ولكن هذه صورة ناقصة للصين وتطغى عليها الصورة النمطية التقليدية، وإذا اكتفيت بها فإنك حرمت نفسك من الصورة الكاملة لبلد مهم وصاحبة تاريخ كبير. الصين هي البلاد التي خرج منها كونفيوشس أحد أهم الفلاسفة والحكماء الذين عرفتهم البشرية. وهي أيضاً التي أنجبت صن تزوي القائد العسكري الاستثنائي صاحب كتاب «فن الحرب» الذي أصبح مرجعية للإستراتيجية والإدارة حول العالم. وهي البلاد التي اخترعت الورق والطباعة وخطفها الغرب منها ونسبها لنفسه تماماً كما فعل الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو عندما أخذ فكرة «النودلز» الصينية لتتحول إلى عجينة السباجيتي الشهيرة بعد عودته من الصين إلى إيطاليا.
والصين التي شهد تاريخها القديم موجات من النهضة والعلوم والمعرفة حتى وصلت إلى مرحلة الظلام بسبب مآسي الثورة الثقافية واليوم وبسبب قيادة الرئيس تشي جين بينغ الذي سيدخل التاريخ، باعتباره أكثر زعماء الصين في العصر الحديث أهمية وتأثيراً بعد دينج زياو بينج، تشهد الصين تطوراً نوعياً مهماً في مجالات العلوم والطب والتقنية والفضاء والأمن.
فاليوم الصين أعلنت تمكن أطبائها من القضاء على مرض السكري عن طريق العلاج بالخلايا الجذعية، وهبط المسبار الصيني على الجانب المظلم من كوكب القمر، وأعلنت الصين عن تطوير مهم في طائرتها المدنية كوماك سي 919 لتكون منافساً جديّاً لطائرات البوينج والإيرباص.
الصين تتغير وتنمو وتقوى وتؤثر. عندما كان الزعيم الفرنسي التاريخي الامبراطور نابليون بونابارت يتجه شرقاً قال مقولته الشهيرة في وصف الصين: «دعوا الصين نائمة؛ لأنها إذا استيقظت فسوف تزعزع العالم». الصين تريد دوراً جديداً لها في العالم، وهي ركزت في تنمية هذا الدور المنشود في ساحات بعيدة عن اهتمام الغرب التقليدي وتحديداً في القارة الأفريقية وأمريكا الجنوبية. وكانت إحدى خطط الصين في أفريقيا توطين 10 ملايين صيني في القارة السمراء بحلول عام 2010، وهو ما تحقق فعلاً، وسيطرت بذلك اقتصاديا على دول عديدة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
إذا سألت نفسك مجدداً ما الذي تعرفه عن الصين ستجد نفسك مندهشاً من الكم الهائل من المعلومات المستجدة والكثيرة عن بلد يتعاظم شأنه، وتزداد أهميته مع مرور الوقت.