يشهد «فن أبوظبي» في دورته الحالية التي تقام برعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بتنظيم دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، في منارة السعديات، تنوعاً واسعاً من الأعمال الفنية من دول ومدارس فنية متعددة، وفي خضم هذا التنوع يلمس زائر النسخة الـ15 للمعرض، وهي النسخة الكبرى منذ إطلاقه، حضوراً إماراتياً بارزاً، يتسم بالتنوع في طبيعة الأعمال الفنية والأفكار والقضايا التي يناقشها.
«نحو الأفق»
بين القضايا الرئيسة التي يطرحها الحضور الإماراتي في فن أبوظبي هذا العام، وتحديداً قسم «نحو الأفق» الذي يجمع مشاركات جهات ومؤسسات مجتمعية في المعرض، ومن ثم ينتقل إلى مؤتمر COP28 ليستمر عرضه حتى 12 ديسمبر، تتصدر الاستدامة والتوعية بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والتوازن البيئي كمحور للأعمال المشاركة، إلى جانب التوعية بقضايا اجتماعية وصحية مختلفة، كما في مشاركة الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد، والتي تتصدر مدخل المعرض، وتهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بمرض التصلب المتعدد وتحقيق فهم أفضل وأعمق حوله، وذلك من خلال عمل تركيبي فني بعنوان «كيف تكون الطبيعة ثابتة والشمس لا تتحرك»، للفنانة الإماراتية ميثاء العميرة، التي تدور أعمالها حول التفاعل بين الضوء والزمن والطبيعة، والتركيز بشكل خاص على الشعر، ويتألف العمل من جزأين، ويسلط الضوء على رحلة الأشخاص المتعايشين مع مرض التصلب المتعدد، واستكشاف تعقيدات الجسم البشري بكل أشكاله والعمل على تفسيرها، بالإضافة إلى إظهار خلايا الجهاز العصبي وتشابهها مع الطبيعة، من خلال رسم توضيحي لخريطة تُظهر الترابط بين الجسد والطبيعة، ويتم ذلك من خلال صب أجزاء مختلفة من الأرض حولها، باستخدام مادة الجينات، فتقوم الفنانة بإنشاء وحدات بناء تخزن ذاكرة البيئة المحيطة، حيث تشكل التركيبة الناتجة من القوالب المصنوعة من الجبس تصميماً فريداً لمراحل وأجزاء مختلفة من النباتات والحيوانات المحلية التي تحيط بها. وقامت بالإشراف على العمل القيّمة الفنية ومؤسسة منصة دروازة التجريبية للفنون منيرة الصايغ.
توعية وإبداع
يضم «نحو الأفق» أيضاً، وهو أول مشروع مجتمعي تشاركي في المعرض، مشاركة لمبادرة مشروع سمو الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد، عبر عمل «نسج» للفنانة روضة الشامسي، وهي سجادة صنعها نساجون أفغان ليرووا قصص الإمارات والارتباط العميق بين الإنسان ومفهوم الصناعة اليدوية الذي يعود إلى الجذور العميقة للإنسانية.
في حين تسلط الضوء على مشاركة مؤسسة فاطمة بنت هزاع الثقافية، بالتعاون مع جامعة الإمارات، على سعي شباب الإمارات للحفاظ على المياه، من خلال عمل لطالبات بجامعة الإمارات هن إيمان الفضول، بشاير طالب، علياء راشد، ريم الكعبي، وسلامة النيادي، ويستعرض العمل أنواعاً مختلفة من النباتات المحلية، وأبحاث طلاب الدولة حولها من أجل الأمن الغذائي والحفاظ على المياه، بهدف منع فقدان الموائل واستعادة الأنظمة البيئية الطبيعية. وتقدم مؤسسة الغدير للحرف الإماراتية مجموعة «ترحال» للوريتا بيلينسكايت – موني، التي تحتفي بالتصميمات الإماراتية التقليدية وتقديمها بجماليات معاصرة.
أعمال صديقة للبيئة
ويعرض مجلس إرثي للحرف المعاصر عملاً بعنوان «حائط نسيج التلي»، وهو عمل تفاعلي يدعو الجمهور للمشاركة عبر نسج خيوط بطريقة ساير ياي التقليدية.
ومن شجرة الغاف جاءت مشاركة هيئة المساهمات المجتمعية، عبر عمل دانا الأشقر «متجذرون معاً»، وهو يمثل شجرة غاف متجذرة في الأرض وفروعها وارفة. وتشارك مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بعمل «مهب» للفنانة روضة الكتبي، وهو مصنوع من الخردة المعدنية لمشاريع المجموعة السابقة.
الحي السكني
من المشاركات الإماراتية البارزة كذلك مشاركة الفنان الإماراتي هاشل اللمكي في جناح «بوابة 2023»، تحت إشراف القيّمة الفنية فينيشيا بورتر؛ ويحمل الجناح اســم «الحــي الســكني»، ويأخذ اللمكي زواره عبر رحلة في مسيرته الفنية، وملامح الحياة اليومية في مدينته العين وفي الإمارات.
الدورة الكبرى
تعدّ الدورة الحالية من «فن أبوظبي» هي الكبرى منذ إطلاقه، حيث تشهد مشاركة 92 صالة عرض من 31 دولة من حول العالم، منها 37 صالة عرض تشارك لأول مرة، وتسلط الضوء على مناطق جغرافية جديدة ومتنوعة، منها جورجيا وهونغ كونغ وأميركا اللاتينية، وجنوب آسيا وغربها وشمال إفريقيا، وصالات تشارك للمرة الأولى من جورجيا والمكسيك والبرازيل وسنغافورة وتشيلي، إلى جانب إبراز عدد من المعارض والأعمال الفنية ذات القيمة المتميزة، ليكون المعرض مساحة لاكتشاف تاريخ الفنون العالمية في منارة السعديات.