أعلنت مقتنيات دبي، أول مجموعة فنية مؤسسية في المدينة تركز على الفن الحديث والمعاصر، وأطلقت في 2021 تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن إقامة معرض «أرضية مشتركة» ضمن معرض «آرت دبي» الذي تحتضن مدينة جميرا فعالياته خلال الفترة من 18 إلى 20 أبريل الجاري. وسيتولى تنظيم «أرضية مشتركة» ثلاث طالبات من جامعة زايد، هن: شمسة القبيسي ومريم الزعابي وسارة السليماني، تحت إشراف المستشارتين الفنيتين الدكتورة ندى شبوط وماغالي أريولا. ويهدف المعرض إلى دعوة الزوار للتفاعل مع مقتنيات دبي من خلال رؤية فنية قائمة على التعليم والحوار الثقافي.
ويُجسّد المعرض، الناتج عن تعاون أكاديمي فريد، رؤية مقتنيات دبي طويلة الأمد في أن تكون منصة للتعليم والبحث والحفاظ على التراث الثقافي، حيث يسلّط الضوء على دور المجموعة كأرشيف حي وأداة فعّالة تدعم البحث والإبداع، وتسهم في الحفاظ على السرديات الثقافية ونقلها إلى الأجيال المقبلة.
ويقدّم معرض «أرضية مشتركة» مجموعة مختارة من الأعمال الفنية من مقتنيات دبي، والتي تم إنتاجها بين عامي 1949 و2024، وتعكس عبر تنوّع سياقاتها الجغرافية والثقافية تجربة إنسانية مشتركة. كما سيضم أعمالاً للفنانين طلال النجار ولمياء قرقاش وجمعة الحاج، ويمثل المعرض دعوة للتأمل في دور الفن وأهميته في الكشف عن الروابط العابرة للزمان والمكان والهوية.
ويُسهم المعرض من خلال إقامته في «آرت دبي» في ربط تاريخ دبي الثقافي بالجمهور العالمي، مؤكداً التزام المجموعة بسرد قصص المجتمعات المتنوعة في الإمارة والمحافظة عليها.
وتم تطوير «أرضية مشتركة» بعد فصل دراسي كامل من البحث الأكاديمي ضمن إطار دورة «المجتمعات والممارسات القيّمة والمقتنيات»، ليأتي المعرض كمشروع نهائي استخدم فيه الطلاب «مقتنيات دبي» كدراسة حالة ومورد تنظيمي، حيث قدّم كل طالب تصوراً لمعرض مبني على بحثه. وبعد مراجعة من قِبل اللجنة التنظيمية لمقتنيات دبي، تم اختيار مشروع واحد لعرضه ضمن «آرت دبي». وقد عملت الطالبات شمسة القبيسي ومريم الزعابي وسارة السليماني تحت إشراف المستشارتين الفنيتين الدكتورة ندى شبوط وماغالي أريولا، على تطوير الفكرة وصقلها، بهدف توفير منصة دولية تمكن الطالبات من عرض رؤاهن ومشاريعهن، والانخراط مع المتخصصين في المجال، وتمكين الجمهور من استكشاف أعمال المجموعة من خلال منظور جديد.
وتُدار مقتنيات دبي التي أطلقت عام 2021 من قبل هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، بالشراكة مع «مجموعة آرت دبي». وتتميّز المجموعة بنموذج مبتكر قائم على الإعارة، حيث يسهم رعاة من الأفراد والشركات بأعمال فنية يحتفظون بملكيتها القانونية، مع ضمان إتاحة الوصول العام إليها من خلال المعارض والمتحف الإلكتروني لمقتنيات دبي.
وقالت رئيسة اللجنة التنظيمية في مقتنيات دبي والمدير التنفيذي لقطاع المتاحف والتراث في «دبي للثقافة» منى فيصل القرق: «لا يقتصر جوهر مقتنيات دبي على حفظ الأعمال الفنية، حيث تسعى إلى إلهام الفكر ودعم المواهب وتعزيز المعرفة الثقافية». وأكدت أن التعاون مع جامعة زايد يُجسد طابع المجموعة وحضورها الرقمي والمادي، كمنصة للبحث والتجريب والحوار مع الجمهور. وأضافت: «يعكس معرض (أرضية مشتركة) ما يمكن للشباب تحقيقه عندما يتم منحهم الفرصة للوصول والتوجيه وتحمل المسؤولية، وتمكينهم من المساهمة الفاعلة في المشهدين الثقافي والأكاديمي في دبي».
