كشفت دراسة عالمية واسعة شملت أكثر من 100 ألف شاب أن امتلاك الهاتف الذكي قبل سن الثالثة عشرة يرتبط بشكل وثيق بتدهور الصحة النفسية والرفاهية في مرحلة البلوغ المبكر. وأظهرت النتائج أن من حصلوا على أول هاتف لهم في سن مبكرة كانوا أكثر عرضة للأفكار الانتحارية، والعدوانية، والانفصال عن الواقع، وضعف ضبط المشاعر، وانخفاض تقدير الذات.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة التنمية البشرية والقدرات، استندت إلى بيانات مشروع “العقل العالمي” الذي يُعد أكبر قاعدة بيانات في العالم حول الصحة العقلية، واستخدمت أداة “مقياس صحة العقل” لقياس التأثيرات. وأوضحت أن التأثير السلبي يرتبط بالوصول المبكر إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والتنمر الإلكتروني، واضطرابات النوم، وضعف العلاقات الأسرية.

وتشير البيانات إلى أن الشباب الذين امتلكوا هواتفهم قبل سن 13 عامًا حصلوا على درجات أقل في مقياس الصحة العقلية، وكلما انخفض عمر الحصول على الهاتف تراجعت هذه الدرجات بشكل أوضح. كما ارتفعت نسبة المعاناة من صعوبات نفسية حادة بنسبة  9.5%  لدى الإناث و7% لدى الذكور، وهي نتائج ظهرت بشكل متسق عبر مناطق وثقافات متعددة.

وحذّر فريق الباحثين، بقيادة عالمة الأعصاب تارا ثياغاراجان، من عواقب مجتمعية وخيمة مع استمرار هذا الاتجاه، مطالبين بضرورة اتخاذ إجراءات احترازية عاجلة تشبه اللوائح المفروضة على الكحول والتبغ. وتشمل توصياتهمفرض تعليم إلزامي حول الثقافة الرقمية والصحة النفسية، تقييد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، تطبيق قيود تدريجية على الهواتف الذكية، وتعزيز المساءلة المؤسسية لشركات التكنولوجيا.

وتوضح الدراسة أن الوصول المبكر إلى وسائل التواصل الاجتماعي يفسر نحو 40% من العلاقة بين امتلاك الهاتف في سن صغيرة وتدهور الصحة العقلية، فيما يلعب التنمر الإلكتروني، واضطرابات النوم، وضعف الروابط الأسرية أدوارًا مهمة أيضًا.

ورغم أن النتائج لا تثبت علاقة سببية مباشرة، يرى الباحثون أن حجم المخاطر لا يمكن تجاهله. وتقول ثياغاراجان: “العقل النامي أكثر هشاشة أمام البيئة الرقمية، وانتظار دليل قاطع قد يعني إضاعة فرصة وقائية مهمة“.

وتأتي الدراسة في وقت تتزايد فيه القيود على الهواتف الذكية داخل المدارس في عدة دول، من بينها فرنسا وهولندا وإيطاليا ونيوزيلندا، بينما أعلنت نيويورك مؤخرًا عن حظرها، لتصبح أكبر ولاية أمريكية تتخذ هذه الخطوة.

 

شاركها.