أكدت المديرة التنفيذية لقطاع الفنون والتصميم والآداب في هيئة الثقافة والفنون بدبي، شيماء السويدي، أن المشهد الفني والثقافي في الإمارة، شهد خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، إذ لم يعد مقتصراً على نطاق المبادرات والأنشطة التي تنظمها بعض المؤسسات والأفراد، بل تحول إلى منظومة متكاملة تتسم بالتنوع والانفتاح، وتركز على دعم المواهب، وتعمل على تعزيز ريادة الأعمال الإبداعية، مشيرة إلى أن دبي تمثل نموذجاً رائداً لمدن المستقبل بفضل قدرتها على تبني ممارسات وآليات عمل مبتكرة، تمكنها من مواكبة التغيرات العالمية المتسارعة في مختلف المجالات، وقد أثبتت، من خلال استراتيجياتها المبتكرة، أن الثقافة تمثّل قوة اقتصادية، وأداة تعكس قدرتها على مد جسور التواصل مع المجتمعات الأخرى، إذ نجحت في بناء منظومة ثقافية متطورة، ودعمت ريادة الأعمال الإبداعية، وأسست اقتصاداً قائماً على المعرفة والابتكار.
ولفتت إلى أن الإمارة تمكنت العام الماضي من استقطاب 971 مشروعاً في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وأدى ذلك إلى ارتفاع إجمالي تدفقات رؤوس أموال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع إلى 18.86 مليار درهم، بزيادة نسبتها 60%.
سلسلة إنجازات
وأضافت شيماء السويدي في حوارها مع «الإمارات اليوم» أن دبي تركز على ريادة الأعمال الإبداعية التي تتحقق من خلال توفير بنية تحتية رقمية متقدمة، وإطلاق استراتيجيات مدروسة تسهم في تهيئة بيئة متفردة قادرة على تمكين القطاع الثقافي والإبداعي، مشيرة إلى أن المنظومة التي يتم العمل عليها، أسهمت في إيجاد مناطق إبداعية في الإمارة، منها منطقة القوز الإبداعية، والسركال أفينيو، وحي دبي للتصميم، وغيرها، ما أتاح المجال أمام أصحاب المواهب الرواد والناشئة للمساهمة في دعم الصناعات الثقافية والإبداعية.
وأضافت: «بفضل إيمان القيادة الرشيدة بأهمية الثقافة ودورها في بناء اقتصاد دبي، نجحت الإمارة في تحقيق سلسلة من الإنجازات في المجالات الثقافية والإبداعية، جعلت منها وجهة عالمية مفضلة للمستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع المبتكرة، للاستفادة من إمكانات دبي، وما توفره من فرص وتسهيلات وقدرة عالية على تنظيم واستضافة الفعاليات والأحداث الدولية، ما يعزز مكانتها مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب».
وأوضحت شيماء السويدي أن «دبي للثقافة» تلتزم برعاية أصحاب المواهب وتمنحهم فرصاً للتدريب والتطوير المهني في مختلف القطاعات، وتوفر لهم منصات مبتكرة تتيح إمكانية التفاعل وتبادل الخبرات، وتساعدهم على عرض إبداعاتهم المتميزة، وهو ما يتجسد في برنامج «منحة دبي الثقافية»، الذي يقدم مجموعة واسعة من المنح بموازنة تصل إلى 180 مليون درهم سيتم توزيعها على مدار 10 سنوات، أما في قطاع التصميم، فأطلقت الهيئة «استراتيجية قطاع التصميم 2033» الهادفة إلى تمكين القطاع وتحفيز روح الابتكار وريادة الأعمال لدى أصحاب المواهب الإبداعية، وتشجيعهم على تحويل تجاربهم إلى قيمة مضافة ومورد اقتصادي مستدام، كما تسهم الهيئة من خلال برنامج «ورشة المواهب» الذي أطلقته بالتعاون مع «ليكول الشرق الأوسط»، في إثراء خبرات المواهب الإماراتية الشابة في مجال تصميم وصناعة المجوهرات، إلى جانب دعمها «معرض المصممين الإماراتيين» ضمن فعاليات «داون تاون ديزاين»، الحدث الرئيس لأسبوع دبي للتصميم.
ولفتت إلى أن الهيئة تسعى إلى توفير فرص عدة للفنانين من خلال مهرجان سكة للفنون والتصميم، ومنتدى القوز للريادة الإبداعية، وبرنامج «التعليم الموسيقي للإماراتيين»، الذي أطلقته بالتعاون مع الأوركسترا الوطنية للشباب – دبي، إضافة إلى برنامج «أساسيات التقييم الفني» الذي تنظمه بالتعاون مع مركز نود برلين، وغيرها، مشددة على أن مجالات الدعم لا تقتصر على قطاعات التصميم والفنون فقط، بل تتسع لتشمل مجالات أخرى، إذ تسعى إلى تعزيز جاهزية أعضاء المجتمع الإبداعي لسوق العمل المستقبلية، عبر منحهم الفرصة للاستفادة من برامج ودورات مبادرة «التعلم الإلكتروني» التي أطلقتها بالتعاون مع «لينكدإن»، أكبر شبكة مهنية في العالم.
