أبوظبي – وام
بحُلة إبداعية تعكس التراث الإماراتي العريق، ورؤية مستدامة للمستقبل، احتفلت دولة الإمارات بعيد الاتحاد الـ53، في عرض رسمي أقيم للمرة الأولى في مدينة العين «دار الزين»، الحدث الذي جسّد قصة الاتحاد من جذوره العميقة وصولاً إلى تطلعاته المستقبلية، وجمع بين الإبداع الفني والابتكار التقني، ليبرز جمال الهوية الوطنية وروح الانتماء.
تميز الاحتفال الرسمي هذا العام بمحوره الرئيس حول مسيرة الاتحاد، وارتباطها بالطبيعة والاستدامة، مستمداً الإلهام من موقع الحفل المميز في متنزه جبل حفيت، أحد مواقع التراث العالمي المدرجة على قائمة «اليونسكو».
من خلال السرد البصري، الذي بدأ بعصور التاريخ الأولى، ومرّ بمسيرة القادة المؤسسين، قدّم العرض قصة مُلهمة توثق تاريخ الاتحاد، وتبرز قيمه التي تحملها الأجيال، ومن استخدام الطائرات بدون طيار إلى توظيف الموسيقى المستوحاة من التراث، نجح العرض في تقديم تجربة متكاملة، تمزج بين الفخر الوطني والابتكار الفني.
وبقيادة فريق متميز وبإشراف شخصيات وطنية بارزة، حمل الحفل الرسمي لعيد الاتحاد هذا العام رسالة رئيسة هي: «التمسك بجذورنا الثقافية هو الطريق نحو بناء مستقبل مستدامٍ ومشرق لدولة الإمارات»، وشارك في إنجاز هذا العمل الإبداعي الضخم عدد من الكوادر الوطنية التي أدت أدواراً أساسية ومهمة في تنفيذ وإخراج الحفل الرسمي الذي أبهر الجميع.
شعراء وملحنون
وقال المدير التنفيذي لقطاع التوعية والمعرفة التراثية بالإنابة في هيئة أبوظبي للتراث، عبدالله بطي القبيسي، إن الهيئة شاركت في مجالات رئيسة عدة، شملت تنظيم المحتوى الشعري والقصائد، التي شارك في تنظيمها تسعة شعراء من الدولة، وتم اختيار أنسب القصائد عبر لجان المحتوى، لضمان قوة القصيدة، إلى جانب أن الهيئة نظمت مشاركة الإبل في الحفل، وتنسيق الأزياء الإماراتية التراثية، وتنظيم الفنون الشعبية، مثل فن الحربية الذي قُدم في ختام الحفل.
وحول ما يميز الشعر والقصائد لهذا العام، أوضح القبيسي أن ما يميز قصائد هذا العام، هو الكوكبة المتميزة من الشعراء والملحنين الذين شاركوا في إعدادها، وتميزوا بقصائدهم بالتعاون مع الملحن الكبير محمد الأحمد، وأبدعوا في تقديمها جامعين بين الجزالة وبين الجمالية العالية، كما تميزت أغاني الحفل لهذا العام بقصائد من التراث الإماراتي، مثل قصائد الماجدي بن ظاهر، وقصيدة للشيخ خليفة بن زايد الأول، وقصيدتين للشاعرة عوشة السويدي، ما أضفى طابعاً تراثياً أصيلاً على الحفل.
تحدٍّ كبير
وأوضح مدير عمليات احتفالات عيد الاتحاد الـ53، بطي المهيري، أن تنظيم حدث بهذا الحجم يمثل تحدياً كبيراً، نظراً إلى مساحة وموقع الاحتفال الذي أقيم في متنزه جبل حفيت، وهو موقع مدرج ضمن قائمة «اليونسكو»، ما فرض الالتزام بمجموعة من القوانين التي تراعي كل نواحي الاستدامة، مشيراً إلى أنه منذ اختيار الموقع تم الاتفاق مع الجهات المعنية في أبوظبي لضمان الحفاظ على المحمية، وإعادة الموقع إلى حالته الأصلية بعد انتهاء الحدث، وأضاف أن المساحة المخصصة للعرض هذا العام تعدّ الأكبر في تاريخ احتفالات عيد الاتحاد، أما من ناحية الإعداد، فقد شارك نحو 10 آلاف شخص من 81 جنسية في الإنتاج والبناء والتجهيزات والعروض.
