لنحو تسعة أعوام ورائد الأعمال الإماراتي علي الجابري، يمضي حثيثاً في تكريس حضوره العالمي صانعَ عطور إماراتياً نجح – بعزم وإصرار كبيرين – في تحدي العقبات، لبناء علامة تجارية مرموقة تنافس بقوة اليوم، أفضل ماركات العطور حول العالم، رافعاً سقف الطموحات ومُخاطراً بمستقبل مهني قوي في الهندسة الكيميائية في كبريات شركات النفط العالمية، ليضع نصب عينيه هدفاً أسمى ينشد به أفق العالمية، عبر إصدارات إماراتية وعربية تنافس أجود وأشهر العلامات التجارية الأجنبية، الأمر الذي تفوق الجابري في تكريسه اعتماداً على سنوات طويلة ومُضنية من البحث والاجتهاد والتعلم، والدراسات الأكاديمية المتخصصة.

لحظات فارقة عاشها علي الجابري خلال مسيرته المهنية في بناء علامة إماراتية مرموقة، حملت مع الوقت، عنوان منبتها الأصلي (وديان)، لتعكس رحلة عشاقها في عالم الصحراء المزهرة وفخر صنّاعها بجذورهم العربية الأصيلة الممتدة إلى عدد واسع من الدول حول العالم، «لقد نجحنا اليوم في بيع منتجنا في 45 دولة، كما أن لدينا الآن 16 إصداراً ناجحاً، آخرها العطر الذي قدّمنا فيه اللبان العماني (الحوجري)، لنبرز ألق العطور الشرقية التي نطمح لأن نكون اللاعبين الأبرز فيها عالمياً».

أفق الطموح

وفي مستهل حواره مع «الإمارات اليوم»، توقف رائد الأعمال الإماراتي عند بدايات توجّهه إلى عالم العطور الذي تزامن آنذاك مع عمله في شركة «أدنوك»، وابتعاثه ضمن أحد المشروعات الكبيرة مع مجموعة من المهندسين، إلى مدينة ميلانو الإيطالية، المكان الذي اكتشف فيه توق أغلبية العلامات إلى موطئ قدم في أسواق الإمارات والخليج العربي، ما دفعه إلى التفكير بطريقة مغايرة قائلاً: «فكرت آنذاك في تجربة علامة تجارية عربية واحدة – على الأقل – تنجح في فتح فرع باسمها في ميلانو مثلاً، وترقى إلى أن تنافس أكبر العلامات التجارية العالمية من ناحية الجودة»، مضيفاً: «هذه الفكرة راودتني عام 2010، ووجدت طريقها إلى التنفيذ عبر خطوات عملية بدأتها مباشرة بعد عودتي إلى الإمارات.

فقررت دعم معارفي في المجال عبر الالتحاق بجامعة السوربون – أبو ظبي لدراسة الماجستير والتخصص في إدارة التسويق والاتصال والإعلام، لحاجتي الماسّة آنذاك إلى التعرّف إلى جميع خطوات مراحل وأساسيات بناء مشروعي».

شغف العطور

وحول خيار عالم العطور تحديداً للانطلاق في مجال ريادة الأعمال، أشار الجابري، إلى أن انتشار شغف العطور المتعارف عليه بين أجيال منطقة الخليج العربي، هو أكثر ما دفعه نحو خوض غمار التجربة خلال فترة إعداد الماجستير، لافتاً إلى مبادرته بعرض فكرته الجديدة على عدد من الكوادر الفرنسية المحاضرة وأساتذته قائلاً: «أعجب كثيرون بفكرتي، بينما لم يشجعني آخرون عليها بسبب المنافسة القوية التي تتحكم في هذا المجال، لكن هذا الأمر لم يزدني إلا إصراراً على المضي قدماً في تأسيس مشروعي، تزامناً مع تخرجي في الجامعة عام 2012»، متابعاً: «من ثم قررت السفر إلى فرنسا وإطلاق علامتي التجارية الأولى (أي جي آربيا)، وحظيت وقتها بمساعدة عدد من الإخوة التونسيين المختصين في المجال بباريس، فيما استعنت للارتقاء بتجربتي الجديدة، بعدد واسع من المختصين في عالم العطور».

عثرات الطريق

وفي سياق حديثه عن إطلاق مجموعته الحصرية الأولى «بلاك ون وبلاك تو» عام 2014، في سلسلة متاجر «هارودز» الشهيرة، توقف علي الجابري عند أهم العقبات التي واجهته، مؤكداً أنه راهن على تمويل مشروعه اعتماداً على ما تلقّاه من تعويض عن إنهاء خدماته مهندساً أسبق، مُخاطراً بأمان أسرته المادي: «لم يكن أمامي من خيار سوى الاستمرار والنجاح، خصوصاً أنني لم أجد التقبّل الكافي لإطلاق العطر الجديد في الأسواق الإماراتية، لحداثته وعدم قدرته على أن يعرض إلى جانب العلامات التجارية العالمية الكبرى.

في المقابل وبعد القبول الذي حققته المجموعة الأولى، تم تسويقه في العاصمة الروسية بنجاح، قبل أن يعود إلى الإمارات ويحوز المكانة التي يستحقها»، مشيراً إلى حرصه على تقديم منتج في مستوى المنافسة العالمية، سواء من ناحية الشكل الذي كان يصنع في إيطاليا ويعبّأ في عاصمة العطور الأشهر، باريس، أو مضمون العطر الذي مزجت زيوته في مدينة غراس، عاصمة العطور العالمية بامتياز.

الجودة أولاً

في معرض حديثه عن العطور الشرقية التي أطلقتها علامة «وديان»، توقف علي الجابري عند مجموعتي «ليوا» المستوحاة من الصحراء، و«لندن»، اللتين مازالتا تحقّقان النجاح العالمي المرتقب، متحدثاً عند مبدأ تسعير منتجاته، حيث أكد أنه متوافق مع معايير الجودة والتميز التي تحملها عطور الدار، مضيفاً: «يعد السعر في عالم الكماليات مقابلاً عادلاً للجودة التي لا يمكن التنازل عنها، لتقديم منتجات بمواصفات عالمية راقية وفريدة، لكن يمكن الحديث – في هذا الإطار – عن الموازنة التي تخلقها (وديان) باستمرار بين الجودة والسعر، لتقديم منتجات راقية وقادرة على الوصول إلى فئة الشباب».

شاركها.