يمثل إطلاق خوادم «صناعة سعودية» خطوة إستراتيجية تعكس طموح المملكة في ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للتقنية، وتؤكد ريادتها في مجال البنية التحتية الرقمية. ومنذ انطلاق المشروع، لم يكن الهدف مقتصرًا على تلبية الاحتياجات المحلية، بل انطلقت الرؤية نحو التوسع الإقليمي لتشمل أسواق الخليج، الأردن، ومصر، مع تطلعات مستقبلية نحو دخول الأسواق العالمية. اختيار المملكة كمقر رئيسي لهذا التصنيع جاء نتيجة لموقعها الإستراتيجي، وتوفر منظومة متكاملة من سلاسل الإمداد، ما مكّن الشركة من دعم مشاريع وطنية كبرى مثل المدن الذكية، وفتح آفاق التصدير إلى الخارج.
وفي هذا السياق، أكد المهندس سامر صلاح، المدير الإقليمي للمشاريع الإستراتيجية وتطوير الأعمال في HPE، أن المشروع منذ بدايته كان موجّهًا نحو بناء قدرة تصنيعية قادرة على خدمة المنطقة بأكملها، وليس فقط السوق المحلية. وقد تم تنفيذ التصنيع المحلي بالتعاون مع شركة الفنار، الرائدة في الصناعة الوطنية، والتي وفرت البنية التحتية الصناعية والخبرات اللازمة لإنجاح المشروع. هذا التعاون مكّن HPE من تحقيق مرونة إنتاجية عالية، حيث تصل الطاقة القصوى للمصنع إلى 3000 خادم شهريًا، بينما يتم الإنتاج حاليًا حسب الطلب، بمعدل 700 خادم شهريًا عبر وردية واحدة، مع إمكانية مضاعفة الورديات وتشغيل المصنع على مدار الساعة عند الحاجة.
وتحدث صلاح عن أهمية مبادرة «صناعة سعودية»، مشيرًا إلى أن أول خادم سعودي تم إنتاجه خلال ثلاثة أسابيع فقط من إعلان المبادرة في عام 2023، وتم عرضه في معرض LEAP 2024. هذا الإنجاز تحقق بفضل تدريب الكوادر السعودية على يد خبراء دوليين، حيث أثبت الشباب السعودي قدرته على الالتزام بأعلى معايير الجودة والتقنية التي تعتمدها HPE، حتى في المجالات الدقيقة التي تعتمد على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs).
ويُعد نجاح هذه المبادرة عاملًا محفزًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث أبدت شركات عالمية اهتمامًا بالدخول في شراكات إستراتيجية مع HPE، مثل شركة AMD التي انضمت حديثا لدعم التصنيع المحلي. هذا التعاون لا يقتصر على توريد المكونات، بل يمتد إلى تطوير حلول متكاملة بالتعاون مع شركات البرمجيات، مما يسهم في بناء منظومة صناعية متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني وتخلق فرصًا جديدة في مجالات التقنية المتقدمة، وتُسهم في تقوية سلاسل التوريد وبناء صناعات مساندة.
وفيما يتعلق بدعم المشاريع الوطنية، أكد صلاح أن HPE تُعد شريكًا رئيسيًا في عدد من المبادرات الكبرى، وتخدم قطاعات متنوعة تشمل البتروكيماويات، الصحة، التعليم، والمدن الذكية. كما أشار إلى أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالنقل الذكي تعمل حاليًا على خوادم مصنّعة محليًا، مما يعكس جاهزية المنتج السعودي لتلبية متطلبات الابتكار.
وشدد صلاح على أن الدعم الحكومي كان عنصرًا جوهريًا في نجاح المشروع، موضحًا أن إدراج الخوادم ضمن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية، بدعم من لجنة المحتوى المحلي والوزارات المعنية، ساهم في جعل الجهات الحكومية وشبه الحكومية من أبرز عملاء الشركة. ومع توسع الإنتاج، تتطلع HPE إلى تلبية احتياجات القطاع الخاص بشكل أكبر، وتعزيز دورها في بناء اقتصاد رقمي متكامل.
واختتم صلاح حديثه بالإشارة إلى مشاركة الشركة في مؤتمر LEAP القادم، حيث تعمل الشركة على تعزيز مبادرات «صُنع في السعودية»، تأكيدًا على التزامها المستمر بدعم رؤية المملكة وتعزيز مكانتها كمركز تقني إقليمي.
أخبار ذات صلة