مع «مجانين» يتحدثون بلغة العقلاء جداً، رفع الستار أول من أمس، مع استهلال الدورة الـ14 من مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) على خشبة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وذلك مع «مؤتمر المجانين» لمسرح ياس.

الثقافة، الملل اليومي، الزواج، وغيرها الكثير من القضايا الشائكة والحياتية وليست فقط الشبابية، ناقشها العمل في نص يقوم على البعثرة في الطرح، ورؤية إخراجية قوامها سرعة الأداء على المسرح، لنكتشف في الأخير أن هؤلاء المجانين يتحدثون لغة العقلاء.

موضوعات ملحّة

بدأ العمل الذي قدمه مسرح ياس، وألفه دكتور محفوظ غزال، وأخرجه عبدالله الحمادي، فيما كان الإشراف العام وإعداد النص لمحمد صالح، بوقوف أربعة ممثلين على الخشبة، يأخذون دور المجانين، خارجين من الإطار الزماني والمكاني، يتفقون على عقد مؤتمر لمناقشة القضايا الملحة. يعقد المجانين – الذين قدم أدوارهم: حمد النقبي ومازن الزدجالي ومعتصم زيدان وجعفر ماردنلي – مؤتمرهم، ليتنقلوا بين مناقشة قضايا متنوّعة، عبر نص قوامه الزخم والبعثرة والتشظي المتعمد.

تطرح المسرحية وفق رمزية عالية الكثير من القضايا، عبر كثير من الانتقالات السريعة من حالة إلى أخرى، لحث الجمهور على التعمق أكثر في فهم ما يطرح على خشبة المسرح، بينما الانتقالات التي بين المشاهد أتت برؤية إخراجية متدفقة.

حركة سريعة

أداء الممثلين على المسرح اتسم بالحركة السريعة، فكان عليهم التنقل في الأداء بين الأدوار المتنوّعة التي يأخذونها، من مثقفين إلى عسكريين ثم إلى طلبة، وغيرها الكثير من الأدوار دون أي توقف.

أما الديكور المتحرك والديناميكي فكان مساعداً على تأمين هذا الانتقال السريع، وكذلك الأزياء التي كانت تتبدل مع الأدوار وفق تعديلات بسيطة. الديكور والأزياء اللذان عمل عليهما أيضاً مخرج العمل عبدالله الحمادي، يبرزان رؤيته في كيفية تقديم العمل واستغلال المساحات على المسرح، وهذا ما أبرزه في دورة العام الماضي من المهرجان أيضاً مع مسرحية «دوبي».

لوحات ومشاهد

طرح المجانين على المسرح موضوعات عامة، بشكل سريع جداً على هيئة لوحات ومشاهد منفصلة ومتصلة، إلا أن سرعة الطرح تتطلب من الجمهور الحفاظ على الخيط الرفيع الذي يربطها كي يبقى قادراً على ملاحقة السردية في العمل.

أما السينوغرافيا المتوازنة التي بنيت على شكل مربعات وإضاءة خافتة، فساعدت الممثلين على تقديم اللوحات وفق توازن بصري، أسهم في نقل أحاسيس الممثلين وتغيّراتهم السريعة، لاسيما في اللوحات الأخيرة، حين هبطت الصناديق من أعلى المسرح، ووضع المجانين الأقنعة ليكونوا الأكثر صدقاً وتعقلاً في تلخيص المشكلات المطروحة.

تحديات

وحول التحديات التي واجهت العمل على المسرح، قال المخرج عبدالله الحمادي، لـ«الإمارات اليوم»: «كعاملين في مسرح الشباب، نطمح دائماً إلى تقديم طرحنا المسرحي بالصورة التي نتخيلها، فنفضل أن تكون المسارح مناسبة ومهيأة، وهذا ليس انتقاداً سلبياً، ولكن نضعه في إطار النقد البنّاء، من أجل تحسين المكان لنقدم الأعمال دون مواجهة مشكلات».

وأشار إلى أن هذه التحديات لها جانب إيجابي، إذ يمكنه الاستفادة منها كمخرج، لاسيما أنه لن يقدم العروض على خشبة واحدة، بل على مسارح متنوّعة، وهذا يمنحه القدرة على التكيف مع كل الخشبات والتعامل مع أي مسرح بإمكاناته.

وأكد الحمادي أن تجربته التي تكررت مع محمد صالح، متميزة فهو يتعلم منه، كما أنه انجذب إلى طريقة إخراجه، إذ يحمل خبرة طويلة في المسرح، وقدم أكثر من 70 عملاً على مدى 30 عاماً، وكل مخرج يطمع للعمل معه، فضلاً عن تميزه بالدعم والتحفيز، وكذلك يقدم رأيه السلبي والإيجابي دون تحفظ، ما يسهم في تحسين العمل والتجربة.

أما عن مشاركته في «دبي لمسرح الشباب»، فلفت إلى أنه عاصر المهرجان منذ دورته الخامسة، إذ بدأ بالتمثيل في تلك الدورة، موضحاً أن «المهرجان كان سبباً في استمراره بالعمل المسرحي، بسبب الأجواء الجميلة التي يحملها».

وأعرب عن أمنيته في رفع عدد المسرحيات المشاركة في المسرح، كونها تخلق نوعاً من الحراك المسرحي لجميع فرق المسرح في الدولة، ما يساعد على التنافس، وتبادل الخبرات، ما يوجد حالة مسرحية متميزة.

تحديات

تناول الكاتب والمخرج محمد صالح، خلال الندوة التطبيقية التي تلت «مؤتمر المجانين»، التحديات التي واجهت العرض، ومنها أجهزة الصوت التي أثرت على وصول صوت الممثلين للجمهور على المسرح، وكذلك الأمر في ما يتعلق بالإضاءة التي تُعدّ ضئيلة على مسرح يتسم بارتفاع شاهق.

وأضاف أنه «أعد النص ولم يؤلفه، وكل ما تمت مشاهدته من سرعة في العرض كانت متعمدة، لحث الجمهور على التفكير بعمق».

عبدالله الحمادي:

• كعاملين في مسرح الشباب، نطمح دائماً إلى تقديم طرحنا بالصورة التي نتخيلها.

• عرض مسرح ياس، ألفه محفوظ غزال، وأخرجه عبدالله الحمادي، والإشراف العام وإعداد النص لمحمد صالح.

• المسرحية طرحت برمزية الكثير من القضايا عبر كثير من الانتقالات السريعة من حالة إلى أخرى.

شاركها.