عبْر الديكور الدافئ المحمل بالألوان، نقل عرض «كسارة البندق»، الذي قُدّم على خشبة دبي أوبرا، الحضور إلى عالم خيالي على أنغام موسيقى بيتر إليتش تشايكوفسكي الخالدة، التي عزفت مباشرة بقيادة فاليري فورونين.
وحمل العمل الذي قدمه مسرح أستراخان الحكومي للأوبرا والباليه، سحر الشتاء، وأجواء الأعياد وخيال الطفولة، لتصحب الفتاة الروسية الصغيرة المشاهدين في ليلة عيد الميلاد إلى قصص ساحرة برفقة دميتها الخشبية «كسارة البندق».
وقال مدير دبي أوبرا، الدكتور باولو بتروتشيلي: «يُعد عرض كسارة البندق طقساً ثقافياً يتجدد كل عام ليجمع العائلات والمجتمعات معاً، وتقديم هذا العمل بالتعاون مع فرقة عالمية مرموقة يعكس التزامنا بتقديم عروض عالمية المستوى لجمهور دبي، تجمع بين التميز الفني وروح الموسم الاحتفالي».
على وقع الباليه
رحلة محفوفة بالخيال والسحر مع كلارا وأميرها الساحر (كسارة البندق)، عاشها جمهور الأوبرا، مع العمل الذي بات مرافقاً لموسم الأعياد منذ كتابته وعرضه للمرة الأولى في عام 1892، واعتمد العرض على الكوريغرافيا الأصلية للمصمم فاسيلي فاينونِن.
وقدم العمل ضمن مشهدين، انطلق الأول مع الديكور البسيط الذي يأخذ المشاهد إلى أسرة كلارا وهي تحتفل بليلة الميلاد، وعلى وقع خطوات الباليه الرشيقة توزع الهدايا، لتحصل كلارا على هديتها من عرّابها الساحر، وهي كسارة البندق المحفورة على شكل رجل صغير، وينتهي الاحتفال، وتخلد كلارا للنوم برفقة دميتها، ثم تستيقظ وتدق الساعة في منتصف الليل، ويدخل معها الحضور إلى عالم خيالي، حيث تبدأ الأشياء في الغرفة بمضاعفة حجمها، تكبر الشجرة وتجد الفتاة نفسها في مكان غريب تهاجمها مجموعة فئران، بينما تتحول كسارة البندق إلى أمير شجاع، يساعدها في التغلب على الفئران وملكهم بمساندة جيشه الخاص، وطغى على المشهد الأول الجانب التمثيلي لأحداث القصة، لاسيما أنه يقدم من قبل نخبة من فناني مسرح أستراخان المعروفين بتميزهم وإتقانهم الكلاسيكي، ومن بينهم فائزون بجوائز ومسابقات دولية مرموقة.
المشهد الثاني
تنفتح الستارة على الكثير من الفانتازيا في المشهد الثاني من العمل، إذ تحول المسرح إلى غابات من الصنوبر تكسوها الثلوج، ومن ثم إلى أرض للحلويات، عبر أحداث المسرحية التي ينقل فيها الأمير الساحر كلارا من مكان لآخر مع خطوات راقصة على وقع الحب، وجاءت الكوريغرافيا مبهرة في الجزء الثاني من العمل، وتقوم على الرقصات الجماعية، لاسيما عند وصول الأمير وكلارا إلى أرض الحلويات التي تحكمها جنية السكر، التي تحتفي بالضيفين عبر احتفال كبير تقدم فيه مشاهد راقصة من بلدان مختلفة، ومنها الصين وإسبانيا وروسيا، فضلاً عن رقصات من العالم العربي، ورقصة الزهور الساحرة، لتقدم في الختام جنية السكر مع شريكها رقصة تعد من أشهر مقاطع الباليه في العالم، والمشاهد الراقصة، لاسيما لراقصات الباليه المرتديات الأبيض، منح العرض الكثير من السحر، فيما أضافت الأزياء المتنوعة والفاخرة والمأخوذة من ثقافات عدة ألقاً لهذا الإنتاج الاستثنائي.
في الختام يعيد العرض الحضور إلى سرير كلارا، التي تستيقظ لتجد نفسها في غرفتها، ودمية «كسارة البندق» بين يديها، وتبتسم من دون أن تعي إن كان ما عاشته حلماً أم سحراً حقيقياً وجميلاً.
جذور الحكاية
رُفع الستار للمرة الأولى عن باليه كسارة البندق عام 1892 في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية وعلى خشبة مسرح مارينسكي الإمبراطوري آنذاك، ليصبح هذا العرض من أيقونات عروض البالية الروسية الشهيرة، ومنها عرض «الجمال النائم». أما جذور القصة المطروحة عبر الحركات والنوتات الموسيقية فهي أوروبية تماماً، إذ إن أول من وضع قصة كسارة البندق كان الكاتب الألماني إرنست هوفمان عام 1816، وعُرفت باسم «كسارة البندق وملك الفئران».
باولو بتروتشيلي:
. «العرض» يعد طقساً ثقافياً يتجدد كل عام، وتقديمه بالتعاون مع فرقة عالمية مرموقة، يعكس التزامنا بتقديم عروض عالمية المستوى لجمهور دبي.
. المشهد الأول طغى عليه الجانب التمثيلي لأحداث القصة.
