تؤمن الكاتبة الإماراتية فاطمة بنت علي المحضار، بأنه كلما زادت تعقيدات الحياة وطغيان المادة، زادت أهمية الفلسفة، فهي تسهم في توضيح معالم الحياة، والإجابة عن السؤال الوجودي الكبير: كيف يجب أن نعيش؟ موضحة أن الإنسان المعاصر، أو الجيل العلمي، غالباً ما يختصر وجوده في الاحتياجات المادية، وهو الأمر الذي يمثل مشكلة جوهرية.
وأضافت فاطمة لـ«الإمارات اليوم»: «في هذا العصر الذي يغمرنا فيه فيض من المعلومات والأفكار، تبدو الحاجة ماسّة إلى أدوات تعيننا على الترشيح والتصفية.
وإلى وسائل للتفكير وأدوات فلسفية تمكّننا من التمييز بين الغث والسمين، وتفتح أمامنا آفاقاً أعمق لفهم العالم. فوسط هذا السيل الجارف، يصبح التفكير المنهجي والفلسفي ضرورة وجودية، لا رفاهية فكرية، ليعيد للإنسان قدرته على التأمل والاختيار الواعي في مواجهة التشتت.
ويعتقد بعضهم أن الفلسفة لم تستطع الصمود أمام التطورات العلمية الحديثة، وأن العلماء وحدهم أصحاب المفاتيح لفهم المعرفة. لكن هذا تصوّر مضلل بالنسبة لأهداف الحياة، ما أدى إلى تداعيات مؤسفة على الفرد والمجتمع.
ولكن من جهة أخرى، ينبغي علينا ألا نغفل عن الإسهامات القيمة التي تُبذل لتعزيز الفلسفة في دولة الإمارات لتعزيز مفهوم العقل المستنير، وقدرة الإنسان على التعامل مع الحياة اليومية، وما تفرضه عليه من ضغوط عديدة، وذلك عبر مبادرات بارزة مثل «بيت الفلسفة» بالفجيرة، وما تقوم به من جهود لترسيخ الفلسفة في صميم الحياة
هذا الشغف بالفلسفة، كان دافعاً لفاطمة لإصدار كتابها «مشكلات معاصرة»، ضمن سلسلة كتب الشباب الفلسفية الصادرة عن دار «بيت الفلسفة»، بعد أن قامت بترجمة كتاب «فلسفة الخوف» الذي أصدرته الدار.
موضحة أن هدفها هو الخوض في الكيفية التي عالجت الفلسفة بها التعاملات والتفاعلات العصرية، ليكون محاولة متواضعة للارتقاء بالوعي، ولربط الفلسفة بالحاضر في أذهان القراء.
وأشارت إلى أن الكتاب يتناول مفهوم «المشكلة» من ناحية المعنى، ويستكشف كذلك مختلف القضايا التي تثقل كاهل الإنسان المعاصر، ويحاول أن يطرح بعض الحلول، ليكون بمثابة دعوة للتأمل في جوهر الوجود، والتحديات التي يفرضها شكل العالم الحديث من أزمة الحداثة وما بعد الحداثة، وما اتصل بها من مشكلات أخرى كتشظي الثقافة والاستهلاك، والوصول لفهم أعمق للقضايا التي تواجه الذات البشرية في عصرنا وتؤثر فيها. لافتة إلى أن للكتاب ثلاثة أبعاد فلسفية.
ناقش البعد الأول معنى المشكلة والفرق بينها وبين السؤال.
أما البعد الثاني، فيغوص في تجربة الحاضر والوعي، مُبرزاً ظواهر الحداثة وما بعد الحداثة، وكيف تسهم التجربة والملاحظة في صياغة الفهم الإنساني للعالم، وذلك يتضح من خلال محاولات لفهم مشكلات مثل التحول إلى مجتمع السوق وتشيؤ الإنسان وغيرها.
وفي البعد الثالث، يسعى الكتاب إلى استكشاف سبل حل هذه الإشكالات من خلال الفلسفة الأخلاقية، مُشدداً على أهمية التأمل والاستبطان لفهم الذات.
وذكرت فاطمة التي تستعد للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، أن العمل على الكتاب استغرق ستة أشهر بين البحث، والكتابة، والمراجعة، وهو موجه للقارئ غير المتخصص، وأولئك الذين أبدوا وعياً بمشكلات الحياة العصرية.
وقد كُتب بلغة بسيطة ومقتضبة تهدف إلى نقل أفكار الفلاسفة والمهتمين بالفلسفة دون الانغماس في تفاصيل سيرهم الشخصية أو الأفكار بصورة موسعة. معربة عن أملها في أن يُثير هذا أسئلة القارئ وفضوله ليتجاوز القراءة إلى البحث والاستقصاء في الإحالات والإشارات المتضمنة.
فاطمة بنت علي:
. وسط هذا السيل الجارف يصبح التفكير المنهجي والفلسفي ضرورة وجودية لا رفاهية فكرية، ليعيد للإنسان قدرته على التأمل.