قصة متكاملة
وقال المؤلف والملحن الموسيقي في احتفال عيد الاتحاد الـ53، محمد الأحمد، إن الموسيقى في الاحتفالات الوطنية تتميز بطابعها الخاص، كونها ألحاناً تحاكي المَشَاهد، وتعبر عن حالة المشهد ورسائله، والمشهد عبارة عن قصة متكاملة تدمج بين القصائد والمشاهد البصرية والموسيقى، حيث يتم تأليف الموسيقى بأسلوب فريد وخاص، يجمع بين العناصر الشرقية والغربية بنكهة إماراتية مميزة، وأشار إلى أن الأوركسترا المشاركة في حفل هذا العام هي «الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية»، وعدد أفرادها 66، إضافة إلى مشاركة 33 عازفاً من الإمارات، مضيفاً أن عرض هذا العام جمع بين التراث والابتكار لتقديم عرض موسيقي فريد، يعكس الهوية الإماراتية ويفخر بموروثها الثقافي.
السرد التاريخي
وقال مدير قسم مواقع التراث العالمي في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، عبدالرحمن راشد النعيمي، إن الدائرة شاركت في إعداد مراجع السرد التاريخي والفني للحفل، وذلك من خلال تقديم معلومات وأبحاث عن الآثار في مدينة العين، التي تشمل فترات متعددة، وكان دور الدائرة يتمثل في توفير محتوى علمي غني يدعم فكرة الاحتفال، حيث ركز العرض على أبرز الآثار في مدينة العين، بحكم اختيارها موقعاً للاحتفال، لافتاً إلى أن الحديث يدور حول مدافن جبل حفيت التي تعود إلى العصر البرونزي المبكر قبل أكثر من 5000 عام، وهي شاهدة على تاريخ طويل ومميز.
تجربة استثنائية
من جانبها، قالت رندة عمر بن حيدر، من شركة بني وآل للثقافة، إن عيد الاتحاد لهذا العام يمثل تجربة استثنائية، خصوصاً أننا نعمل مع فريق عيد الاتحاد للسنة الرابعة، في صياغة سردية الحفل التي تعبّر عن روح الاتحاد، وأشارت إلى أنه تم التركيز بشكل كبير على النخلة التي تعد رمزاً يربط بين مختلف مجتمعات وبيئات الإمارات، بدءاً من استخدامها في بناء البيوت والحصول على الطعام، وصولاً إلى الصناعات التقليدية، وتم استعراض مشاهد تُظهر مختلف أفراد المجتمع وهم يستخدمون النخل في حياتهم اليومية وصناعاتهم.
عمل جماعي
وأكدت ريم محمد المنصوري، من شركة بني وآل للثقافة، أن العمل الجماعي، والتحضيرات الدقيقة التي حدثت خلف الستار، عاملان أساسيان أسهما في نجاح الحفل لهذا العام، وما يميز التجربة هو حماسة الجميع، خصوصاً أن الحفل الرسمي يُقام في مدينة العين، حيث كان الجو مملوءاً بالمشاعر الإيجابية.
ثقافة الإمارات
وقالت مديرة مشروع عيد الاتحاد الـ53، فاطمة سلطان النعيمي، إن دورها الأساسي في الحدث تمثل في ضمان أن تكون جميع هذه العناصر مرتبطة بثقافة دولة الإمارات، وقصة العرض واستراتيجيته بشكل عام، تركز على يوم توقيع عهد الاتحاد وتوحيد دولة الإمارات عام 1971.
مناسبة فريدة
وقالت مديرة الاتصال في لجنة تنظيم عيد الاتحاد الـ53، عائشة عبدالله النعيمي، إن عيد الاتحاد يحمل معاني غنية ومميزة، تعكس روح هذه المناسبة الوطنية الفريدة، مشيرة إلى أنه من خلال هذا المصطلح نسرد قصة اتحاد دولة الإمارات، تلك القصة الفريدة والمملوءة بالقيم التي قامت عليها دولتنا.