3/8/2024–|آخر تحديث: 3/8/202412:43 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
بيروت- يخرج فؤاد من متجره في الضاحية الجنوبية لبيروت مستاء وغاضبا وهو يقول “أريد السفر، الوضع لم يعد يحتمل، والخسارة أصبحت كبيرة”.
ما قاله التاجر -الذي يعمل في قطاع الألبسة ولديه أكثر من محل في هذه المنطقة بينها ما هو قريب إلى المكان الذي اغتيل فيه القيادي بحزب الله فؤاد شكر– هو لسان حال معظم التجار، ليس فقط في الضاحية بل في لبنان كله.
“نعيش أجواء حرب، ونحن نكافح للبقاء على قيد الحياة، ولكن العدوان على حارة حريك كان بمثابة الضربة القاضية لتجارتنا”، يضيف فؤاد.
جولة قصيرة وسريعة في هذه المنطقة المكتظة سكانيا والمزدحمة بالأسواق الشعبية تؤكد أن الناس باتوا يشترون الضروريات -خاصة الطعام والدواء- ويدخرون أموالهم خوفا من تدهور الأوضاع الأمنية والانزلاق إلى الحرب.
تهافت على المواد الاستهلاكية
وعلى عكس السلع “غير الضرورية” كان واضحا أن هناك تهافتا على الطعام والوقود وكأن الناس يستعدون لحرب قد تفاجئهم في توقيتها ويريدون أن يكون جاهزين لها ولو بتأمين “الأكل والشرب والسلع الضرورية لعائلاتنا رغم ضعف إمكانياتنا”، وفق إحدى السيدات التي كانت تجر عربة تسوق مملوءة عن آخرها.
نترك الضاحية ونتجه جنوبا، الطرقات فارغة على غير العادة، فليست هناك أي اختناقات مرورية “الناس خائفون ويعيشون أجواء حرب”، بحسب الشاب عبد الله الذي يعمل سائق أجرة صباحا وحارس أمن ليلا.
يروي عبد الله قصة عن إحدى المسافرات التي قالت له إنها دفعت آلاف الدولارات كي تقرب موعد سفرها وتفر من البلاد قبل اندلاع الحرب.
نترجل من سيارة الأجرة على وقع كلمات قالها لنا الشاب الثلاثيني “ترقب الحرب أصعب من وقوعها”.
هذه الكلمات رافقتها تقارير إعلامية محلية تزعم أن مطار رفيق الحريري الدولي سيلغي رحلات قادمة وأخرى مغادرة بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، لكن وزير الأشغال اللبناني علي حميك نفى تلك الأخبار ووصفها بأنها “كاذبة”.
القطاع السياحي يئن
نصل إلى جنوب لبنان ونسأل حسن صاحب مكتب لتأجير السيارات عن تأثره بهذه الأجواء، ليأتي جوابه صاعقا ويكشف أنه تم إلغاء أكثر من 75% من الحجوزات، وهناك من ترك السيارة رغم دفعه سلفا بدل استئجارها وغادر البلاد.
يقول حسن “قبل اغتيال شكر ليس كما بعده، فرغم الحرب على الحدود كان اللبنانيون المغتربون وعدد لا بأس به من السياح يأتون إلى لبنان، وكان الطلب على سيارات الإيجار أكثر من العرض، لكن الضربة على الضاحية أصابت القطاع السياحي كله بمقتل وأصيب بالشلل”، وأنهى حديثه متأثرا “لم نعد نقوى على الصمود”.
وبما أن القطاع السياحي هو الأكثر تضررا من “أجواء الحرب” التي يعيشها لبنان أكملنا رحلتنا إلى بلدة أرصون في محافظة جبل لبنان -والتي تبعد نحو 40 كيلومترا عن العاصمة بيروت- لنتحدث مع صاحبة أحد المشاريع السياحية هناك، والتي تأثرت بالضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية رغم بعد المسافة.
تقول رانيا إنه “بعد يوم من الضربة تم إلغاء نحو 75% من الحجوزات رغم أن المشروع كان محجوزا بشكل كامل لأيام قادمة، خسارة كبيرة لأننا نعتمد على جهودنا الذاتية التي تتضاءل يوما بعد يوم، خاصة بعد سرقة ودائعنا في المصارف”.
كانت رانيا تشير إلى الأزمة الاقتصادية الشديدة التي عصفت بلبنان عام 2019، إذ تراجعت فيها الليرة أكثر من 90% أمام الدولار، ووصف البنك الدولي الأزمة اللبنانية وقتها بأنها الأسوأ منذ عام 1850، مما جعل السلطات تفرض قيودا خانقة على سحب الودائع.
نغادر المشروع الذي كان شبه فارغ من الزوار محملين بجملة قالتها لنا رانيا “آمل ألا يكون القادم أسوأ، البلاد تعبت ونحن أرهقنا”.