انتخب النائب الكردي ريبوار طه محافظا لكركوك والنائب العربي إبراهيم الحافظ رئيسا لمجلس المحافظة؛ في اجتماع عقد في العاصمة العراقية بغداد في 10 أغسطس/آب الجاري.
وجاء هذا الاجتماع في أعقاب دعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في يوليو/تموز الماضي، ضمن محاولاته لحل الخلافات السياسية في محافظة الكركوك، حيث لم يجتمع مجلس المحافظة إلا مرة واحدة منذ الانتخابات.
وقد أصدر الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مرسوما بتسلم ريبوار طه منصب المحافظ رسميا.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أُجريت انتخابات مجالس المحافظات العراقية، ومن ذلك محافظة كركوك التي تضم 16 مقعدا.
وأفرزت نتائج الانتخابات تقاربا واضحا بين الكتل العربية والكردية، حيث حصلت الكتلة العربية على 6 مقاعد، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني على 5 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكردستاني على مقعدين، بينما حصلت الكتل التركمانية على مقعدين والمسيحيون على مقعد واحد ضمن ما يُعرف بـ”الكوتا”.
الاجتماع غير دستوري؟
وتم انتخاب طه والحافظ خلال الاجتماع ضمن اتفاق لتحالف بين كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب “تقدم” العربي، بدعم من المقعد المسيحي، بينما قاطع الاجتماع أعضاء آخرون من العرب والتركمان ونواب من الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وعدّ المعارضون الجلسة غير دستورية بسبب غياب جميع المكونات الممثلة للمحافظة، وهددوا برفع دعاوى قضائية تطعن بصحة الجلسة.
كذلك اتهم النائب العربي خالد المفرجي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بمحاولة فرض هيمنته على المحافظة، معتبرا أن ذلك أضاع فرصة لتحقيق توافق يضمن استقرار كركوك.
وتعدّ محافظة كركوك، التي تقع شمال العاصمة العراقية بغداد بحوالي 300 كيلومتر، واحدة من أكثر المناطق تعقيدا في العراق من حيث التنوع العرقي والمذهبي.
وتضم المحافظة مجموعات متنوعة من العرب والأكراد والتركمان بالإضافة إلى أقلية مسيحية، وذلك جعلها مركزا للصراعات السياسية والطائفية طوال سنوات عديدة. وفضلا عن ذلك، تعد كركوك منطقة إستراتيجية تربط وسط العراق بشماله الشرقي، وتقع فوق بحر من النفط يعدّ أحد أهم مواردها الاقتصادية.
من جانبها، عبرت النائبة التركمانية سوسن شاكر عبد الواحد عن قلقها من أن تؤدي هذه التجاذبات السياسية إلى تفاقم الوضع في كركوك، داعية إلى تعزيز التعايش بين المكونات المختلفة في المحافظة.
وأشارت إلى أن ما حدث في فندق الرشيد يُعدّ خرقا للثقة والعملية السياسية، داعية رئيس الوزراء إلى التدخل العاجل.
على الجانب الآخر، دافع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عن العملية الانتخابية، مؤكدا أن المفاوضات جرت بشفافية وأن الاتهامات بالخيانة التي وُجّهت إلى الأعضاء العرب الذين شاركوا في الجلسة غير مبررة.
وفي الميدان، أعلن محافظ كركوك الجديد برنامجه الذي يركز على إعمار المحافظة وتحقيق السلم الاجتماعي بين مكوناتها، بينما ينتظر الجميع تصديق القضاء ورئاسة الجمهورية على تعيينه رسميا.
ومع كل هذه التطورات، يبقى استقرار محافظة كركوك هو الهم الأكبر للجميع، حيث يرى الباحث السياسي شاهو القره داغي أن انتخاب المحافظ الجديد خطوة مهمة لكنها ليست ضمانا للاستقرار التام.
وحذر القره داغي من أن التوترات بين الأحزاب المختلفة قد تعرقل جهود تحقيق الاستقرار السياسي في حال لم يتم التعامل مع الوضع بحذر.
ومنذ الغزو الأميركي للعراق في 2003 أصبحت كركوك بؤرة للصراع بين العرب والأكراد وبين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.
ورغم محاولات تسوية النزاع عبر المادة 140 من الدستور العراقي التي تنص على تسوية أوضاع المناطق المتنازع عليها، فإن هذا الحسم أُجّل مرارا بسبب تعقيدات سياسية وأمنية.