رحلة مع نسيج السجاد يقدمها معرض «نسيج.. خيوط من الأمل»، الذي يعد رحلة بنّاءة تجمع بين التصميم البصري والإنتاج المستدام والتفاعل المجتمعي.
خيطاً فخيطاً نسجت أعمال المعرض يوميات الناس ووجوهاً من الحياة، لتسرد عبر الفن البصري حكايات عديدة في مقدمتها ما هو مرتبط بجوهر الطفولة، وأبرز ما يميز المعرض الذي افتتح، أول من أمس، في مبنى «بيئة» بالشارقة، ترسيخ الفن في خدمة القضايا الاجتماعية، إذ ستعرض الأعمال في مزاد خيري خاص، تخصص عائداته لدعم مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية، والمبادرات المجتمعية لمشروع فاطمة بنت محمد بن زايد.
وحول الفكرة، قالت القيّمة على المعرض، فاطمة ديماس، لـ«الإمارات اليوم»: «تم تكليف تسعة فنانين من قبل (بيئة) لتقديم أعمال إبداعية، بهدف تسليط الضوء على أهمية الاستدامة في التصميم والثقافة»، مشيرة إلى أن المعرض يجمع فنانين من الإمارات ومن حول العالم، ليطل كل منهم بتصميم يروي من خلاله مفهوم سلامة الطفل، وتقديم حياة كريمة له».
وأكدت أن الأعمال جميعها منسوجة من خيوط وأصباغ طبيعية، وتركز على مفهوم التكاتف الاجتماعي، وسبل التعاون من أجل مستقبل مستدام، واصفة الفن بأنه يشكل طريقة للتعبير والاستدامة وجمع الناس، فضلاً عن تسليطه الضوء على العديد من القضايا المهمة في المجتمع.
عن العائلة
وفي المعرض يقدم الفنان الإماراتي، ناصر نصرالله، فكرة العائلة من خلال عمل مقسم إلى خمس قطع، موضحاً أنه أراد تقديم الوجوه والشخصيات بنوع من السريالية، لتجسيد مفهوم الأسرة والترابط، فهي قطع منفصلة ومتصلة في آن.
وأضاف أن اختياره التعبير عن ترابط أفراد العائلة من خلال القطع المنفصلة يتيح لمقتني العمل وضعه في أماكن مختلفة، أو إعادة توزيع شكله، ما يعكس روح الترابط من خلال ما هو متصل ومنفصل، منوهاً بأنه اختار الألوان المرتبطة بالبيئة الإماراتية تعبيراً عن الارتباط بالجذور.
وذكر نصرالله، أنه أنجز العمل بالتعاون مع حرفيين في أفغانستان، معتبراً أن هذا التواصل يضيف للفنان في تجربته، على الرغم من أن التعاطي مع الحرفيين يتطلب المزيد من الوقت. وشدد على أن الفن وسيلة يمكن استخدامها في العديد من الموضوعات أو تقديم الرسائل وخدمة القضايا الإنسانية.
«الرحلة»
وتحت عنوان «الرحلة»، تشارك الفنانة الإماراتية، حصة السويدي، بعملها الذي يجمع الكثير من التفاصيل والألوان، مشيرة إلى أن الخيوط تمثل التجربة في الفن، وفي كيفية ابتكار رحلات متعددة عبر الأشكال والألوان المتعددة، وأوضحت أنها كفنانة اختارت العمل على الخيوط بشكل أساسي منذ الصغر، لذا تخصصت في دراسة الأقمشة، وورثت الشغف بالخيوط من جدتها التي كانت تعمل في الحرف الإماراتية.
وأكدت حصة السويدي أنها دائمة الحرص على تقديم المشاعر للجمهور من خلال الحالة التي توجدها في العمل، معربة عن سعادتها بالمشاركة في المعرض، والتي تشكل مصدر فخر بالنسبة لها، خصوصاً أن المعرض يجسد صناعة السحر من خلال الحِرف التي تعيدنا إلى أنفسنا وجذورنا.
تجارب يومية
بينما يقدم الفنان الإماراتي، جمعة الحاج، في المعرض فكرة التدوين وتوثيق القصص اليومية من خلال نسجها على السجاد.
وقال إنه عمل على تحويل نسيج الأفكار والتجارب اليومية إلى عمل فني يقدم وفق طبقات، ومنها الطبقة النافرة التي تحمل رموز الكتابة، مشيراً إلى أن الخطوط المستخدمة مجردة من شكلها الطبيعي، وقد يتمكن المرء من ملاحظة الحروف، ولكن دون أن يتمكن من القراءة، لأن الأفكار غالباً ما تكون شخصية وقد يصعب رصدها من شخص لآخر.
ورأى أن هذا النفور في الحياكة يقدم الأفكار البارزة، فيما ترصد الألوان في الخلفية الأفكار التي لا تطفو على السطح، موضحاً أنه دخل الفن من خلال عمل مستوحى من النسيج، وهذا العمل يشكل عودته للنسيج، الذي يحتاج إلى الصبر تماماً كالتدوين، فهو يحمل العديد من التحديات في التفاصيل، لاسيما في كيفية استخراج درجات الألوان المناسبة، لأن الخيوط قد تحد الفنان، لاسيما من ناحية اللون.
رموز
أما الفنانة والمهندسة البحرينية، سارة كانو، فتشارك بعمل تقدم فيه أنماط الحياة المعاصرة، محاولة استخدام الرموز التي ترتبط بالمحيط الذي نعيش فيه.
وقالت إنها عملت على استخدام السجاد لسرد الحياة اليومية، فيما استفادت من تقنيات الحِرف لإيصال رسالة مفادها أهمية الحفاظ على المهن الأصيلة وتقديمها بشكل جديد؛ إذ استخدمت المحيط البيئي والهندسي، وحتى المثلثات والرموز الموجودة في الهندسة التقليدية والأشجار والنجوم والنخيل، مشيرة إلى أن الخطوط والنقاط دائماً توجد في الأزياء وعملت على تجديدها في السجاد.
ووصفت النخلة بأنها كانت أساس الحياة التي كانت بطيئة وأكثر حساسية مع البيئة والمحيط، كما أن الصلات الاجتماعية كانت أقوى، معبرة عن أهمية إبراز هذه المفاهيم من خلال الفن وتجديد الحِرف على نحو أساسي لتقديمها للجيل الجديد.
أدوات
إلى جانب الأعمال الفنية التي تم نسجها بالتعاون مع مشروع فاطمة بنت محمد بن زايد، ومنصتها الحرفية «زولية» من قبل حرفيات في أفغانستان، يقدم المعرض مجموعة الأدوات الفنية التي تستخدم في الحياكة اليدوية للسجاد، وهي: إبرة العقد مع الشفرة، ومشط النسج، وإزميل الحفر اليدوي، ومقص التقليم، والخيوط القطنية، والخيوط الصوفية، والرسم البياني لتصميم السجاد، كما تقدم مجموعة المواد الطبيعية التي استخدمت من أجل تلوين الخيوط التي نسج منها السجاد، ومنها: النيل، وخشب الأبنوس، ونبات الرزيدة، وقشرة الجوز، وقشر الرمان، وصخرة الشب.