لاقت وصية مراسل الجزيرة الشهيد أنس الشريف، الذي اغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي مع زميله محمد قريقع وعدد من المصورين في قطاع غزة، انتشارا واسعا وحزنا عميقا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكشفت وصية الشريف، التي نشرت بعد استشهاده في قصف إسرائيلي استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة، عن رسالة أخيرة تجسد إيمانه بقضيته وثباته على مبدأ نقل الحقيقة مهما كان الثمن.
ويقول الشريف في وصيته “يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة لأكون سندا وصوتا لأبناء شعبي”، مؤكدا أنه لم يتوان يوما عن نقل الحقيقة “بلا تزوير أو تحريف” رغم معايشته الألم والفقد بشكل متكرر.
وأوصى الشريف بفلسطين، واصفا إياها بـ”درة تاج المسلمين” ونبض قلب كل حر، داعيا إلى الوفاء لأهلها وأطفالها الذين لم يمهلهم العمر للحلم أو العيش في أمان بعدما مزقت أجسادهم القنابل والصواريخ الإسرائيلية.
هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة.
إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهيعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين،…
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) August 10, 2025
وخص الشريف أهله بوصايا، فذكر ابنته شام التي حلم برؤيتها تكبر، وابنه صلاح الذي تمنى أن يكون له سندا، ووالدته التي كانت دعواتها حصنه ونور دربه، وزوجته التي واجهت الحرب بثبات الزيتون وصبره.
وختم وصيته بإقرار راضٍ بقضاء الله ثابتا على المبدأ حتى آخر لحظة، داعيا أن يكون دمه نورا يضيء درب الحرية لشعبه، ومؤكدا أنه مضى على العهد دون تغيير أو تبديل.
وقد وصف مغردون الوصية بأنها “تحمل من القهر ما يفجر الجبال دمعا ودما، ومن الحب والوفاء ما يوضح معدن أبطال غزة، ومن الإيمان والاحتساب ما يجعل من البشر جبالا لا تهتز ولا تتزلزل، وفي الوقت ذاته ما يخزي وجوه من تخاذل وفرط وترك غزة تذبح”.
وقال آخرون إن الشهيد أنس الشريف كان “صوتا حرا للحق، وعدسة صادقة وثقت معاناة شعبه وآلامهم، وترك للأمة إرثا من الكلمة الصادقة والصورة المشرفة”.
وصية انس الشريف التي كتبها منذ اربعة شهور
حسبنا الله ونعم الوكيل pic.twitter.com/7ccci5RAIa— hamzeh (@kasasbeh0) August 10, 2025
وأضافوا أن أنس كتب وصيته قبل نحو 4 أشهر، بعد تلقيه تهديدات وتحريضا من الجيش الإسرائيلي الذي تعمد استهدافه كما فعل مع عشرات الصحفيين وأبطال الحقيقة.
وأشار مدونون إلى أن هذه ليست مجرد وصية، بل “صرخة في وجه أمة استسلمت للصمت، وصك اتهام ضد عالم باع ضميره، وترك غزة تواجه الموت وحدها”، مؤكدين أن أنس كتب كلماته الأخيرة بمداد دمه ليقول للعالم: “إسرائيل قتلتني… لكنها لم تقتل الحقيقة”.
هذه ليست مجرد وصية، بل صرخة في وجه أمة استسلمت للصمت، وصكّ اتهام ضد عالم باع ضميره، وترك غزة تواجه الموت وحدها.
أنس الشريف، كتب كلماته الأخيرة بمداد دمه، ليقول للعالم: إسرائيل قتلتني… لكنها لم تقتل الحقيقة.
— عبده أحمد عبده الجحافي (@AbuMahmad817707) August 11, 2025
وقال أحد النشطاء: “تخيلوا أنس كتب وصيته في 6 أبريل… تخيلوا الناس في غزة كل كم يوم تكتب وصية وتواجه احتمال الموت… حتى يأتي يوم تموت فيه فعلا”.
وأضاف آخر: “أنس كتب وصيته قبل أن يقتلوه… كأنه كان يقرأ المستقبل بعيون الحقيقة”.
وكتب ناشط: “سنشتاق لبحة صوتك يا أنس.. ربنا يرحمك يا زميلنا الشجاع، أنت ومحمد قريقع الذي سنفتقد ثباته الملحمي، ومعكم كل زميل صحفي قدم روحه لأجل أن تظل التغطية مستمرة وصوت فلسطين واضحا”.
وعلق آخر: “وصية مبكية.. يا رجال الأعمال، هذه وصية رجل لم يدفن بعد”. وقال آخر: “وداعا يا أنس، لقد خذلك العالم، ستبقى كلماتك خالدة.. شاهدة.. حارقة، وستبقى فلسطين وغزة شامخة فوق الأرض وتحت الأرض”.
انشروا وصية الشهيد #انس_الشريف لتصبح وقود يشعل الضمائر للانتقام من هذا المحتل الغاصب.
هنيئا من كان #صوت_غزة دون استسلام ولا تنازل عن المبدأ pic.twitter.com/i6UguuvpQd— د.حمود النوفلي (@hamoodalnoofli) August 11, 2025
كما نعى نشطاء شهيدي الكلمة والحقيقة، أنس الشريف ومحمد قريقع، اللذين ارتقيا وهما يؤديان أسمى رسالة، رسالة الإعلام الحر، ورحلا وهما يحملان الكاميرا لا السلاح، والكلمة لا الرصاصة، ليخبرا العالم أن غزة تنزف وأن الحقيقة لا تقصف.
واعتبر معلقون أن أنس لم يكن مقاوما يحمل البندقية، لكنه امتلك سلاحا أقوى من القنابل؛ بكلماته وصوره التي زلزلت الكيان الإسرائيلي وأرعبت قلوبهم.
وصية مراسل الجزيرة أنس الشريف قبل اغتياله: عسى أن يكون الله شاهدا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا..
الله يرحمك يا اسد غزة ..
نسأل الله ان ينتقم من الصهاينة القتلة.. pic.twitter.com/wrnqyEpxnv— Sabri Apdu AL Rkeeb (@3a70kwVGSBhOA9e) August 11, 2025
وأشار مغردون إلى أن وصيته الأخيرة تذكير بأنه كان يعتبر نفسه أخا لكل فلسطيني، وأنه واجه تهديدات مباشرة من متحدثين ومسؤولين إسرائيليين، قبل أن يغتاله الاحتلال، تاركا وراءه شهادة جديدة على وحشية هذا العدو.
ومنذ أن نشر الفريق الذي يدير حساب الشهيد أنس الشريف بلغ عدد مشاهدات الوصية أكثر من 7 ملايين مشاهدة.