تتوقع الولايات المتحدة أن ترد أوكرانيا، اليوم الأربعاء، على إطار عمل لاتفاق سلام يتضمن اعترافا أميركيًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم واعترافا غير رسمي بسيطرتها على معظم المناطق التي احتلتها منذ عام 2022، وفقا لمصادر مطّلعة على الاقتراح تحدثت إلى موقع أكسيوس.
ونقل أكسيوس عن مصدر مقرب من أوكرانيا أن كييف ترى أن الاقتراح الأميركي منحاز بشدة لصالح روسيا، وينص بوضوح شديد على مكاسب ملموسة لها. وأشار المصدر إلى أن الاقتراح يورد بشكل غامض وعام ما ستحصل عليه أوكرانيا.
كذلك أفادت مصادر للموقع بأنه من المتوقع أن يكون الاقتراح الأميركي جزءا من المناقشات في محادثات لندن بشأن أوكرانيا المقررة اليوم الأربعاء، كما نقل الموقع عن مسؤول أميركي عن وجود مؤشرات أوكرانية على الرغبة في بحث وقف إطلاق نار لمدة 30 يوما، بدلا من إطار خطة ترامب للسلام.
وتصف الوثيقة، التي تتألف من صفحة واحدة، والتي قدمتها الولايات المتحدة لمسؤولين أوكرانيين في باريس الأسبوع الماضي، هذا الإطار على أنه “العرض الأخير” من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويصر البيت الأبيض على أنه مستعد للانسحاب من الوساطة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبا.
ويتطلب اقتراح ترامب تقديم تنازلات كبيرة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان قد استبعد سابقا قبول احتلال روسيا للقرم وأجزاء من 4 مناطق في شرق أوكرانيا.
ورغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد عرض -وفقا للتقارير- تجميد خطوط القتال الحالية في سبيل التوصل لاتفاق، فإنه سبق أن رفض عناصر أخرى من الإطار الأميركي، مثل وجود قوات حفظ سلام أوروبية على الأراضي الأوكرانية.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن مصادر مطلعة أن بوتين عرض خلال اجتماع مع ويتكوف في سان بطرسبرغ هذا الشهر وقف الغزو الروسي عند خط المواجهة والتخلي عن مطالبات موسكو بالسيطرة الكاملة على أربع مناطق أوكرانية.
ما الذي ستحصل عليه روسيا بموجب اقتراح ترامب؟
- اعتراف “رسمي قانوني” من الولايات المتحدة بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم.
- اعتراف “فعلي وغير رسمي” باحتلال روسيا لمعظم منطقة لوغانسك، والمناطق المحتلة من دونيتسك، خيرسون وزاباروجيا.
- وعد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) (مع ملاحظة إمكانية انضمامها للاتحاد الأوروبي).
- رفع العقوبات المفروضة منذ عام 2014.
- تعزيز التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة، خصوصا في قطاعات الطاقة والصناعة.
ما الذي ستحصل عليه أوكرانيا بموجب اقتراح ترامب؟
- “ضمان أمني قوي” يشمل مجموعة من الدول الأوروبية ودولا غير أوروبية “ذات فكر مشابه”، لكن الوثيقة غامضة بشأن طبيعة هذه القوة أو كيفية عملها، ولا تذكر مشاركة أميركية.
- استعادة جزء صغير من منطقة خاركيف التي تسيطر عليها روسيا.
- مرور غير معاق على نهر دنيبرو، الذي يشكل خط جبهة في جنوب أوكرانيا.
- تعويضات ومساعدات لإعادة الإعمار، لكن الوثيقة لا تحدد مصدر التمويل.
عناصر أخرى في الخطة
محطة زاباروجيا للطاقة النووية – أكبر محطة في أوروبا- ستُعتبر أرضا أوكرانية، لكن تديرها الولايات المتحدة، مع تزويد الكهرباء لأوكرانيا وروسيا على حد سواء.
الوثيقة تشير إلى اتفاقية المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، التي قال ترامب إنها ستُوقّع يوم الخميس.
وتمت صياغة الخطة بعد لقاء ستيف ويتكوف –مبعوث ترامب– مع بوتين لأكثر من 4 ساعات الأسبوع الماضي.
وبعد عرض الخطة، قدّم بوتين عرضا لتجميد الحرب الروسية على طول خطوط التماس الحالية ضمن اتفاق محتمل، حسب ما أفادت به صحيفة فايننشال تايمز.
يُعدّ هذا أكبر إشارة حتى الآن من بوتين على استعداده لإبرام اتفاق السلام، لكن المسؤولين الأوروبيين لا يزالون متشككين.

