وكأنه لا موضوع ولا حديث عندنا سوى (الحَر)، فبمجرد أن تسأل أي شخص تقابله في البنك أو السوق، أو في ممرات الجمعية التعاونية عن أحواله وأموره، ترك كل شيء وحدثك عن الحَر الذي لا يطاق، وكأنك لا تعيش في هذا الحَر، وإذا اتصل بك صديق وأخذت تسايره في أمور الدنيا، انفتح حديث الحر والطقس، فتشعر أن الحرارة قد ازدادت أكثر مما هي عليه فعلاً، ويدهشك كثيراً استغراب البعض وتأكيدهم على أن الطقس هذا العام أشد مقارنة بحرارة العام الفائت، لا والأعوام الماضية، وكأنهم اكتشفوا أمراً غريباً!

قلت لأحدهم وأنا أراه مهموماً يقلب الصور وجداول الحرارة حول العالم، يقارن طيلة الوقت أحوال الطقس بين المدن والعواصم: نحن في فصل الصيف، فأن يكون هناك حَر فهو أمر طبيعي جداً، والحَر في كل العالم، طالما يعيش هذا العالم فصل الصيف، إذا أردت أن تعيش الشتاء في فصل الصيف، فعليك بنصف الكرة الجنوبي، هناك يمكنك التمتع بشتاءات لطيفة باردة جداً، بدل الشكوى الدائمة، الأيام تغير الطقس، ولن تستبدل الحرارة!

أما أن الصيف والحرارة أشد من العام الماضي، فتلك حقيقة، ولكن ليس عندنا فقط، ولكن هذا حال كل دول الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، هناك تبدلات جذرية في المناخ، هناك جفاف وتغير كبير في منسوب الأمطار، وارتفاع كبير في درجات الحرارة ونسب تبخر المياه، ولذلك، فكثير من عواصم أوروبا بدأت تعرف مستويات حرارة غير مسبوقة لخمس سنوات سابقة، وهذا طبيعي، نتيجة الممارسات الاستغلالية المدمرة التي يمارسها الإنسان ضد المناخ وضد الطبيعة، ما قاد لتدمير حقيقي لجزء من طبقة الأوزون والغطاء النباتي وخزان الجليد في المنطقة القطبية!

هذا الصيف تجده أشد حرارة؟ حاول أن تعرف كم مصنعاً تم تشييده حول العالم، كم سيارة وطائرة وقطاراً أضيفت للطرقات حول العالم، كم عدد ناطحات السحاب والفنادق ومكيفات الهواء؟ إن البشر لا يفعلون ما يساعد على انخفاض حرارة الطقس، بل العكس تماماً، لذلك، سنظل نشكو طويلاً، على ما يبدو!

شاركها.