تستعد السلطات في مدينة صور بجنوب لبنان لتشييع جثامين العشرات ممن قضوا جراء القصف الإسرائيلي الذي طال عشرات المدن والبلدات في مختلف أنحاء البلاد، وسط خروقات متكررة للهدنة الهشة بين حزب الله وإسرائيل.
وقال مراسل الجزيرة إن طائرة مسيّرة إسرائيلية أغارت اليوم الثلاثاء على محيط بلدة بيت ليف جنوبي لبنان.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت، في وقت متأخر مساء أمس الاثنين، مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 جراء غارتين إسرائيليتين استهدفتا بلدتي حاريص وطلوسة في جنوب لبنان، في حصيلة قتلى هي الأفدح جراء هجمات منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ الأسبوع الماضي.
في غضون ذلك، تستعد السلطات المحلية في مدينة صور لتشييع جثامين 192 قتيلا سقطوا جراء القصف الإسرائيلي على المدينة.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية إن “فرق الدفاع المدني والإسعاف الصحي والهيئة الصحية الإسلامية في المدينة تعمل على استعادة جثامين الشهداء ليصاروا إلى تشييعهم في مثواهم الأخير”.
وقال رئيس أطباء قضاء صور الدكتور وسام غزال إن وزارة الصحة العامة والدفاع المدني واتحاد بلديات قضاء صور وبلدية صور ووحدة الكوارث الطبيعة في اتحاد البلديات تتعاون للمساعدة في تشييع 192 شهيدا خلال هذه العمليات الإنسانية”.
خروقات جديدة
في غضون ذلك، قالت الوكالة إن إسرائيل خرقت اتفاق الهدنة من خلال سلسلة غارات جوية شنتها على قضائي صور وبنت جبيل، وأوضحت أن الطيران الحربي الإسرائيلي أغار على عدد من القرى والبلدات في القضاءين.
كما أوضحت أن الجيش الإسرائيلي أعلن انتهاء عملياته، لكنه عاد قبيل الفجر وأطلق قنابل مضيئة وبالونات حرارية فوق عيتا الشعب جنوبي البلاد.
وقالت الوكالة إن هذه الأجواء المتوترة انعكست على حركة الحياة اليومية للأهالي العائدين من رحلة النزوح الشاقة، وهي مدعاة لبث الخوف في نفوسهم من تكرار تلك التجربة.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت أمس الاثنين مقتل شخص على الأقل في بلدة مرجعيون إثر ضربة نفّذتها مسيّرة على دراجة نارية، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.
كما قال الجيش اللبناني إن جنديا أصيب بجروح في غارة من مسيرة إسرائيلية على جرافة للجيش في منطقة “حوش السيد علي” في البقاع شرقي البلاد.
ومساء الاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم “عشرات المنصات الصاروخية والبنى التحتية التابعة لحزب الله في أنحاء لبنان”، وأضاف -في بيان- أنه مستعد لمواصلة الهجمات، حسب الحاجة. وقالت القناة العبرية الـ12 إن الجيش الإسرائيلي أغار على 30 هدفا في لبنان.
مخاوف من انهيار الهدنة
ورغم ذلك، أفاد موقع أكسيوس -نقلا عن مصادر- بأن الإدارة الأميركية أعربت سرا للإسرائيليين عن قلقها من احتمال انهيار وقف إطلاق النار.
وكشفت أن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق من احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان.
وقال أكسيوس -نقلا عن مسؤول أميركي- إن الإسرائيليين مارسوا ما وصفها بلعبة خطيرة الأيام الأخيرة.
وأضاف أن المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين أبلغ إسرائيل أنه يتعين عليها إفساح المجال لآلية مراقبة وقف إطلاق النار، معربا عن قلقه بشأن ضرباتها المستمرة في لبنان.
لكن الموقع الإخباري الأميركي نقل عن مصادر مطلعة أيضا أن إسرائيل ولبنان أبلغا البيت الأبيض التزامهما بوقف إطلاق النار رغم الخروقات على الحدود.
وفي السياق، قال موقع والا الإخباري الإسرائيلي -نقلا عن مصادر- إن وزير الشؤون الإستراتيجية أكد لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن إسرائيل تريد الحفاظ على الاتفاق في لبنان.
ونقل مراسل الجزيرة في البنتاغون عن مصادر مطلعة قولها إن الولايات المتحدة على اتصال وثيق بالمسؤولين الرفيعين في لبنان وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار، وقالت المصادر للجزيرة إن الطرفين كررا الالتزام بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
آلية مراقبة
وذكرت المصادر أن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها للحفاظ على وقف إطلاق النار، وتعتقد أنه سيصمد. وحسب هذه المصادر، تعمل الولايات المتحدة يوميا مع فرنسا ولبنان وإسرائيل عبر آلية مراقبة وقف إطلاق النار لمعالجة أي إشكالات.
وأضافت المصادر أن معالجة الخروقات ستصبح أكثر سلاسة الأيام المقبلة مع تفعيل فريق آلية مراقبة إطلاق النار الذي وصل لبنان ليباشر عمله.
وقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل من انتهاكها بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت المصادر إن هناك انتهاكات إسرائيلية للاتفاق، أبرزها عودة مسيرات إسرائيلية للنشاط في سماء بيروت.
وأفاد مسؤول فرنسي لصحيفة يديعوت أحرونوت بأن بلاده تخشى انهيار وقف إطلاق النار.
وأضاف أن باريس على اتصال مستمر مع قائد الجيش اللبناني ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وأنهم ملتزمون بالعمل على الحفاظ على وقف إطلاق النار.
ويسري منذ فجر الأربعاء الماضي وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل وضع حدا لنزاع بدأ قبل أكثر من عام بين الطرفين، غداة شن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى.