقرار في دول المنطقة التي تعاني من تداخل الأزمات السياسية والاقتصادية. وذلك لما تدركه المملكة من أن تعزيز الاستقرار في لبنان يتطلب مقاربة متوازنة تجمع بين الدعم الاقتصادي وتقديم المشورة السياسية، مع التأكيد على سيادة المؤسسات اللبنانية وقدرتها على حل خلافاتها الداخلية. ومن هنا، يأتي الدعم السعودي كجزء من رؤية أعمق للحفاظ على وحدة واستقرار الدول العربية، مما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي ومنع امتداد الأزمات إلى الدول المجاورة. كما أبدت السعودية التزامها بدعم الأوضاع الإنسانية في اليمن، حيث تعمل من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تقديم العون الإنساني لكل من تأثر بالنزاع، بما يحقق رسالتها الإنسانية.
في ظل هذه الرؤية العميقة، تؤسس المملكة لنهجٍ يقوم على التوازن والحكمة في معالجة القضايا المعقدة، مسخرة كافة إمكانياتها السياسية والدبلوماسية لتوحيد الجهود العربية والإسلامية في مواجهة التحديات المشتركة. ويأتي هذا النهج ليعبّر عن قناعة المملكة بأن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق عبر حلول مؤقتة، بل يتطلب تضافر الجهود على المستويين الإقليمي والدولي في بناء مستقبل مستدام يعزز السلام والتنمية ويحقق تطلعات الشعوب.
وفي ختام القمة، يبقى السؤال حول ما يمكن أن تحققه هذه الجهود من نتائج عملية. ومع ذلك، فإن المملكة تتطلع بثقة إلى مستقبل المنطقة، ساعية لمواصلة دورها كقوة استقرار وداعم أساسي للتضامن والوحدة في العالم العربي والإسلامي.