26/4/2025–|آخر تحديث: 26/4/202503:26 م (توقيت مكة)
هو تشي منه- في مثل هذه الأيام قبل 50 عاما، دخلت القوات الشمالية في فيتنام بزعامة القائد الأسطوري هو تشي منه المدعوم من الاتحاد السوفياتي مدينة سايغون عاصمة الشطر الجنوبي المدعوم من أميركا، معلنة تحرير الجنوب وتوحيد شطري البلاد ونهاية حرب قتل وجرح فيها الملايين خلال 30 عاما.
وتكريما للزعيم الخالد، منحت فيتنام اسم هو تشي منه للمدينة بدلا من سايغون، وها هي اليوم تعيش على وقع احتفالات يومية عارمة في انتظار “الموعد الكبير” الأربعاء المقبل الذي يوافق الـ30 من أبريل/نيسان الجاري، تاريخ سقوط سايغون.
ورصدت الجزيرة نت عددا كبيرا من السياح بدؤوا في التوافد على كبرى مدن الجنوب ذات الـ10 ملايين نسمة، لحضور أضخم استعراض عسكري منذ وضعت الحرب أوزارها، وسيشارك فيه نحو 13 ألف شخص وقوات من جيش الجارتين لاوس وكمبوديا إخوة الدم والسلاح والكفاح زمن الحرب.
وينتظر أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقدمة الحاضرين في الاستعراض الذي سينطلق على الساعة 6:30 صباحا (13:30 بتوقيت غرينتش) أمام “قصر الوحدة” وفي بعض الشوارع المركزية لهو تشي منه، قلعة النضال والصمود كما يسميها الأهالي.

مسير تاريخي
وحسب وسائل إعلام محلية، سيشمل برنامج المسير العسكري الذي تشرف عليه وزارة الدفاع، 4 مجموعات من حرس الشرف، و36 مجموعة من الفرق العسكرية المختلفة، كما تتواصل في المدينة يوميا العديد من الأنشطة الاحتفالية.
علاوة على ذلك، وضعت السلطات برامج سياحية للزوار داخل المدينة لاكتشاف المواقع التاريخية وأبرزها قصر الاستقلال ونهر سايغون والمتحف الحربي وأنفاق “كوتشي” الشهيرة التي بقيت شاهدة على عظمة محاربي “الفيت كونغ” وجَلَدهم في قتال الغزاة وتحرير الوطن.
وفي حديث مع موفد الجزيرة نت، أكد مسؤول أحد الفنادق وسط هو تشي منه أنه تم مبكرا جدا حجز جميع غرف الفنادق الواقعة على طول الشوارع المركزية حيث تُقام العروض والأسواق والألعاب النارية، كما وصلت نسبة الإشغال في الفنادق القريبة إلى حوالي 90% من قدرتها الاستيعابية.

وحيث تولي وجهك في شوارع هو تشي منه -التي يشبّهها البعض بنيويورك الصغرى لكثرة ناطحات السحاب فيها والأضواء التي تسطع على واجهاتها ليلا- ترى لافتات ومجسمات عملاقة تمجد ذكرى النصر العظيم في “حرب العشرة آلاف يوم”، كما يسميها المؤرخون.
وقبل نشأة دولة فيتنام التي كانت مستوطنة صينية طيلة 10 قرون، كانت سايغون قرية صيد صغيرة وميناء قديما لشعب الخمير الكمبودي، أما اليوم فيغلب الطابع الفرنسي للمستعمر السابق -الذي غزاها عام 1859- على معمارها ومبانيها وحتى مطبخها وثقافتها.

احتفالات وصور
وأمام قصر الوحدة الذي سمي كذلك نسبة لتوحيد شطري فيتنام، تجمع المئات من الفيتناميين والسياح لالتقاط صور تذكارية وارتدوا ملابس وقبعات “نون لا” التقليدية رسم عليها علم البلاد الأحمر والنجمة الصفراء التي تتوسطه.
ولاحظت الجزيرة نت نفس المشاهد الاحتفالية أمام مبنى البريد التاريخي الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1891 وصمَّم هيكله المعدني الدقيق غوستاف إيفل مصمم برج إيفل الشهير في قلب العاصمة الفرنسية باريس، وها هو يكرر الأسطورة ذاتها في سايغون أو “باريس الشرق الأقصى” كما يلقبها الغربيون.

ولعب الزعيم هو تشي منه الذي أهدى اسمه للمدينة، دورا بارزا في قيادة الشعب الفيتنامي نحو الاستقلال والوحدة، حيث قاد الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي ثم ضد الاحتلال الأميركي.
وبرؤيته الثاقبة وإيمانه العميق بقضية شعبه، أسس جمهورية فيتنام الديمقراطية ووضع الأسس لحرب طويلة انتهت بتحرير سايغون عام 1975. ورغم وفاته قبل سقوطها، ظل “العم هو” رمزا خالدا للوطنية والمقاومة في قلوب أبناء بلده.