بملامح تملؤها الحماسة، وعيون تلمع بالثقة، قدّم الطفل حمد عادل الظنحاني (9 سنوات)، طالب الصف الرابع، أولى ثماره الأدبية قصة بعنوان «أحمد في عالم الحيوانات»، خلال مشاركته في معرض الفجيرة لكتاب الطفل، في تجربة مبكرة تجمع بين براءة الطفولة وعمق الرسالة، إذ تحكي قصته كيف يمكن للأطفال أن يحققوا أحلامهم المستحيلة ما داموا يؤمنون بأن «الاستسلام ليس خياراً».
ويحكي الظنحاني في قصته حكاية طفل شغوف بالمغامرة والاكتشاف، يجد نفسه في عالمٍ خيالي يسكنه الحيوان والنبات والطبيعة، حيث تبدأ رحلة التعرف إلى دروس الحياة من منظور مختلف، بحيث يرى بطل القصة كيف تلعب الحيوانات وتنام وتعمل بانسجام، وكيف أن لكل مخلوق نظامه الخاص في العيش والتوازن، فلا أحد يقضي يومه في اللعب فقط، وينسى واجباته تجاه نفسه وبيئته، ومن خلال هذه المشاهد يتعلم البطل أن الحياة ليست لهواً متواصلاً أو انشغالاً بالألعاب الإلكترونية، بل هي مسؤولية وجدّ وسعي نحو تحقيق الأحلام، وأن السعادة الحقيقية تكمن في الاجتهاد والتطور، وليست في المتعة العابرة.
كما تتسلل الرسالة بين سطور القصة بخفة الطفولة وصدقها، لتقول لكل قارئ صغير إن الخيال يمكن أن يكون باباً للمعرفة، وإن الأحلام مهما بدت بعيدة يمكن الوصول إليها بالعمل والإصرار.
الكاتب الحقيقي
ويستعيد الظنحاني تفاصيل تجربته مع أول قصة كتبها، قائلًا لـ«الإمارات اليوم»: «بدأت كتابة القصة في الإجازة الصيفية، كنت أجلس بعد الظهر وأكتب بعض السطور، ثم أتوقف لأفكر، فأحياناً تتدفق الأفكار بسرعة، وأحياناً أخرى أشعر بأن رأسي خالٍ من أي فكرة جديدة».
ويتابع وابتسامة الخجل تحمل فخر الإنجاز، قائلاً: «في اللحظات التي يقف فيها قلمي عن الكتابة، كنت أذهب إلى والدتي وأسألها ماذا أكتب الآن؟ ليكون ردها أن الكاتب الحقيقي لا يخاف من توقف الأفكار عن الانهمار، بل يجلس وأمامه الورقة ليحاول من جديد، فكنت آخذ بنصيحتها وأعود إلى مكتبي الصغير، وأكتب أي فكرة تخطر في بالي، ثم أكتشف أن القصة تكبر معي كلمة بعد كلمة».
وأشار الظنحاني إلى أن والديه كانا يرافقانه في كل خطوة من الرحلة، إذ كان والده يقرأ معه الجمل بصوت مرتفع، ويقترح عليه ترتيب الأحداث وتطوير الشخصيات، بينما كانت والدته تتابع التفاصيل الصغيرة، مثل اختيار العنوان والرسومات، وتنظيم الصفحات، مضيفاً أنه كان يشعر بأن عائلته تعيش معه القصة لحظة بلحظة، وهذا ما أعطاه دافعاً كبيراً لإكمالها حتى النهاية.
مدرسة في الصبر
وبيّن الكاتب الصغير أن تجربته الأولى في التأليف كانت مدرسة حقيقية في الصبر والمثابرة، إذ أدرك من خلالها أن الكتابة ليست مجرد سطور تدون على الورق، بل رحلة تفكير وتأمل، تنضج فيها الفكرة شيئاً فشيئاً، وأوضح أنه تعلم أن «الفكرة الصغيرة يمكن أن تتحول إلى قصة كبيرة وجميلة متى ما تمسكنا بها ولم نستسلم»، مضيفاً أن الكاتب لا يكتب مرة واحدة فحسب، بل يعود إلى نصه مراراً، فيقرأ ويغيّر ويضيف، حتى يشعر بأن القصة قالت ما أراد أن يقوله قلبه تماماً.
النشر تجربة سهلة
وأوضح الظنحاني أنه لم يواجه صعوبة في نشر قصته الأولى، فتعدد دور النشر وتنوعها في الدولة جعل من النشر تجربة سهلة ومشجعة للأطفال المبدعين، متابعاً: «أنا محظوظ بأنني طفل من دولة الإمارات، فوضع الأطفال هنا مختلف، فالجميع يشجعنا على الإبداع، ويؤمن بقدرتنا على الكتابة والتعبير، من المدرسة إلى الأهل ودور النشر، كلهم يقفون معنا».
وأضاف أن رؤية اسمه على غلاف القصة كانت لحظة فخر لا تنسى، موضحاً أن اهتمام المؤسسات الثقافية بكتب الأطفال يشجع الصغار على تحويل أحلامهم إلى إنجازات حقيقية، مؤكداً أن التجربة جعلته يشعر بأن كل طفل في الإمارات يستطيع أن يكون كاتباً إذا لم يتوقف عن المحاولة.
وشارك الظنحاني للمرة الأولى في معرض الفجيرة لكتاب الطفل، حيث عرض قصته، ووقّع نسخها أمام الجمهور، مؤكداً أنه سيواصل المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب خلال العام الجاري.
شغف مبكر
من جهته، قال والد الطفل، عادل الظنحاني: «اكتشفت في حمد شغفاً مبكراً بالكلمة، فهو لا يكتفي بالقراءة، بل يسأل عن المعاني، ويتأمل في الصور والعبارات، لذلك شجعته أنا ووالدته على الكتابة منذ بداية الإجازة الصيفية، وقد كنا نجلس معاً ساعات طويلة، نناقش فكرة القصة، وكنت أطلب منه أن يعبّر بلغته الخاصة، حتى يشعر بأن النص نابع من داخله لا من توجيهي».
وأضاف: «حرصنا كأسرة على أن تكون تجربته الأولى في الكتابة تجربة حقيقية، فساعدته والدته في تنظيم النصوص، ومتابعة الطباعة، وتركنا له حرية اختيار العنوان والرسومات، فقد كنا نريد أن يرى ثمرة جهده كاملةً أمام القراء».
وأشار إلى أن لحظة بيع حمد أول نسخة من قصته في معرض الفجيرة كانت «لحظة فخر للأسرة كلها»، خصوصاً عندما زاره زملاؤه في الصف، ومعلماته، واشتروا نسخاً من قصته، وهنؤوه على إنجازه الأول.
عادل الظنحاني:
. حرصنا كأسرة على أن تكون تجربته الأولى في الكتابة تجربة حقيقية، وكنا نريد أن يرى ثمرة جهده كاملةً أمام القرّاء.
