منذ مرحلة مبكرة من عمرها عشقت الإماراتية، سهيلة الخزعلي، الحِرَف اليدوية، لتدخل بعد حين إلى عالم صناعة السجاد اليدوي، قبل أن تنتقل إلى العمل مدربة وملهمة لعشرات النساء داخل الوطن وخارجه، إذ استطاعت بشغفها وإتقانها لهذه الحرفة، التي تتنقل فيها بين خيوط الصوف والحرير، نسج مسيرة مميزة وصلت أصداؤها إلى عدد من الدول العربية والأوروبية والإفريقية.

وتوقفت سهيلة، في مستهل حوارها مع «الإمارات اليوم»، عند بدايات تعلمها لهذه الحرفة اليدوية التي أكدت أنها انطلقت من قرار شخصي، مضيفة: «بالتوازي مع تجربة الأمومة، بدأت أتعلم عدداً من الحِرف اليدوية، فكنت أشتري القطع اليدوية وأعيد تفكيكها وتركيبها من جديد، كما عملت في تلك المرحلة في مجال الزهور والسيراميك، قبل أن أختار في 2007، حرفة السجاد اليدوي، على الرغم من أن موادها الأولية لم تكن متوافرة حينها بكثرة في الإمارات».

وأكملت: «قررت في 2009 التوجّه إلى مدينة تبريز، لتعلم مبادئ وأساسيات الحِرفة على أيدي عائلة عريقة امتهنت حرفة السجاد اليدوي منذ زمن طويل، ومع أنني لم أتعلم في الأسبوع الأول سوى عقدة واحدة، إلا أنني واصلت مسيرة التعلم حتى أتقنت الرسم والنقش واختيار مختلف أصناف الصوف والحرير، وعدت أكثر من مرة حتى أتقنت فهم كيفية تحويل الرسم إلى سجاد، وكيفية ترتيب الألوان وخيوط الصوف والحرير لتتحول إلى لوحة متكاملة».

لحظات لا تنسى

وبعد هذا الإصرار على تحقيق حلمها، وهذه الرغبة في تعلم حرفة يدوية فريدة، عادت سهيلة إلى الإمارات لتبدأ مشروعها الصغير، وبدأت مساعيها المجتهدة في تحصيل تمويل لمشروعها إلى أن جاءت لحظة حاسمة غيّرت مسارها المهني بالكامل، لتعلن فوز مشروعها بدعم سخي من «صندوق خليفة»، بعد أن عرضت أعمالها أمام لجنة متخصصة، موضحة: «قلت للجنة أنا لا أتقن لغة الكمبيوتر ولا الحسابات، ولا أمتلك إلا مهارتي في استخدام الإبرة والخيط.. وتم بعد نحو يومين التواصل معي وإخباري بحصولي على أعلى دعم وتقييم بلغت قيمته 200 ألف درهم، وبفضل هذا الدعم الكبير تمكنت من إنشاء مصنع متكامل لصناعة اللوحات من السجاد اليدوي، والاستعانة بخبرات محلية وخارجية، والبدء بثبات في مرحلة إنتاج لوحات من السجاد اليدوي المصنوع من الحرير والصوف حازت – والحمد لله – إعجاب الجمهور».

وبفخر تتذكر سهيلة الخزعلي مشاركاتها في معارض نوعية، واعتزازها بالشهادات التي نالتها من أعلى المستويات: «كانت هذه اللحظات استثنائية بكل المقاييس، لأنها منحتني شعوراً بالسعادة والفخر والرغبة في العمل ومزيد من العطاء اعترافاً بجميل دولتي التي وهبتني الكثير».

وأكملت: «توالت بعد ذلك مشاركاتي في العديد من المعارض والفعاليات الاجتماعية والمناسبات المتنوعة، بينما شجعتني النجاحات التي كرستها في مجالي، على تمكين فئات النساء في هذا المجال، فقررت دخول ميدان تدريب الفتيات والنساء على تعلم أصول حياكة السجاد اليدوي، وكانت البدايات حينها مع عدد من نزيلات سجن عجمان، ثم مع نادي فتيات عجمان ودار المسنين وجمعية أم المؤمنين، كما كان لي شرف تدريب 40 امرأة من اليمن، بينما لم يكن الهدف بالنسبة لي مجرد تدريب، بل تأهيل مهني واجتماعي وإنساني لخوض غمار الإنتاج ومعترك الحياة بثبات وقوة، فكنت أقتني من المتدربات ما لم يُبع، لأعيد تسويقه وبيعه بنفسي، حرصاً مني على إشعارهن بأن لكل جهد قيمة معنوية وإنسانية كبيرة».

حياة جديدة

ومع اتساع نشاطها، حملت سهيلة رسالتها المجتمعية إلى خارج حدود الإمارات، لتنقل خبرتها في المجال إلى السعودية، إذ نجحت في تدريب 60 امرأة من أسر السجناء، ومنها إلى السودان، ثم جيبوتي التي أهلت فيها 520 امرأة، وصولاً إلى إثيوبيا والعراق وسورية، مؤكدة: «أؤمن بقدرة المرأة أينما كانت، على الانطلاق بخيط، في درب صناعة حياة جديدة لها ولمن حولها».

إلى جانب ذلك، حرصت سهيلة على تمثيل الإمارات في معارض دولية كبرى في بلدان عدة، مثل سويسرا، بينما تستعد حالياً لإطلاق ورش جديدة في لبنان والمجر، مشددة على أن هذه المسيرة لن تتوقف، «فكل سجادة جديدة هي خيط أمل يبدأ من الإمارات ليمتد إلى العالم، لهذا أتمنى دوماً مواصلة مشوار تمكين النساء حول العالم وترك أثر طيب في الحفاظ على تراث بلادي، لأن الحِرف اليدوية التقليدية ليست مجرد مهنة، بل هوية وطنية تجب المحافظة عليها وصونها ونقلها للأجيال الجديدة لحمايتها من الاندثار».

دروع وأوسمة

حظيت سهيلة الخزعلي بعشرات الدروع والأوسمة من جهات محلية وعربية ودولية عدة، منها درع الإبداع والتطور من العراق، ووسام التميز من جمعية نخبة الكويت، وأخيراً درع الإبداع والتميز من البورد الأوروبي في المملكة المتحدة، إضافة إلى شهادات شكر وتقدير عديدة من غرفة الباحة، ولجنة سيدات الأعمال السعودية، وتكريم خاص من مهرجان الفنون التشكيلية في جامعة الشارقة.

• 2007 العام الذي شهد انطلاق مسيرة «سهيلة» مع السجاد اليدوي.

سهيلة الخزعلي:

• أتمنى دوماً مواصلة مشوار تمكين النساء حول العالم، وترك أثر طيب في الحفاظ على تراث بلادي.

• لن أتوقف عن تدريب الأخريات، فكل سجادة جديدة خيط أمل يبدأ من الإمارات ليمتد إلى العالم.

شاركها.
Exit mobile version