رعى أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس هيئة تطوير المنطقة الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، ورشة عمل «تنمية المحتوى المحلي للقطاع السياحي بالمنطقة»، بحضور وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب، وأمين المنطقة الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المنطقة المهندس فهد البليهشي.
وأعرب وزير السياحة عن شكره وتقديره لأمير منطقة المدينة المنورة على مشاركته في الورشة ومبادرته القيّمة لإثراء المحتوى المحلي في مختلف القطاعات، ومنها القطاع السياحي، مشيراً في كلمته إلى أن انعقاد هذه الورشة يؤكد إدراك جميع الأطراف لأهمية القطاع السياحي وإمكاناته الكبيرة في تنمية المحتوى المحلي.
وأوضح أنه بفضل دعم القيادة ووضوح المسار الذي رسمته رؤية السعودية 2030، تشهد المملكة نمواً غير مسبوق في أعداد الزوار الوافدين من الخارج وإنفاقهم، إذ تحوّل القطاع السياحي إلى مساهم رئيس في التنوع والنمو الاقتصاديين.
وبيّن أن المملكة تجاوزت للعام الثاني على التوالي حاجز الـ100 مليون سائح، مرحّبةً بنحو 116 مليون سائح محلي ووافد من الخارج في عام 2024م بنسبة نمو تجاوزت 6% مقارنة بعام 2023م، منهم نحو 30 مليون سائح وافد من الخارج بنسبة نمو فاقت 8%.
وأضاف أن عدد السياح خلال العام الحالي حتى نهاية الربع الثالث بلغ 90.7 مليون زائر من الداخل والخارج -وفقًا للأرقام الأولية- بنسبة نمو بلغت 4% عن العام الماضي.
وبفضل هذا النمو المستمر عززت المملكة صدارتها الدولية وفقاً لتقرير «الباروميتر» الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للسياحة لشهر مايو 2025م، إذ صُنّفت السعودية الأولى عالمياً في نسبة نمو إيرادات السياحة الدولية في الربع الأول من عام 2025م مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019م.
وأكد أن منطقة المدينة المنورة جزء من هذا النمو، إذ بلغ عدد الزوار القادمين من الخارج إلى المنطقة -كوجهة رئيسة وإضافية- في النصف الأول من عام 2025 نحو 6.7 مليون زائر بنسبة نمو 8% عن العام السابق، وبلغ إنفاقهم 24.3 مليار ريال بنسبة نمو 21%.
وعلى صعيد السياحة المحلية استقبلت المنطقة 3.7 مليون زائر محلي في النصف الأول من العام الحالي بنسبة نمو 4% عن العام السابق، ووصل إنفاقهم إلى 4.6 مليار ريال بنسبة نمو 19%، مما يعكس النمو المتسارع للقطاع في المنطقة والفرص الواعدة التي يفتحها أمام الشركات المحلية وأبناء وبنات المنطقة لدخول القطاع والمساهمة في تطويره من خلال محتوى محلي سعودي مبتكر.
وأشار وزير السياحة إلى أن المدينة المنورة تُعد من أبرز وجهات الزوار في المملكة، وأن الوزارة حريصة على تفعيل المدينة وجهةً لمختلف أغراض الزيارة، وتطوير البنية التحتية للقطاع من خلال دعم المستثمرين.
وأوضح أن وزارة السياحة افتتحت مكتبها في المدينة المنورة لتعزيز التواصل مع أطراف القطاع كافة، وتسهيل تقديم الخدمات والقيام بالمهمات الرقابية، مبيناً أن المكتب سيعمل على عقد لقاءات مع المستثمرين لتمكينهم، وتنفيذ الزيارات الميدانية وعمليات التفتيش ومراقبة الامتثال، إضافة إلى تمثيل الوزارة في المجالس واللجان المحلية.
وفيما يتعلق بدعم المشاريع، أوضح أن صندوق التنمية السياحي اعتمد تمويل 178 مشروعاً في منطقة المدينة المنورة، ستضيف نحو 2,000 غرفة ضيافة بإجمالي استثمارات تجاوزت 3.8 مليار ريال، بلغت مساهمة الصندوق فيها أكثر من مليار ريال، ومن أبرز هذه المشاريع: مشروع ملتقى المدينة، ومشروع بوابة سمو، ومشروع توسعة عاليات مول.
كما أشار إلى أن الصندوق يعمل على تمكين 162 منشأة صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر بوسائل مختلفة، منها التمويل المباشر الذي تجاوزت قيمته 150 مليون ريال.
