عندما نجح بهاء ابن قاسم الراوي الذي نال شهادة الإعدادية بتفوق والتحق بإحدى المدارس الثانوية في الإسكندرية، ليعيش في كنف إحدى أهم وأغنى العائلات ذات الصيت والحسب والغنى، لكنه بعد طول عشرة ومساكنة اكتشف حقيقة هذه العائلة الغنية، اكتشف فسادهم ووصوليتهم وقذارة أعمالهم وصفقاتهم، فتركهم وشق طريقه بنفسه!
جرب بهاء ابن قاسم أفندي السير في دروب التجارة والشرب وتدخين السجائر وكل ما نهاه والده عنه، لكنه عندما عرف الحقيقة غير اتجاهه وعندما تعرف على الفتاة البورسعيدية صحا من غفلته، ونظل طيلة الرواية نتقلب مع هذا الشاب في تقلباته وتجاربه العميقة وتحديداً مع النماذج البشرية التي يلتقيها في حياته، ولعل شخصية الشاب المترف حمادة بيه ابن عائلة الشماشرجية المعطوب عاطفياً كما وصفه الكاتب، واحدة من أكثر الشخصيات اللافتة في رواية خيري شلبي (زهرة الخشخاش)!
بهاء شاب فلاح بسيط مكافح، جاء للمدينة مدججاً بقيم وأخلاق الريف، حينما يحمل حقيبته ويذهب متنقلاً ما بين سوق السمك وحوش الحمبقي ويقضي وقته في الحانات، من ذا يفكر أنه هو نفسه الذي يتحدث عن الأخلاق والحقيقة وغير ذلك، وحين يدخل حمادة إلى مكتبه الفاخر ويجلس بين الوجهاء كأهم وسيط في البلد، فمن بإمكانه أن يتصور أن هذا الفتى ليس سوى شاب منفصم الشخصية، شاذ، وكاره لوالده ووالدته حد الاحتقار، لقد ظل هذا الشاب المرفه طيلة الوقت يشكك صديقه في نصائح والده، وفي كل ما يمت للحقيقة، لأنه من وجهة نظره لا توجد حقيقة في هذه الحياة! وأن الجميع يمتلك حقيقته الخاصة التي يتحدث عنها باعتبارها الحقيقة المطلقة!
الغريب أن ينتهي القارئ من قراءة رواية زهرة الخشخاش، ذات الـ 500 صفحة دون أن يعلم على وجه الدقة لماذا اختار لها مؤلفها هذا الاسم؟ فلا شيء فيها يتحدث عن الزهرة أو المخدر الذي يستخرج منها، أو تجارة الحشيش، إنها أشبه بلعبة الاحتمالات التي لها ألف احتمال، لذلك سيتعب القارئ في البحث عن الاحتمالات وراء اختيار الاسم!
خيري شلبي: روائي لن يتكرر .