منذ اللحظة الأولى لولادتها في هذا العالم، لم تكن الطريق ممهدة أمام الطفلة، حور ماجد مطر، إذ شُخّصت حالتها بإعاقة متعددة، وبحملها لمرض جيني أثّر في نموها وتطورها وقدرتها على التواصل، وعلى الرغم من التحديات الكثيرة، فإن شرارة الأمل لم تنطفئ في عيني الصغيرة، ولا في قلب أسرتها التي تمسكت بإمكانية علاجها، وتحسّن حالتها الصحية.

واليوم تستعد (حور)، ذات الأعوام الخمسة، لبدء مرحلة جديدة من حياتها، من خلال الاندماج في مدرسة خاصة، بعد رحلة طويلة من الرعاية والتأهيل في قرية سند بدبي، إذ أسهمت البرامج المتخصصة في تعزيز قدرتها على الحركة والتواصل البصري، وتهيئتها للانتقال إلى بيئة تعليمية أكثر دعماً.

أول فرحة

وقال ماجد مطر لـ«الإمارات اليوم»: «(حور) طفلتي الأولى، وشُخّصت بإعاقة متعددة منذ الولادة، إذ تحمل مرضاً جينياً نادراً يُسمى (اختفاء الجسم الثفني)، وهو ليس له علاج، ويؤدي إلى ظهور مضاعفات في حياة الطفل، ويتطلب المتابعة والتأهيل الصحي».

وأضاف: «لاحظنا وجود الكثير من الأعراض التابعة للمرض، ومنها عدم المشي، والتأخر في النطق، إذ تنطق حالياً، لكن كلامها عشوائي، ونحن بحاجة إلى مواصلة مسيرة علاجها التأهيلية، إضافة إلى مشوارها التعليمي للوصول إلى أفضل نتيجة مستقبلاً».

وأشار الأب إلى أنه حين انضمت حور إلى قرية سند، كانت في مرحلة متأخرة جداً، لكنها تلقت البرامج العلاجية، وتطورت حالتها الصحية إلى الأفضل، فهي لم تكن قادرة على الحركة والمشي، وكانت تعاني ضعفاً في العضلات، لكنها اليوم باتت قادرة على الحركة والتواصل البصري.

وأشاد مطر بكل ما تقدمه دولة الإمارات من مساعدات في هذا المجال، لاسيما الفحوص التشخيصية في البدء، موضحاً أن (حور) باتت مكتسبة لمهارات التخاطب، وتعرف الأشكال وقادرة على طلب ما تريد، لافتاً إلى أن أعراض مرض طفلته مشابهة لأعراض التوحد.

وحول دمج (حور) في المدرسة، لفت الأب إلى أنه كان يحمل الكثير من المخاوف حول اندماجها، لكنه تلقى تطمينات، كما سترافقها معلمة طوال الوقت، طامحاً إلى أن تصبح (حور) رائدة فضاء، فهي تحب كل ما يتعلق بهذا العالم.

وأعرب الوالد عن امتنانه لوجود (حور) في حياته، مؤكداً: «منذ ولادتها حلت البركة على حياتي، أفرح لفرحها وأحزن لحزنها، وأضع العالم كله في كفة و(حور) في كفة»، مقدماً شكره لهيئة تنمية المجمع بدبي، والقيادة العامة لشرطة دبي، على الدعم والمتابعة الدائمين.

برامج معتمدة

وعن دمج الأطفال أصحاب الحالات المشابهة في المدارس، قال المدير الإقليمي في قرية سند، محمود عبدالرحيم محمود لـ«الإمارات اليوم»: «لقد تمكنا خلال الفترة الماضية من دمج أكثر من 50 طفلاً في المدارس العادية، وهذا يعود إلى البرامج العلمية المعتمدة لدينا في تأهيل الأطفال، خصوصاً أن بعض الحالات تحمل الكثير من التحديات»، موضحاً أن التحدي الأكبر يرتبط بقلة التواصل مع الأهالي الذين لا يكون لديهم وقت طويل يمنحونه للصغار، ولا يمكنهم معرفة ما الذي يتعلمه الطفل في المركز، وهذا يؤدي إلى اختلاف التوقعات من الطفل، وبالتالي يؤخر التطور.

وحول السمات التي يحكم من خلالها على مدى جهوزية الطفل للاندماج المدرسي، أشار محمود إلى أن هناك معايير عالمية، ومعايير تضعها دولة الإمارات، لكن لابد من أن يكون الطفل قادراً على الاندماج الاجتماعي داخل الصفوف الدراسية، حتى وإن كان غير قادر على أن يكون بمستوى زملائه الأكاديمي، إضافة إلى القدرة على التعلم على نحو تلقائي، من دون أن يحتاج إلى من يعلمه.

وشدد على أن جهوزية الاندماج تختلف من طفل لآخر، وهي مرتبطة بمجموعة من العوامل والمتغيّرات، ومنها القدرات المعرفية عند الطفل، ومدى تواصل الأسرة، وجودة الخطة العملية، لافتاً إلى أن المركز يضمن تأمين أفضل العلاجات، ولكن النجاح يتباين من حالة لأخرى، فالبعض استغرق تأهيله للاندماج أربعة أشهر، وآخرون استغرقوا أربع سنوات، فيما يتم تعليم الأطفال غير القادرين على الاندماج المدرسي، مهارات تُمكّنهم من الاعتماد على أنفسهم.

وأشار إلى أن العمل على التحليل السلوكي يُعدّ أساسياً في علاج الأطفال قبل دمجهم، وقد أطلقوا منصة تتيح التواصل بين المركز والأهالي، كي يتمكنوا من متابعة حالات أطفالهم، فضلاً عن التدريبات، والفيديوهات التي يتم تصويرها ليعرف الأهل تفاصيل البرامج.


علاجات متنوعة

حول العلاجات التي تقدمها «سند»، أشار المدير الإقليمي في القرية، محمود عبدالرحيم، إلى أنها بدأت منذ خمس سنوات بتقديم خدمات مميّزة لأصحاب الهمم في السلوك التطبيقي لعلاج اللغة والكلام والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي، إذ بنيت البرامج التدريبية على أسس علمية، ومعظم البرامج تعتمد على التعليم من خلال اللعب، خصوصاً أن العمل مع الأطفال يكون في مرحلة التدخل المبكر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلاج يعمل على تقليص الفجوة بين هؤلاء الأطفال والأصحاء، كي يتمكنوا من العيش باستقلالية تامة مستقبلاً.

وأكّد أن أغلب الأطفال الذين يأتون إلى القرية هم من ذوي التوحد، فضلاً عن أشخاص لديهم إعاقة ثانية إلى جانب التوحد، بينما لا يمكن استقبال الذين يحتاجون إلى ممرض مرافق، وشدد على أنه قبل قبول أي طفل، يتم اتباع عملية علمية، تبدأ من قراءة الملفات الطبية، ثم مقابلة الأهالي وفهم طبيعة الحالة، وبعدها يجلس الطفل مع المعالج، من أجل تقييم الحالة وطبيعة الرعاية التي يحتاج إليها، حيث توضع خطة علاجية مناسبة له.

ماجد مطر:

. أضع العالم كله في كفة و«حور» في كفة.. أفرح لفرحها وأحزن لحزنها.

. أحلم بأن تصبح ابنتي رائدة فضاء.. فهي تحب كل ما يتعلق بهذا العالم.

. 5 سنوات عمر الطفلة «حور».

شاركها.
Exit mobile version