تدخل اللبنانية منية عقل أسرة مخرجي «نتفليكس» من خلال مسلسل بعنوان «هاوس أوف غينيس» (بيت غينيس) توفّره منصة البث التدفقي العملاقة قريباً، بعدما برزت السينمائية الآتية من بلد الأرز عالمياً في السنوات الأخيرة خصوصاً بفضل فيلمها «كوستا برافا».
وتتولى منية عقل إخراج الحلقات الثلاث الأخيرة من ثماني حلقات تشكل هذه السلسلة الدرامية التي تتمحور حول أبناء عائلة غينيس في صراعهم للسيطرة على ثروة والدهم.
وتولى البريطاني ستيفن نايت الذي أوكلت إليه أخيراً مهمة كتابة سيناريو الجزء الجديد من سلسلة أفلام جيمس بوند، صوغَ حوارات المسلسل المقرر طرحه في 25 سبتمبر المقبل، وشارك البريطاني توم شانكلاند في إخراج حلقاته الأخرى.
وتقول منية عقل (36 عاماً) لوكالة «فرانس برس» عن كيفية وصولها إلى هذا الإنتاج التلفزيوني العالمي الذي يشارك ببطولته أنتوني بويل وجيمس نورتون: «عملت بجدّ وكثيراً طوال حياتي، ما أتاح لي مقابلة الأشخاص المناسبين الذين منحوني فرصاً».
فالفيلم الروائي الأول للمخرجة الشابة بعنوان «كوستا برافا – لبنان» من بطولة نادين لبكي، استأثر قبل ثلاثة أعوام باهتمام وكلاء في بريطانيا يعملون كوسطاء بين المخرجين والمنتجين والموزعين، بعد عرضه في مهرجانات عالمية من بينها البندقية وتورنتو ولندن، ونال فيها جوائز.
وقبلها شارك فيلمها القصير «سابمارين» في مهرجان كان السينمائي عام 2016.
وتروي منية عقل أنها دخلت للمرة الأولى عالم المسلسلات في بريطانيا من خلال المنتجَين البريطانيين، الممثل ستيفن غراهام والمخرج فيليب بارانتيني «اللذين أُعجبا بـ(كوستا برافا) وطلبا مني أن أُخرج حلقتين من مسلسل (بويلينغ بوينت) الذي عرضته محطة بي بي سي».
قصة أسرة
وفتح هذا المسلسل أبواباً كثيرة أمام المخرجة، مضيفة: «التعاون كان ناجحاً جداً لدرجة أن (بي بي سي) عرضت عليّ المسلسل البوليسي (ذي ريسبوندر) من بطولة مارتن فريمان».
ومن خلال هذا المسلسل، شقّ اسمها طريقه في الصناعة التلفزيونية البريطانية وحطّ في «هاوس أوف غينيس»، وأقنعت المنتجين برؤيتها البصرية للسيناريو.
وتنجذب منية عقل إلى القصص التي تتناول عائلات تعاني خللاً، وهذا ما صوّرته في فيلمها «كوستا برافا». ومع أن «قصة (هاوس أوف غينيس) تعود للقرن الـ19، وفيها خيول وحروب، لكنها في جوهرها قصة أسرة مختلّة»، بحسب المخرجة اللبنانية. وتكمل: «أعرف موضوع الأسر المختلة جيداً، وأجريتُ الكثير من الأبحاث عنه، وكذلك عن تاريخ إيرلندا، ووجدت الكثير من الجوامع المشتركة بين النزاع الإيرلندي وبعض النزاعات في الشرق الأوسط».
صورة مصغرة
وتلاحِظ منية عقل أن العلاقة بين عائلة غينيس وبقية المجتمع الإيرلندي «صورة مصغّرة لإيرلندا، وإيرلندا بدورها صورة مصغرة للعالم من خلال الصراعات السياسية، والتفاوت الطبقي، والعلاقات الزوجية، والعلاقات بين الأخوة، وشعور البعض بأنهم منبوذون من العائلة أو محتضنون».
وما شدّها أكثر إلى هذا المسلسل هو الأسلوب في كتابة قصص الحب، إذ إن كل علاقة مختلفة عن الأخرى وفريدة.
وركزت المخرجة في صوغها المشاهد على «خصوصية الشخصيات والعلاقات في ما بينها»، وحرصت على أن تكون وفيةً لعالم ستيفن نايت «الذي يحترم كثيراً عمل المخرج وحين يسند إليه السيناريو، يعطيه الحرية الكاملة في التصرف به».
وتمثَّلَ التحدي الحقيقي بالنسبة إلى منية عقل في إدارة مجموعة من الشخصيات، ومواكبة وتيرة العمل التلفزيوني السريعة. وأدخلت المخرجة أسلوبها الفني بطرق عدة، منها الاستعانة بمدير التصوير اللبناني جو سعادة الذي سبق أن عملت معه ليكون جزءاً من المشروع، مؤكدة: «يفهم أحدنا الآخر بصمت.. وهو بالفعل حوّل المشاهد إلى لوحات».
كأنه فيلم
وتعاملت منية عقل مع المسلسل «كأنه فيلم سينمائي». واعتمدت «اللقطات الطويلة»، وقللَت قدر الإمكان من التقطيع. وتشرح المخرجة التي درست الهندسة المعمارية رغم شغفها بالسينما: «اعتمدتُ لغة بصرية تجعل المشاهد يشعر بأننا في عالم ذاتي، واستخدمتُ فضاءات انطباعية كهندسة القصور والمناظر الطبيعية، كوسيلة للتعبير عن مشاعر الشخصيات، وعن كونها سجينة هذه المساحات».
ونصيحتها للمخرجين الشباب أن يقدّموا أعمالاً شخصية تمثّلهم بصدق، مضيفة: «ثمة الكثير من الأعمال المكررة، وما ينقصنا هو الأصالة. أعتقد أن العالم يبحث عن أصوات أصيلة تتميز بفرادتها. لا تبتعدوا عن هويتكم، لأن هذه الأصالة هي التي تعطي قيمة للعمل».
إحساس وشغف
لم يغيّر انتقال المخرجة منية عقل من الأفلام المستقلة إلى الإنتاج التلفزيوني العالمي ملامح أسلوبها في العمل. وتقول: «سواء كنت أصوّر فيلماً قصيراً مع أصدقائي في بيروت أو مشروعاً بملايين الدولارات مع (نتفليكس)، أعمل بإحساس وشغف، وأحاول أن أبحث دائماً في السيناريو عن شيء خاص بي».