كشعلة من نار تخرج من باطن الأرض، جسد الفنان العالمي، إل سيد، حروف كلمة «تخيل» في المنحوتة التي كشف عنها في ند الشبا، بتكليف من هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، وكجزء من «الفن في الأماكن العامة».
باللون الزهري، وعبر تركيب تبدو فيه الحروف كأنها تخرج من باطن الأرض، صمم الفنان العالمي العبارة بالقرب من مركز تشكيل الذي نفذ العمل تحت إدارته، ووضع حروف الكلمة بأسلوب يتيح للناس التفاعل معه، وترتفع حروف الكلمة أمتاراً عدة، وحول شكل التصميم وفكرته تحدث إل سيد لـ«الإمارات اليوم»، قائلاً: «شاركت في برنامج الإقامة الفنية في مركز تشكيل في اعام 2013، وقالت لي الشيخة لطيفة بنت مكتوم، مدير ومؤسس المركز: تخيل أنك تقدم عملاً لم تقدمه من قبل، وعملت على تحويل الأعمال الثنائية الأبعاد إلى ثلاثية الأبعاد، ثم طلبت مني كلمة تخيل وجسدتها في هذا العمل»، وأشار إلى أن تنفيذ العمل أتى من فكرته، إذ يبدو كأنه شعلة نار تخرج من الأرض، أو كأنه شيء ينمو ويكبر، وصمم الشكل في البدء، ثم قام بتركيب الحروف على نحو حر، وتحول التصميم إلى عمل يمكن التفاعل معه.
لون غير متوقع
اختار إل سيد اللون الوردي لهذه المنحوتة، وهي ليست المرة الأولى التي يقدم فيها عملاً بهذا اللون. ونوه إلى أنه يلجأ إلى هذا اللون لأن الخط العربي التقليدي غالباً ما يكتب باللونين الفضي والأسود، واللون الوردي غير متوقع على الإطلاق في الخط العربي، كما أنه بعد تقديم أكثر من عمل بهذا اللون تحول إلى بصمة خاصة، ويحمل له ذكرى جميلة مع مركز تشكيل، إذ قدم أول عمل ثلاثي الأبعاد بهذا اللون، واعتبر أن الهوية الخاصة بالفنان تظهر من خلال الأعمال، ولكن التحدي الأصعب ألا يعيد نفسه، بل أن يكون في تطور دائم. وأكد أن وجود عمله ضمن استراتيجية «الفن في الأماكن العامة» يحمل طابعاً مهماً، لأنه يضع عامة الناس على احتكاك مباشر بالفنون، وهذا بدوره يخلق وعياً ونوعاً من الفضول تجاه العمل لمعرفة المزيد، وحول تعاونه مع «تشكيل» لفت إل سيد إلى أنه في بداياته تلقى الدعم من الشيخة لطيفة بنت مكتوم، وأن تقديم عمل جديد مع تشكيل هو مدعاة فخر وسعادة ونوع من التعبير عن الشكر لكل الدعم.
بلا حدود
وحول علاقته بالحرف العربي، أشار إل سيد إلى أنه لم يكن ملماً باللغة العربية قبل بلوغه سن الـ18، إذ درس اللغة العربية في هذا العمر، موضحاً أنه لم يدرس مدارس الخط الكلاسيكي، بل يتعمد استخدام الحروف بشكل حر، مشدداً على أن الفن ليس له حدود أو قوانين، والقوانين تجعله أقرب إلى العلوم، وأكد أن الخط العربي يلمس الروح، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي بات جزءاً من الحياة اليومية، وقد يصعب تلافي التعرف إلى كل ما هو جديد، لأن الفنان يتطور من خلال التجديد.
فن للجمهور
وأكدت مديرة مشاريع الفن في الأماكن العامة بهيئة الثقافة والفنون، موزة الحسين لوتاه، أن المنحوتة تعتبر جزءاً من مشروع فن الأماكن العامة ومن التعاون مع مركز تشكيل، والذي سيضم ثلاثة أعمال فنية، موضحة أن هذا العمل يدلل على أهمية التعاون بين الهيئة والقطاع الخاص الذي يتيح إنجاز هذه الاعمال، ولفتت لوتاه إلى أن الفن العام يتوجه للجمهور، وهو يتيح التعرف إلى تاريخ المكان وكذلك مستقبله، مؤكدة أن الاستراتيجية الخاصة بفن الأماكن العامة تقوم على خمسة أهداف، هي تعزيز البنية التحتية للفن في الأماكن العامة، وتنمية المواهب، وتعزيز السياحة الثقافية، وتعزيز الاندماج العالمي عبر الفن في الأماكن العامة من خلال تمثيل وجهات النظر والثقافات المتنوعة، فضلاً عن خلق ثقافة الإبداع وريادة الأعمال.
رعاية الفنانين
وأكد مدير التسويق والاتصال في مركز تشكيل، كرم حور، أن هذا العمل أطلق بالتعاون مع هيئة الثقافة والفنون في دبي كجزء من استراتيجية «الفن العام»، وتم اختيار إل سيد كونه من الفنانين العالميين، وقد عمل على كلمة تخيل، التي ترمز إلى عدم وجود الحدود في الخيال، وأكد حور على وجود أكثر من مشروع وتعاون مع «دبي للثقافة»، وسيتم الكشف عن الأعمال في وقت قريب، وستكون مطروحة في أماكن استراتيجية في المدينة، واعتبر أن مشاركة تشكيل في هذه الاستراتيجية تعمل على رفد المشهد الفني في الإمارات، وتشكل نوعا من تسليط الضوء على رعاية الفنانين ودعمهم، فالفن العام يوضع في أماكن تتيح للناس التفاعل معها، وهذا ينعكس على الوعي البصري في مجال الفنون.
حقائق
اعتمد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، استراتيجية «الفن في الأماكن العامة» في يناير 2022، وقامت دبي للثقافة بتكليف شركائها من القطاع الخاص، ومنهم «آرت دبي» و«تشكيل» و«السركال» و«فن جميل» و«مركز عكاس للفنون البصرية»، بعملية تنفيذ التركيبات الفنية بمختلف الأحجام في جميع أنحاء الإمارة، وتعكس الاستراتيجية حرص «دبي للثقافة» على تمكين المبدعين وأصحاب المواهب، والتنسيق مع المؤسسات المختلفة والجهات الفاعلة في قطاع الفنون لتحويل شوارع دبي وأحيائها الحضرية وساحاتها وميادينها العامة إلى وجهات سياحية وثقافية بما تحتضنه من أعمال فنية وتركيبية ولوحات وجداريات ومجسمات فنية تعكس الهوية الإبداعية للإمارة، وتخلق فضاء حضارياً تفاعلياً بين الفنانين والجمهور.
كرم حور:
. الفن العام يوضع في أماكن تتيح للناس التفاعل معها، وهذا ينعكس على الوعي البصري في مجال الفنون.