مفاوضات موسكو ولندن
وأعلن البيت الأبيض -أمس الثلاثاء- أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيتوجه إلى موسكو في وقت لاحق من هذا الأسبوع لعقد اجتماعه الرابع مع بوتين.
ومن المتوقع أن يتغيب ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو عن محادثات تُعقد في لندن اليوم الأربعاء، بسبب مشاكل تتعلّق بالجدول الزمني، حسبما أفادت به متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مشيرة إلى أنّ المبعوث الأميركي كيث كيلوغ سيشارك فيها.
وينتظر أن يكون الاقتراح الأميركي موضوعا رئيسيا في هذه المحادثات.
وقال مسؤول أميركي مشارك في المحادثات إن روبيو وويتكوف عملا معا “لتطوير إطار يقربنا من إنهاء الحرب”. لكن، خلال الـ24 ساعة الماضية، ظهرت إشارات من الجانب الأوكراني برغبتهم في مناقشة وقف إطلاق نار لمدة 30 يوما خلال اجتماعات لندن، بدلا من إطار خطة السلام التي اقترحها ترامب.
وأضاف المسؤول أنه “تم اتخاذ القرار بعدم سفر روبيو إلى لندن، وبدلا من ذلك، سيواصل الوفد الأميركي المحادثات مع نظرائه في المملكة المتحدة وأوكرانيا”.
وغرّد روبيو قائلا إنه أجرى محادثة “مثمرة” مع نظيره البريطاني ويتطلع إلى “المتابعة” بعد محادثات لندن.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت للصحفيين أمس الثلاثاء إن “المفاوضات مستمرة ونأمل أن نكون على الطريق الصحيح”.
ولفتت إلى أن ترامب “يريد انتهاء هذه الحرب، ويريد وقف القتل”، مشيرة إلى أن سيّد البيت الأبيض “يشعر بالإحباط إزاء طرفي هذه الحرب، وقد أعلن ذلك”.
ويسعى القادة الأوروبيون جاهدين لإيجاد سبل لدعم أوكرانيا في حال سحب ترامب الدعم العسكري والمالي الحيوي المقدم من واشنطن.

تصريحات زيلينسكي
في غضون ذلك، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ كييف مستعدّة لإجراء محادثات مباشرة مع موسكو بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال زيلينسكي، في إفادة صحفية عشية محادثات مهمّة ستجري في لندن بشأن تسوية محتملة للصراع، “نحن مستعدّون لتسجيل أنّه، بعد وقف إطلاق النار، نحن مستعدّون للجلوس بناء على أيّ صيغة” ممكنة.
وأكد الرئيس الأوكراني أن “الأولوية القصوى” لفريقه في محادثات لندن ستكون فكرة “وقف إطلاق نار غير مشروط”.
وكان زيلينسكي أعرب عن رغبته في “رد واضح” من روسيا على اقتراحه بشأن هدنة جديدة في الهجمات ضد المنشآت المدنية، بعدما أشار بوتين إلى رغبته في “دراسة” هذا الاقتراح.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف -الثلاثاء- أن بوتين “مستعد للبحث في الأمر”، لكن موسكو تريد “أولا أن تعرف إذا ما كان الجانب الأوكراني مستعدا” لمثل هذا الوقف في إطلاق النار.
وأشار أيضا بعد يومين من هدنة عيد الفصح التي أعلنها بوتين إلى أنه “إذا تحدثنا عن المنشآت المدنية، فيجب أن نفرق بوضوح بين المواقف التي يمكن فيها استخدام هذه المنشآت لأغراض عسكرية وتلك التي لا يمكن استخدامها فيها”.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 3 أشهر، فشل ترامب في الحصول على تنازلات من الرئيس الروسي لوقف هجوم قواته في أوكرانيا، وذلك بعدما كان قد تعهّد خلال حملته الانتخابية بإبرام اتفاق سريع بين موسكو وكييف.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن ترامب أنه يأمل في التوصل إلى اتفاق “هذا الأسبوع” من دون مزيد من التفاصيل.
وتسيطر القوات الروسية على حوالي خُمس الأراضي الأوكرانية، وقتلت عشرات الآلاف منذ حربها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وبعد رفضه عرضا أميركيًا أوكرانيًا لوقف إطلاق نار كامل وغير مشروط الشهر الماضي، أعلن بوتين هدنة مفاجئة بمناسبة عيد الفصح خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأعلن مسؤولون أوكرانيون أن حدة القتال انخفضت خلال الـ30 ساعة (مدة الهدنة)، لكن روسيا شنت هجمات جديدة على مناطق سكنية يومي الاثنين والثلاثاء.
ووصفت كييف وحلفاؤها الهدنة بأنها مجرد حملة علاقات عامة من جانب بوتين.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو -في حديث لإذاعة فرانس إنفو- أن “هدنة عيد الفصح التي أعلنها بوتين بشكل غير متوقع نوعا ما، كانت عملية تسويقية، ومحاولة لكسب التأييد تهدف إلى منع الرئيس ترامب من الشعور بنفاد الصبر والغضب”.

غارات روسية
وفي أحدث التطورات الميدانية، قال الحاكم الإقليمي لمنطقة زاباروجيا، إيفان فيدوروف، على تلغرام إن قنابل روسية موجهة قتلت الثلاثاء شخصا وأصابت 23 في حي سكني في مدينة زاباروجيا الجنوبية.
كما أصابت الغارات الروسية 6 أشخاص آخرين في مدينة خيرسون الجنوبية، و7 في خاركيف، شمال شرقي البلاد.
وأعلن الجيش الروسي أنه سيطر على قرية صغيرة في منطقة دونيتسك الشرقية، حيث تتقدم قواته.
وبالموازاة مع ذلك، أعلنت كييف مساء الثلاثاء استدعاء السفير الصيني للتعبير عن “قلقها البالغ” إزاء معلومات عن انخراط مقاتلين صينيين في الجيش الروسي وتقديم شركات صينية دعما لموسكو في صنع معدات عسكرية.