أصبحنا نسمع كلمة الشغف في وظائفنا، وحياتنا اليومية، وفي مدارس أطفالنا وفي قاعة الدروس في الجامعات وحتى في كتب التطوير الذاتي، ولكن ما هو الشغف؟ إنه تلك القوة الكامنة في أعماقنا والتي تحركنا نحو إنجاز مهامنا بكل حماس وعزيمة.

إن الشغف هو المحرك لطاقاتنا وأهدافنا ومهامنا، الشغف هو الذي يكسبنا السعادة والفرح، الشغف هو الاستمرارية ومواجهة معضلات الحياة وصناعة المستقبل الذي نتطلع إليه.. الشغف له تأثير إيجابي على حياتنا لأنه قادر على تحويل التحديات إلى فرص وإنجازات، فمهما كانت الصعوبات فإنه بالشغف يمكن مواجهتها، لذلك تشعر أحياناً بأن الشغف قد يصيبك تجاه شيء ما، أو تحلم بإنجاز عمل أو رغبة بتحقيق هدف فتضعه نصب عينيك، ورغم التحديات والظروف التي قد تمنعك وتقف أمام حلمك، ولكنك تبقى قوياً.

أسوق لك قصة الفيلم الروائي حول مغنية الأوبرا الأمريكية «فلورنس فوستر جنكينز» الذي يتناول سيرة الفترة الأخيرة من حياتها، ورغم أنني شاهدت هذا الفيلم عدة مرات، ولكن يعجبني موضوع شغف هذه السيدة الرائعة التي عشقت الغناء برغم عدم امتلاكها الموهبة، ولكن استطاعت أن تحقق حلمها المتعلق بالموسيقى، لقد آمنت فلورنس بحبها واستطاعت أن تقاوم مرضها وتغلبت عليه بالموسيقى واستطاعت أن تسجل أسطوانة وحيدة شكلت فرقاً في حياتها، ورغم أن هذا الشغف قتلها في نهاية حياتها عندما جاء على هيئة مقالة نقدية من مجلة «نيويورك بوست» على غنائها وفنها، ولكنها في الأخير استطاعت أن تحقق شغفها وقادتها الموسيقى إلى رحلة المتعة والاستمتاع.

كما أسوق لكم قصة أخرى للسيدة هيلين كلير التي فقدت بصرها وسمعها، المذهل في حياة هيلين هو شغفها بالتعلم وإصرارها على ذلك.. فقد أرادت في طفولتها أن تذهب إلى المدرسة وتنافس الأصحاء من أجل تحقيق حلمها بمواصلة تعليمها العالي في جامعة مرموقة والحصول على أعلى الشهادات، ولم يجد أهلها سبيلاً لإقناعها أن تغير رأيها وبعد إصرارها وكفاحها وتغلبها على جميع الصعوبات تمكنت من الالتحاق بمدرسة كمبردج رغم أن الأساتذة والمعلمين لم يمتلكوا أي خبرة في كيفية تدريس الطلبة الصم والمكفوفين، لكنها أظهرت تميزاً وتفوقاً في مدرستها، وكانت تؤدي امتحاناتها عن طريق الآلة الكاتبة في قاعة لوحدها كي لا تزعج الطلاب الآخرين وتؤثر في تحصيلهم العلمي.

لذلك نصيحتي للجميع: لا تبدد قدراتك، وكن قائداً لشغفك في رحلتك لجعل هذا العالم أفضل.

تقول الفائزة بجائزة نوبل ملالا يوسف عن الشغف: «دعونا نصنع مستقبلنا الآن، ودعونا نجعل أحلامنا حقيقة غداً».

لقد دافعت ملالا بشغف عن مهمتها ورغبتها في تحسين التعليم للفتيات حول العالم، وأصبحت من الشخصيات اللواتي أسهمن في إحداث تغيير حول العالم بفضل القوة والشغف، لذلك كن أنت التغيير الذي ينشده العالم من حولنا.

شاركها.