فرص وتسهيلات
وقالت شيماء السويدي إن دبي نجحت في أن تكون وجهة جاذبة لرواد الأعمال والمستثمرين، بفضل ما تمتلكه من فرص استثمارية تلبي متطلبات المبدعين في المجالات كافة، وتقدم لهم تسهيلات تمكنهم من النجاح والتطور، وتأسيس مشاريعهم المرتبطة بالصناعات الثقافية والإبداعية، وهو ما جعل القطاع الإبداعي رافداً مهماً في اقتصاد الإمارة، موضحة أنه وفقاً للبيانات الصادرة من مؤسسة دبي للبيانات والإحصاء، قد حقق قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في دبي قيمة مضافة بلغت 21.96 مليار درهم في عام 2022، مساهماً بما نسبته 4.6% من مجمل الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، ما يعكس حجم وتأثير الاقتصاد الإبداعي في دبي التي حافظت للسنة الثالثة على التوالي على مكانتها كونها أفضل وجهة عالمية في استقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية، في حين تمكنت خلال عام 2024 من استقطاب 971 مشروعاً في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، ما يمثل زيادة نسبتها 8% مقارنةً بالعام السابق بواقع 898 مشروعاً، وأدى ذلك إلى ارتفاع إجمالي لتدفقات رؤوس أموال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع إلى 18.86 مليار درهم، بزيادة نحو 60%، كما أسهم ذلك في توفير 23 ألفاً و517 فرصة عمل جديدة من خلال هذه المشاريع في عام 2024، ما يمثل زيادة 9% مقارنةً بـ2023.
وذكرت شيماء السويدي أن «دبي للثقافة» لا تتوقف عن تطوير منظومة العمل الثقافي في الإمارة، وعقد الشراكات الاستراتيجية ومد جسور التواصل مع المؤسسات والمراكز الإبداعية العالمية، بهدف تعزيز التبادل الفكري وأفضل الممارسات والخبرات، وإيجاد منصات مبتكرة تسهم في توسيع نطاق حضور أصحاب المواهب المحلية على الخريطة الدولية.
وعبرت عن إيمان الهيئة بأهمية الثقافة ودورها في تنمية المجتمع والتعبير عن هويته، والسعي إلى بناء منظومة ثقافية مستدامة، تسهم في دمج الفنون المعاصرة والممارسات الإبداعية الحديثة في الحياة اليومية، لجعل الثقافة في متناول الجميع، وهو ما يمكن لمسه في «استراتيجية الفن في الأماكن العامة»، التي تبرز هوية الإمارة الثقافية، ومبادرة «صندوق القراءة»، ومشروع «مدارس الحياة» الذي نجح في تحويل مكتبات دبي العامة إلى منصات تفاعلية نابضة بالحياة، وغيرها الكثير.
مركز عالمي
قالت شيماء السويدي إن دبي تمكنت من ابتكار سياسات مؤثرة تحفز مشاركة المبدعين والفنانين في عمليات التصميم والبناء ودعم مسيرة التنمية المستدامة، مستفيدة من عضويتها في الشبكات الدولية المختلفة، مثل اليونسكو للمدن الإبداعية، إذ تُعد الإمارة أول مدينة مبدعة في مجال التصميم بمنطقة الشرق الأوسط، ما يعكس أهمية دورها كونها حاضنة للإبداع والحوار الثقافي، وهو ما عزز جاذبيتها وجعل منها وجهة مرموقة لقادة الثقافة والمستثمرين ورواد الأعمال والمبدعين، مستندة في ذلك إلى إمكاناتها وقدرتها على تنظيم واستضافة الفعاليات والأحداث الثقافية والفنية المحلية والعالمية، ومن أبرزها المؤتمر الـ27 للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم دبي 2025»، وكذلك «المؤتمر الدولي للفنون الرقمية» الذي سيعقد في أبريل 2026، وغيرها الكثير، وهو ما يعد نتاجاً لوضوح رؤية قيادتها الرشيدة الهادفة إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للاقتصاد الإبداعي.
. «دبي للثقافة» تسعى لدمج الفنون المعاصرة والممارسات الإبداعية الحديثة في الحياة اليومية، لجعل الثقافة في متناول الجميع.
. 971 مشروعاً في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، استقطبتها دبي العام الماضي.
. 180 مليون درهم ستوزع على مدار 10 سنوات ضمن برنامج «منحة دبي الثقافية».
