احصل على ملخص المحرر مجانًا
تختار رولا خلف، رئيسة تحرير صحيفة الفاينانشال تايمز، قصصها المفضلة في هذه النشرة الأسبوعية.
الكاتب مساعد الوزير للشؤون السياسية والمبعوث الخاص لوزير الخارجية الإماراتي
قبل أسبوعين، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإجلاء مجموعة من الأطفال المصابين بجروح خطيرة ومرضى السرطان من قطاع غزة إلى أبوظبي. وكانت هذه هي المهمة الثامنة عشرة التي قمنا بها للتخفيف من الكارثة الإنسانية في غزة على مدى الأشهر التسعة الماضية. لقد قمنا بتسليم ما يقرب من 39 ألف طن من الإمدادات العاجلة، وأنشأنا ست محطات لتحلية المياه، ووفرنا مستشفى عائمًا لعلاج الجرحى ونشرنا مستشفى ميدانيًا. وبالتعاون مع شركائنا، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في الخطوط الأمامية للاستجابة للمعاناة في غزة.
وبعد مقتل نحو 40 ألف شخص وإصابة نحو 90 ألف آخرين، وفقاً لمسؤولين فلسطينيين، بات من الواضح أن وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن والسجناء أمر حيوي ــ وهو ما دعونا إليه بلا هوادة خلال فترة عضويتنا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي انتهت مؤخراً. ونحن نعرب عن دعمنا الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة.
وبينما يدرس المجتمع الدولي كيفية التعامل مع فترة ما بعد الصراع في غزة، أوضحت الإمارات العربية المتحدة أن الهدف لا يمكن أن يكون العودة إلى الوضع الراهن قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأي جهد “بعد اليوم” لابد أن يغير بشكل جذري مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نحو إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام وأمن مع دولة إسرائيل. ولابد أن تؤدي استجابتنا الجماعية لأهوال الحرب والاحتلال إلى سلام مستدام وعادل.
ولهذا السبب يتعين علينا أن نسعى معاً إلى وضع استراتيجية كفيلة بكسر دائرة العنف في غزة وإرساء الأساس لمستقبل مختلف لإسرائيل وفلسطين. وتتلخص الخطوة الأولى في مثل هذا الجهد في نشر بعثة دولية مؤقتة تستجيب للأزمة الإنسانية، وترسي القانون والنظام، وتضع الأساس للحكم، وتمهد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سلطة فلسطينية شرعية واحدة.
ويمكن لبعثة دولية مؤقتة تركز على هذه الأولويات الأربع أن تشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية أوسع لمساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق تطلعاته الوطنية المشروعة إلى إقامة الدولة من خلال مفاوضات ذات مغزى.
إن الوجود الدولي المؤقت في غزة لا يمكن أن ينشأ إلا من خلال دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية. ولابد أن يأتي هذا من حكومة يقودها رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والمصداقية والاستقلال، وعلى استعداد لمعالجة الإصلاحات الضرورية لتحسين الحكم لجميع الفلسطينيين، وقادر على تحمل مسؤولية إعادة بناء غزة.
إن إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، لابد وأن تقوم بدورها أيضاً لإنجاح مثل هذه الجهود. ذلك أن غزة لن تتمكن من التعافي إذا استمرت في العيش تحت الحصار. ولن يتسنى إعادة إعمارها إذا لم يُسمح للسلطة الفلسطينية الشرعية بتحمل مسؤولياتها. ولن تنجح أي جهود إذا استمرت عمليات بناء المستوطنات والعنف والتحريض على العنف في الارتفاع في الضفة الغربية المحتلة.
إن مثل هذه المهمة سوف تحتاج إلى الدعم الكامل والثابت من جانب كل الأطراف المعنية الملتزمة بالسلام. وبفضل القدرات والموارد المختلفة المتاحة لنا، يستطيع كل منا أن يلعب دوراً حاسماً في هذه العملية. وبوسع البلدان في المنطقة أن تساهم بشكل كبير، بل ويتعين عليها أن تساهم بشكل كبير، لأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يصب في مصلحتنا أولاً وقبل كل شيء.
وإلى جانب الجهات الفاعلة الإقليمية، تظل الزعامة الأميركية، سواء في مجال تعافي غزة أو في الجهود الرامية إلى إحياء آفاق السلام، أمراً لا غنى عنه. ومن العوامل الحاسمة لتحقيق النجاح الالتزام الأميركي المعزز والصريح بتحقيق حل الدولتين، وتشجيع الإصلاحات الفلسطينية والشراكة الإسرائيلية، فضلاً عن دعم المهمة الدولية التي نقترحها هنا.
إذا كان من المقرر أن يأتي الاستقرار والتعافي بعد انتهاء الصراع من وقف إطلاق النار، فلا بد أيضاً من وجود مراقبة صارمة ونظام لفرض شروط وقف إطلاق النار.
وأخيرا، من أجل تفعيل خطة استجابة إنسانية فعّالة تبدأ عملية تعافي غزة، لا يجوز لبعثة دولية مؤقتة، ولا ينبغي لها، أن تسعى إلى استبدال الأمم المتحدة أو عمل وكالاتها على الأرض. بل يتعين عليها بدلا من ذلك أن تعمل في شراكة مع منظومة الأمم المتحدة وأن تعمل على تعزيز مواردها وتفويضها.
إننا لا نستسلم لأي أوهام. فنحن ندرك أن إحراز تقدم في هذا الجهد سيكون بالغ الصعوبة. ولكن من واقع خبرتنا الطويلة في هذا الصراع، فإننا على ثقة من أن أغلب الإسرائيليين والفلسطينيين يتوقون إلى السلام. ونحن نعتقد أن مهمة تحقيق الاستقرار والتعافي هذه تشكل طريقاً للخروج من الصراع وتحقيق هذا الشوق.