كلما تعرضت المنطقة العربية لصدام عسكري واحتقان سياسي، برز اسم الشقيقة الكبرى السعودية، في الواجهة السياسية والدبلوماسية، إقليمياً ودولياً، فهي الدولة التي تحتضن البراغماتية في سياساتها ومواقفها، وتجيد دور تقريب وجهات النظر، خصوصاً حيال مستجدات القضية الفلسطينية وتعقيداتها العسكرية.
إن أجراس السلام السعودية ليست وليدة اللحظة، بل لها جذور وتاريخ سياسي راسخ، ظهرت أبرز تجلياته في مبادرة «مكره أخاك لا بطل» في العام 2002 الذي تبناها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بشأن إحلال السلام في الشرق الأوسط.
قال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز حين كان ولياً للعهد: «التفت يميناً وشمالاً، ولم أجد حلاً، فقد أقفلت الأبواب فيما العدوان الإسرائيلي مستمر بالدبابات والشعب الفلسطيني يواجهه بالحجارة، وفي ظل هذه الظروف نقلت مبادرتي ولأختبر أيضاً مدى الجدية».
«لقد فكرت في هذه المبادرة لخدمة الإسلام فهو دين السلام والمحبة والأخوة والأخلاق، ولأثبت أيضاً أن المسلمين والعرب دعاة سلام لا دعاة حرب عكس ما كان يتصوره البعض سابقاً بأن المسلمين والعرب لا يريدون السلام».
«إن المسلمين والعرب دعاة سلام، وبعض الإسرائيليين لا يرغبون السلام»، «فإن قبل الإسرائيليون بها فسنعيش بسلام وأمان ولا قتال بيننا».
لقد وصلت أجراس السلام السعودية إلى الآذان الأكثر صمماً على الساحتين الدولية والإقليمية، لكنها ما تلبث أن تواجه بالتمرد من قبل تنظيم «الإخوان المسلمين»، وجماعة «الإخوان» في الكويت على وجه خاص.
فحين أعلنت فرنسا مؤخراً عزمها على الاعتراف في دولة فلسطين، نجد أن فنون النكران لدى جماعة الإسلام السياسي في الكويت لم تحفزهم على الاعتراف بالخطأ السياسي، أو حتى الاعتذار للرياض بعد السموم التي بثوها ضد السعودية منذ عملية «الأقصى»!
إن جماعة الإخوان المسلمين في الكويت، وفي العالم وحركة «حماس»، بصفتها جناح الإخوان الفلسطيني، اعتادوا المكابرة ورفض الاعتراف بالأخطاء مع التركيز على تصويب السهام نحو السعودية، في صمت لافت أمام المبادرة الفرنسية، ومن يقف خلفها.
بطبيعة الحال، السعودية لا تنتظر من جماعة «الإخوان المسلمين» الشكر أو العرفان، فهي تقدم مبادرات السلام من منطلق مسؤولية سياسية، وإنسانية، لا من باب المنّة أو الفضل على الفلسطينيين، والفصائل الأخرى أو حركة «حماس» تحديداً.
إن الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع «غزة» وسكانه، لم تدفع «حماس» على مراجعة مواقفها أو القبول في الحلول والمبادرات السعودية، أو الوساطة القطرية، بل استمرت في مسلسل التعنّت السياسي، والعسكري، من دون ليونة «حمساوية» من أجل الشعب الفلسطيني وليس الشعوب الأخرى.
الضمير العالمي عبّرت عنه فرنسا مؤخراً، وقد تنظم إليه دول غربية أخرى، لكن؛ هل الضمير «الحمساوي» قادر على تحقيق العدالة، والكرامة للشعب الفلسطيني، وحماية، وصون حقوق الإنسان الفلسطيني؟
وأمام هذه التطورات الإيجابية في المواقف الدولية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين؛ هل يمكن أن نتطلع إلى مبادرة سلام فلسطينية أو على الأقل تفويض فلسطيني للسعودية ودول التعاون الخليجي لتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط، بدلاً من حروب التوحش، والتجويع، والدمار؟
أخبار ذات صلة