قصة طويلة يرويها المهندس الميكانيكي وخبير تدريب الكلاب البوليسية، الإماراتي محمد أنور، مع عشق الحيوانات، وتحديداً الكلاب، حيث انطلق منذ الطفولة إلى الاهتمام بها، إذ جمعها وتبناها من شوارع إمارة أم القيوين، وصولاً إلى تربيتها وتنشئتها، لتأخذ حيزاً مهماً من حياته، وتؤسس لمسيرته المهنية التي توجها محمد في عام 2017، بتأسيس مشروعه الخاص بتدريب الكلاب البوليسية والمنزلية، الذي تحول اليوم إلى أول مشروع إماراتي بسواعد مواطنة، متخصص في «إنتاج الكلاب البوليسية المدربة في جميع الاحتياجات»، في الوقت الذي كشف محمد عن فخره بمشروعه الذي كسب ثقة متعامليه، وتحدي نظرة المجتمع المستهجنة للعاملين في هذا المجال.
شغف ورفض
وحول بداية ظهور هذا الشغف، أكّد الإماراتي محمد أنور: «بدأت تجربتي الطويلة مع الكلاب منذ الطفولة المبكرة، وعلى الرغم من معارضة والدي وأهلي لوجودها في البيت، فإنني بادرت للمرة الأولى آنذاك إلى التقاط جروين من الشارع، بغرض الاحتفاظ بهما وتربيتهما، لكن شاءت المصادفات أن يموت الأول، ويكبر الكلب الثاني (سيزر) معي، وبحكم صغر سني آنذاك، فقد كنت أجهل كيفية التعامل مع الكلاب وحتى تغذيتها، فكنت أترك لـ(سيزر) ما تبقى من طعام البيت»، وتابع ممازحاً: «إضافة إلى جهلي بطرق تربية الكلاب والاعتناء بها، فإنني عوقبت في البداية أكثر من مرة على جلبها إلى البيت وصولاً إلى رسوبي بعد مرور بضع سنوات في أحد الصفوف الدراسية، جرّاء الأزمة النفسية التي عشتها بسبب انتزاع والدي لكلبي (سيزر)، الأمر الذي سرعان ما أصلحه لاحقاً الوالد، عبر تعويضي بكلب آخر مكافأة لي على تفوقي في المدرسة، والهدية وقتها كانت كلباً من سلالة (الراعي الألماني) سمّيته (جاك)».
خطوة التدريب
أكّد محمد أنور أن بداياته في عالم تدريب الكلاب كانت وليدة مفارقة فريدة ومحض مصادفة غريبة فوجئ خلالها محمد بالتزام كلبه «جاك» بالجلوس للمرة الأولى، حال رفع محمد يده فوق رأسه من دون قصد، الأمر الذي تحمس له، فانطلق في تدريبه على الاستجابة لبعض التعليمات البسيطة، مؤكداً: «بعد هذه التجربة، بدأت في بناء علاقة خاصة مع الكلاب، وشاءت المصادفات أن أتعرض وأنا بعُمر 15 عاماً للضرب المبرح إثر فوزي على بعض الشباب في إحدى مباريات كرة القدم، وعلى الرغم من هروب الأصدقاء آنذاك خوفاً على أنفسهم، فإن الكلب (جاك) بادر إلى قطع الحبل الذي رُبط إليه في الساحة، والركض لإنقاذي، مُصدراً صوتاً يحاكي النحيب، وقتها توطدت علاقتي به وبالكلاب عموماً، وأيقنت قدرتها على استشعار أحاسيس الإنسان، وتقدير فضل صاحبها عليها»، وتابع محمد: «وبعدها انطلقت إلى الاشتغال على نفسي، واقتناء المزيد من الكلاب وتربيتها والبدء في المشاركة بمسابقات (جمال الكلاب) التي نُظّمت في الإمارات وروسيا والتي حللت فيها أكثر من 25 مرة، في المركز الأول على القائمة وصولاً إلى عام 2017، عند افتتاح مشروعي الخاص بتدريب الكلاب البوليسية والمنزلية، وفوز أحد كلابي في بطولة العالم (كي أن بي في) الخاصة بكلاب الشغب وكلاب البحث والإنقاذ في هولندا، بالمركز الأول عالمياً في عام 2022 الذي أهديته طبعاً لوطني الإمارات».
مشروع إماراتي رائد
وأضاف محمد: «بعد ملاحظة اعتماد عدد من المؤسسات على استيراد الكلاب المدربة من الخارج، وبعضها يكون غير مؤهل للعيش في بيئة الإمارات وتحمل درجات الحرارة العالية، قررت إنتاج كلاب محلية متخصصة ومؤهلة للعمل باحترافية في مجالات مختلفة، عبر توليد جراء وتدريبها على التكيّف مع بيئة وتضاريس ومناخ دولة الإمارات، وشملت هذه الخطوة، كلاباً من سلالتَي (الراعي البلجيكي) و(الراعي الألماني)، وسلالات متخصصة أخرى، وكان الهدف طبعاً تحقيق الاكتفاء الذاتي محلياً من هذه الكلاب البوليسية المدربة».
جاهزية وتميّز
قبل بناء مشروعه الخاص خضع محمد، على امتداد أربع سنوات، للتعلم والتدريب المتواصلين، قائلاً: «سافرت إلى هولندا للمشاركة في عدد من الدورات التدريبية المتخصصة بتعليم الكلاب، وتطوير مهاراتها وفرز فئاتها المنزلية من العملية، والحمد لله حظيت في النهاية بشهادة المدرب المحترف، وشهادة الخبير في تدريب الكلاب وتصحيح سلوكها، وصولاً إلى شهادة حصلت عليها من هولندا في تعليم الكلاب البحث عن الممنوعات والمخدرات والمتفجرات».
فخر واعتزاز
لم يخفِ رائد الأعمال وخبير تدريب الكلاب، الإماراتي محمد أنور، اعتزاز عائلته وأهله بنجاح مشروعه، مشيراً إلى اعتماده على طاقم عمل إماراتي بالكامل محترف ومؤهل، ويتمتع بمهارات عالية في مختلف مجالات التدريب، مختتماً بالقول: «الحمد لله، لقد بات مركزنا اليوم وكوادره المحلية، محل ثقة متعامليه والمشروع الوحيد في منطقة الخليج الذي (ينتج) الكلاب محلياً».