ولفت النظر إلى أن وزارة السياحة حرصت منذ انطلاقتها على دعم الكوادر الوطنية عبر مبادرات متعددة تمكّن أبناء وبنات الوطن من قيادة القطاع والارتقاء به، وإبراز قيم الضيافة والحفاوة السعودية الأصيلة.
وبيّن أن الوزارة قدمت -التعاون مع أرقى الجامعات العالمية- أكثر من 680 ألف فرصة تدريبية على مستوى المملكة منذ عام 2020 حتى منتصف 2025، منها 38 ألف فرصة تدريبية منذ عام 2022، استفاد منها نحو 14 ألف متدرب من أبناء وبنات منطقة المدينة المنورة.
وأشار إلى أن البرامج التدريبية المستمرة تهدف إلى تمكين الكوادر الوطنية من شغل الوظائف السياحية وافتتاح مشاريع مبتكرة ترفع نسبة المحتوى المحلي، فضلاً عن المبادرات النوعية التي شملت التوطين ودعم الأجور ومبادرة «أجير مواسم السياحة».
وفي ختام كلمته أعرب وزير السياحة عن أمله في أن يكون هذا اللقاء منطلقاً لمزيد من الخطوات النوعية التي تحوّل المحتوى المحلي من داعم للقطاع إلى محرّك رئيس لنموه المتسارع، متمنياً لجميع المشاركين ورشة عمل مثمرة تشكّل محطة فارقة لمنطقة المدينة المنورة وأبنائها، وتمكّنهم من قيادة القطاع السياحي المزدهر فيها.
إثر ذلك استعرضت الورشة المزايا التنافسية لمنطقة المدينة المنورة، التي تشمل مكانتها الدينية بوصفها وجهة أساسية لضيوف الرحمن، وارتباط تاريخها بالسيرة النبوية، إلى جانب موقعها الجغرافي الحيوي وسهولة الوصول إليها عبر المنافذ الجوية والبحرية والطرق البرية ومحطة قطار الحرمين السريع، إضافة إلى خدمات منظومة النقل العام المتكاملة التي تسهّل حركة الزوار داخل المدينة.
كما تناولت الورشة القطاعات الثقافية المتنوعة في المنطقة، ومن ذلك المعارض والمتاحف والمكتبات وفنون الطهي والأزياء وفنون العمارة المحلية والحرف اليدوية التي تُبرز هوية المدينة المنورة وموروثها الثقافي، إلى جانب التنوّع البيئي والجغرافي الطبيعي بما تحويه من مزارع ومحاصيل زراعية مميزة، فضلاً عن البرامج التعليمية النوعية التي تعزّز مكانة المدينة بوصفها مركزاً للتعلّم والمعرفة.
وبحث المشاركون في الورشة ممكنات القطاع السياحي في المدينة المنورة، بما يشمل تطوير مرافق الإيواء وقطاع الضيافة، وتعزيز شبكة النقل، وتنمية قطاع الأغذية والمشروبات، وإنشاء وجهات جديدة تسهم في إثراء تجربة الزوار، إلى جانب استحداث برامج أكاديمية متخصصة تُسهم في تنمية الكفاءات الوطنية بما يضمن استدامة هذا القطاع الحيوي.
واستعرضت هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة مسيرة العمل في مأسسة القطاع السياحي عبر إنشاء مكتب تنمية الوجهة ليكون أحد الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات القطاع في المنطقة، إذ يعمل على رفع جاهزية المواقع السياحية والأثرية، وتطوير العروض والخدمات المقدّمة للزوار، وتعزيز الشراكات الإستراتيجية مع أكثر من 60 جهة من القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تفعيل التكامل المؤسسي وتوحيد الجهود التنموية.
كما شاهد المشاركون فيلماً استعرض إنجازات تنمية القطاع السياحي، وتم خلال الورشة تحديد عدد من المبادرات التحوّلية ذات الأولوية تمهيداً لاعتمادها ضمن خطة تنفيذية تسهم في تطوير القطاع السياحي ورفع جاهزيته، بما يعزّز من مكانة المدينة المنورة وجهة سياحية رائدة.
يُذكر أن ورشة تنمية المحتوى المحلي للقطاع السياحي، التي شارك فيها ممثلون عن الجهات الحكومية والخاصة، شهدت عقد 6 حلقات عمل لمناقشة المبادرات التحوّلية وتطوير الأفكار والمقترحات واستعراض المبادرات التنموية في عدد من المحاور ذات الأبعاد السياحية، وذلك في إطار جهود منظومة السياحة لتعزيز الشراكة مع الجهات ذات الصلة لتطوير القطاع السياحي في المنطقة.
أخبار ذات صلة