في يومه الأول، استقبل «مهرجان تنوير» الأول من نوعه في المنطقة، الذي انطلق برؤية الشيخة بدور القاسمي، مؤسسة المهرجان، أكثر من 2000 زائر، وكوكبة من نجوم الفن والموسيقى من جميع أنحاء العالم، في صحراء مليحة التاريخية، تحت عنوان «أصداء خالدة من المحبة والنور» وشعار «رحلتك تبدأ من هنا»، المستوحى من حكمة الشاعر جلال الدين الرومي، مؤكداً دوره كتجمع استثنائي للموسيقى والشعر والفن.
وعلى المسرح الرئيس للمهرجان، ألقت الشيخة بدور القاسمي كلمة على أنغام آلة الـ«كورا» التي عزفتها الفنانة السنغالية سيني كامارا، معلنة انطلاق رحلة على مدار ثلاثة أيام لا تُنسى من الاحتفال بالتراث والمجتمع والإبداع.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: «تنوير أكثر من مجرد مهرجان، إنه دعوة لإيقاظ النور بداخلنا، فمن خلال المحبة والتسامح والاتحاد، نزرع بذور واقع جديد ونشهد بناء وعي ووجدان، يتحول من خلاله الجفاء إلى وصل، والخوف إلى تعاطف وتراحم، وهنا على أرض مليحة المباركة، لا نجتمع بالمصادفة، وإنما عمداً مع سبق الإصرار، لنحمل شعلة النور، ونلهم جميع المجتمعات لصناعة التغيير الإيجابي المطلوب».
مواهب عالمية
وشهدت أمسية اليوم الأول حفلاً موسيقياً أحياه الفنان العالمي سامي يوسف، رائد التراث الموسيقي العالمي، الذي أسر الجمهور بأداء ساحر لمؤلفه الجديد «في الأندلس»، المستوحى من الموشح الأندلسي الكلاسيكي «جادك الغيث إذا الغيث هما» للشاعر لسان الدين بن الخطيب، وهي القصيدة التي قُدمت مرة واحدة فقط من قبل، أبرزت قدرة يوسف الاستثنائية على ربط التقاليد الموسيقية، ما أضفى إحساساً بالوحدة والتراث الثقافي.
وقدم سامي يوسف بعض أشهر أعماله، بما في ذلك «جادك الغيث»، و«إلهنا»، و«القلب الراقص»، و«لأرشدك إلى الطريق»، و«لما بدا يتثنى»، و«مدد»، كما أعرب الجمهور عن حماسته لسماع مؤلفه الجديد «تعال يا روحي»، ما سلط الضوء على موهبته في ربط التقاليد الموسيقية واستحضار مشاعر عميقة من خلال إبداعاته.
وكانت فعاليات اليوم الأول للمهرجان قد انطلقت بعرض أدائي قدمته فرقة «الندبة» الإماراتية التراثية، مضفية أجواء احتفالية، وراسمة صورة واضحة للتراث، يمكن للجميع رؤيتها والشعور بها حتى لمن لم يسبق له تجربة الاستماع إلى هذا الفن التراثي.
وتضمن برنامج اليوم الأول حفلاً لعازف العود والملحّن اللبناني زياد سحاب، الذي جمع الماضي والحاضر مع الصوت الشجي للمنشد يحيى حسين، الحاصل على جائزة «آغا خان»، غامراً الأجواء الصحراوية بأنغام تحرك المشاعر والأحاسيس، بصحبة الخطاط الفرنسي جوليان بريتون، الذي شكّل عرضه «ألِف: فن الخط بالضوء المتحرك»، سرداً بصرياً مرافقاً لحفل زياد سحاب، الذي كرّم فيه جماليات تعاليم الشاعر جلال الدين الرومي.
واختتم أنس الحلبي فعاليات الأمسية، مصطحباً الجمهور في رحلة سمعية فريدة على مسرح «شجرة الحياة»، حيث قاد «أوركسترا هاندبان أنس»، وأثبت حضوره كعازف إقليمي رائد لآلة الـ«هاندبان».
الفن والطبيعة والاستدامة
واستُكملت لوحة المعرض مع المشهد الصحراوي بأعمال فنية تركيبية ضخمة، حيث استلهم كل عمل تاريخ المنطقة، وأشعار جلال الدين الرومي، والعلاقة الأزلية بين الحياة الروحانية والطبيعة، كما شكلت الاستدامة محوراً رئيساً من محاور المهرجان، الذي سلط الضوء عليها في كل جانب من جوانب تصميمه وتنظيمه، فمن الأضواء التي تعمل بالطاقة الشمسية لإنارة الممرات، إلى المواد الصديقة للبيئة المستخدمة في تصميمه، وخلال فعالياته حرص «مهرجان تنوير» على تذكير الحضور والزوار بالعلاقة الوثيقة بين الوجود البشري والبيئة الطبيعية.
أطباق من الشرق والغرب
شكّل «سوق تنوير» وجهة محورية نابضة بالحياة، تعج بالحيوية والنشاط، حيث استكشف زوار المهرجان باقة متنوعة من الحرف التقليدية والمنتجات المصنوعة يدوياً، إذ عرض الحرفيون المحليون مجموعة واسعة من المنسوجات، والأحجار الكريمة الملونة، والمجوهرات، التي تحتفل بالثقافة والمهارة الحِرفية الإماراتية.
كما شكلت «منطقة التغذية» احتفالاً بثقافات العالم وسحر التذوق، حيث امتلأ الجو بروائح أطباق من الشرق والغرب، وامتزجت فيها نكهات المطبخ المغاربي المعروف بطواجنه، مع نكهات المطبخ الخليجي والشرقي، حيث تتلون الأطباق بالزعفران وتفوح منها رائحة البهارات والتوابل.
• سامي يوسف يبهر الجمهور بالتوزيع الجديد لأغنية «في الأندلس».
• أعمال فنية تركيبية مستلهمة من التاريخ وتعاليم جلال الدين الرومي وجماليات المشهد الصحراوي.