تمر علي أيام لا أقرأ فيها حرفاً، لا أفتح كتاباً أو رواية، أصاب ككثيرين بالضيق والنفور من الكتب، أحاول أن أجبر نفسي على الجلوس والقراءة، لكنني ما أكاد أنجز خمس أو عشر صفحات حتى أشعر بالضجر، وبأن الكتاب ممل، فأعيده إلى مكانه، وأختار كتاباً آخر، إلا أن النتيجة لا تختلف، إنها ظاهرة وحالة تصيب معظم محبي الكتب والقراءة، وتعرف بقفلة القراءة، تماماً كما تصيب الكتاب والروائيين والصحفيين حالة مشابهة تعرف بمتلازمة الورقة الفارغة، حيث يفقد الكاتب القدرة على إنتاج عمل أو نص جديد.

قد يظن البعض أن الأمر سهل ولا يحتاج للشكوى، والحقيقة ليست كذلك، فالقراءة بالنسبة لقارئ اعتاد عليها، كالنوم بالنسبة للإنسان، فإذا اضطرب نومك اضطرب كل وقتك، وانتابك الكثير من التوتر والإنهاك والضيق بقية يومك، وكذلك إذا أصابك إضراب القراءة أو قفلة القراءة، قد تمضي عدة أيام لا تبالي بالأمر، لكنك في لحظة ما تقف مستشعراً خطورة الحالة، وأن عليك أن تبحث عن حل، فلطالما كانت القراءة بالنسبة لك ذلك الفضاء الجميل الحر الذي يستنير فيه عقلك، وتستمتع فيه روحك بحريتها ونموها واطلاعها المتجدد!

وإضافة لاستمتاعي بالقراءة كممارسة معرفية ممتعة اعتدتها منذ سنواتي الباكرة، فإن كوني كاتباً يومياً أحتاج للقراءة بشكل مضاعف ومتنامٍ دائماً، فهل علينا ككتاب أن نقرأ دائماً، نعم، بل وعلينا ألا نتوقف عن القراءة في أية لحظة، تقول الروائية العمانية بشرى خلفان: (إن أردت أن تكون كاتباً جيداً، عليك أن تقرأ كثيراً، بدءاً من كلاسيكيات الأدب، حتى علوم الأرض، وأن تبحث عن المعرفة التي تخولك فهماً أفضل لنفسك ولشخصياتك المتعددة)!

أقرأ الكثير حول الشكوى من قفلة القراءة في صفحات أصدقائي في مجموعات القراءة ومواقع التواصل، فأشعر بمعاناتهم وهم يبحثون عن مخارج لهذه الحالة، أشعر بهم كأنهم يقولون نشعر بتوعّك في المعدة، أو صداع في الرأس، أو نزلة برد شديدة، وبالفعل تبدو قفلة القراءة كمرض حقيقي شديد الوطأة على نفسية القارئ والكاتب معاً!

شاركها.