من جانبها، قالت المدير التنفيذي لمعرض آرت دبي بينيديتا جيون، إن مجموعة «آرت دبي» «تركّز على المبادرات طويلة الأمد التي تُسهم في تنمية القطاع الثقافي في دولة الإمارات. ويتجلى ذلك في تعاوننا مع هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) في معرض مقتنيات دبي الذي يُبرز كيف يمكن للمقتنيات الفنية، عند إعادة النظر فيها وتفعيلها باستمرار، أن تتحوّل من أدوات للحفظ إلى منصات للحوار»، لافتةً إلى أن المعرض يقدم منظوراً غنياً حول تاريخنا الثقافي ويكشف عن أولويات الحاضر. وأضافت: «شكل العمل مع طلاب جامعة زايد تجربة مُلهمة، إذ أضفت رؤاهم طاقة متجددة على المجموعة، وذكّرتنا بقدرتها على تحفيز الأصوات الثقافية المستقبلية».
وعلّقت عميد كلية الفنون والصناعات الإبداعية بجامعة زايد البروفيسورة جانيت بيلوتو، قائلةً: «تشكل مبادرات مثل مقتنيات دبي محطة فارقة في مسيرة طلابنا في جامعة زايد، حيث تتيح لهم فرصة نادرة وقيمة لتجاوز حدود القاعات الدراسية والانخراط المباشر في نبض المشهد الثقافي للمنطقة، فهي تربط الفجوة بين التعليم الأكاديمي والخبرة العملية، وتُمكن الطلاب من استكشاف دورهم المستقبلي ضمن قطاعي الثقافة والصناعات الإبداعية، كما تسهم هذه التجارب في تعميق فهمهم للعمل الثقافي والتنظيمي، وتلهمهم بمزيد من الشغف والرؤية والطموح في رحلتهم الإبداعية».
وتحتوي مقتنيات دبي على أكثر من 1000 عمل فني لفنانين من أكثر من 40 دولة. وتشمل المقتنيات أعمالاً لعدد من الفنانين الإماراتيين البارزين والمواهب الناشئة، مثل حسن شريف، وعبدالقادر الريس، وشيخة المزروع، ومحمد أحمد إبراهيم، ومحمد كاظم، وسارة المهيري. ويعكس المعرض أعمال ما يقارب 100 فنانة، بينما يمثل نحو 20% من الأعمال الفنية فنوناً من خارج دولة الإمارات، ما يجسد رؤية دبي وطموحاتها المستقبلية والتزامها بالتبادل الثقافي.
بدورها قالت المستشارة التنظيمية للمعرض أستاذة تاريخ الفن ومنسقة مبادرة الدراسات الثقافية العربية والإسلامية المعاصرة في جامعة شمال تكساس الدكتورة ندى شبوط: «من خلال مقتنيات دبي، ينغمس الطلاب في واقع العمل التنظيمي، حيث يلتقي البحث مع التفسير وتتبلور الأفكار، ويُعد المعرض تمريناً مُقنعاً في التأليف والهدف، ويتميز ببحث مُتعمق ومنظور تنظيمي واضح».
أما المستشارة التنظيمية للمشروع مديرة متحف تامايو في مدينة مكسيكو ماغالي أريولا، فقالت: «لم يقتصر تفاعل الطلاب مع مقتنيات دبي على كونها مستودعاً للأعمال الفنية، وإنما تعاملوا معها كمساحة حوار وتحدٍ فني، حيث يجمع مشروعهم (أرضية مشتركة) بين الرؤية الفكرية العميقة واللمسة العاطفية الصادقة، ما يؤكد أن الفن قادر على جمع البشر رغم اختلاف ثقافاتهم وتجاربهم».
. المعرض يعكس جهود مقتنيات دبي في توثيق إرث المدينة الثقافي والبحث فيه ومشاركته مع الجمهور العالمي.