18/4/2025–|آخر تحديث: 18/4/202510:46 م (توقيت مكة)
في مشهد غير مسبوق منذ احتلال القدس عام 1967، يشهد المسجد الأقصى موجة من الاقتحامات المتتالية تجاوزت حدود الاستفزاز لتصل إلى مرحلة فرض أمر واقع جديد.
فعلى مدار 5 أيام متواصلة، تدفق نحو 7 آلاف مستوطن إلى ساحات الحرم القدسي الشريف في صورة تعكس تحولا خطيرا في مسار الصراع.
“الأقصى مستباح”.. هكذا استهلت فاطمة التريكي تقريرها المصور، وهي تنقل مشاهد صادمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المسجد المبارك، حيث دخل المستوطنون بالآلاف، في جماعات وفرادى، يرقصون ويغنون ويؤدون شعائر تلمودية في استعراض قوة متصاعد.
وفي مشهد مواز، كما رصدت التريكي، يتمايل وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير داخل الحرم الإبراهيمي في الخليل، متنقلا بين المقدسات الإسلامية بحرية تامة، “رائحا غاديا مقتحما” دون أن يجد من يوقفه أو يعترض طريقه، في تحدٍّ سافر للمشاعر الدينية والتاريخية للمسلمين.
وتحمل هذه المشاهد في طياتها مفارقة مؤلمة، ففي زمن غير بعيد، كانت مثل هذه الاستفزازات كفيلة بإشعال المنطقة برمتها وإطلاق موجات غضب تهتز لها العواصم العربية والإسلامية.
فقبل 25 عاما فقط، أشعل اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون للمسجد الأقصى انتفاضة فلسطينية واسعة، واندفع الناس إلى الشوارع في كل أنحاء العالم الإسلامي احتجاجا.
بينما يخيّم اليوم صمت مطبق “من المحيط إلى المحيط، ومن المحيط إلى الخليج”، كما تصفه معدة التقرير، فيما يرى مراقبون أن الدماء الفلسطينية التي تُسفك منذ شهور على مرأى العالم في إبادة لا هوادة فيها، مقترنة بردود الفعل العربية الهزيلة، قد دفعت إسرائيل لتجاوز مرحلة التحدي إلى زمن الهيمنة المطلقة.
مخطط توراتي
وتشير التريكي، في تقريرها، إلى ما تصفه بـ”مخطط توراتي غير خاف” يسعى إلى إحياء مزاعم الهيكل الغابر مكان المسجد الأقصى، في ضربة تستهدف دين المسلمين وهويتهم وثقافتهم.
ويتزامن هذا مع ما تتعرض له الضفة الغربية من عمليات تهجير صامتة، حيث تُفرغ المخيمات ويُهجّر عشرات الآلاف من الفلسطينيين تدريجيا، “بصمت، تمهيدا، برأي كثر، لأمر أكبر”.
وفي خضم هذا المشهد المأساوي، يبدو الانقسام الفلسطيني عاملا مضاعفا للمأساة، فهناك تيار يؤمن بالمقاومة ويقع بين مطرقة الإبادة الإسرائيلية وسندان الملاحقة والحصار، وسلطة وصفتها معدة التقرير بأنها “كأنها صرح خيال، فلا هي موجودة ولا هي غائبة، بلا موقف ولا فعل ولا مشروع وطني بديل”.
ويقف الأردن، صاحب الوصاية الدينية والتاريخية على مقدسات فلسطين، أمام تحدٍّ متعاظم، بسلطة شكلية لا تتجاوز الحضور الإداري، بلا قوة تردع أو توقف تهويدا متسارعا.
كما تبدو الجامعة العربية، وفق التقرير، كيانا يجتمع ويندد ويقرر على الورق، بينما تظل غزة “مسرحا مثاليا لذلك العرض”.
وفي تناقض صارخ للحظة التاريخية، تبدو منظمة التعاون الإسلامي، التي ولدت من نار حريق الأقصى عام 1969، كأنها ابتلعها الصمت في أكثر اللحظات حرجا منذ تأسيسها.