الإيمان العميق بأهمية حفظ التراث والموروث التاريخي لدولة الإمارات، قاد الشابة الإماراتية عفراء بطي القبيسي إلى إطلاق مبادرة «The Archivist Club» عبر «إنستغرام»، لتكون منصة لا يقتصر هدفها فقط على رفع الوعي بأهمية الأرشيف في حفظ تاريخ البلاد، ولكن أيضاً في ترسيخ أسس الأرشفة التقنية التي تمكن الأفراد والمؤسسات من حفظ بياناتهم وذكرياتهم لأجيال مقبلة.
وأوضحت القبيسي، لـ«الإمارات اليوم»، أن المبادرة تقوم على الطابع المجتمعي، حيث تسعى للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الأفراد من مختلف الجنسيات والأعمار، وتشجيعهم على المشاركة عبر المنصة من خلال نشر مقالات تقنية وعرض صور تاريخية يقدمها المتابعون بأنفسهم، سواء كانت عن عائلاتهم أو عن ماضيهم الشخصي في الإمارات، كما تتميز المنصة عن غيرها من المبادرات المهتمة بالتراث والتاريخ بالتركيز على الجوانب التقنية للأرشفة، إضافة إلى تقديم محتوى تاريخي جذاب حول دولة الإمارات، وتقديم معلومات عملية حول كيفية الحفاظ على الوثائق والصور وطرق الأرشفة الرقمية، ما يتيح للأفراد والمؤسسات حماية أرشيفاتهم الشخصية أو المهنية، مشيرة إلى أن إطلاق المشروع جاء بعد دراسة وتخطيط متكامل، ووضع خريطة طريق واضحة لتنفيذه بطريقة احترافية وجذابة.
وأضافت: «فكرة المبادرة بدأت من شغفي بالتاريخ، وإيماني العميق بأهمية حفظ التراث والموروث التاريخي لدولة الإمارات، وضرورة تقديمه للأجيال الحالية بأسلوب عصري وتثقيفي، وبعد أن لاحظت أن هناك فراغاً بين الوثائق الأرشيفية، التي تحتوي على ثروة من المعلومات، والأجيال الجديدة التي قد لا تدرك أهمية هذه المعلومات، لذا أسست (Archivist Club) كمنصة تهدف إلى رفع الوعي بأهمية الأرشيف، ودوره في ترسيخ أسس الأرشفة التقنية التي تمكّن الأفراد والمؤسسات من حفظ بياناتهم وذكرياتهم لأجيال قادمة».
ولفتت القبيسي إلى أن التاريخ بالنسبة لها ليس فقط شغفاً وهواية، بل تخصص أكاديمي ومهني، حيث تعمل كأخصائي أرشيف في الأرشيف والمكتبة الوطنية، ودرست علوم الأرشيف وإدارة السجلات في جامعة السوربون، كما عملت مدرساً خاصاً في الجامعة، إضافة إلى عملها الحر في المجال الأرشيفي، وحصلت على شهادة من برنامج صيفي في أكسفورد، يركز على التاريخ والدبلوماسية الأرشيفية، وأخرى من المجلس الدولي للأرشيف حول العناية بالمجموعات، كما قدمت مشروعاً بحثياً حول أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في مجال الأرشفة خلال مؤتمر المجلس الدولي للأرشيف في أبوظبي لعام 2023.
جسور تواصل
وأرجعت القبيسي اختيارها للغة الإنجليزية للمنصة إلى رغبتها في الوصول إلى جمهور واسع من مختلف الجنسيات والثقافات، حيث تحرص المنصة على التواصل مع المهتمين بالتاريخ والتراث من داخل دولة الإمارات وخارجها، وتسهم اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة عالمية في تحقيق هذا الهدف بشكل فعّال، كما تتيح لها بناء جسور تواصل مع متخصصين وعشاق للتاريخ من أنحاء العالم، ما يعزز فهمهم للتراث الإماراتي، ويسهّل تبادل الأفكار والمعرفة معهم حول تقنيات الأرشفة وأهميتها.
وعن المعايير التي تعتمدها المنصة في ما تقدمه من معلومات، أوضحت القبيسي أن أهم هذه المعايير الالتزام بالمصادر الموثوقة في نشر المعلومات، والحرص على تقديم المحتوى بأسلوب متقن وجذاب يتماشى مع قيم المصداقية والشفافية. كذلك تهتم القبيسي باستخدام أدوات بصرية حديثة، وتوظيف الرسومات والوسائط الرقمية لتسهيل فهم المعلومات التقنية وجذب المتابعين، كما يشكل التفاعل المستمر مع الجمهور جزءاً أساسياً من استراتيجية عمل المنصة، بما يفتح المجال للخبراء والأفراد للمشاركة بأعمالهم أو مقالاتهم حول علم الأرشفة أو الصور التاريخية، ما يضيف تنوعاً وعمقاً للمحتوى، ويعزز التميز والمصداقية.
صعوبات
وذكرت عفراء القبيسي أن تنفيذ مبادرتها لم يخل من صعوبات، ولكن شغفها بالفكرة كان حافزاً لها لتجاوز هذه الصعوبات، ومن أبرزها استخدام التكنولوجيا لعرض المحتوى التاريخي بشكل فني رشيق وتفاعلي، وأيضاً في توجيه الجمهور نحو التفاعل مع المحتوى الأرشيفي، إذ إن المواد الأرشيفية غالباً ما تُعتبر مادة صعبة أو جافة. كما كان من الصعب جذب قاعدة متابعين كبيرة تهتم بعلم الأرشيف والتاريخ، لكن من خلال نشر صور ومقاطع فيديو تاريخية، إضافة إلى المعلومات التقنية حول طرق الأرشفة، تمكنّت من جذب جمهور شغوف بالتاريخ، ويهتم بالحفاظ على بياناته بطريقة علمية وبسيطة.
عفراء القبيسي:
. المبادرة تسعى للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الأفراد من مختلف الجنسيات والأعمار، وتشجيعهم على المشاركة ولو بذكرياتهم الشخصية.