طرحت على صفحتي في «تويتر» سؤالاً للمتابعين عن أول كتاب قرأوه في حياتهم وأول كتاب اشتروه من مصروفهم الشخصي: متى ومن أي مكتبة؟ ولقد شاركت المتابعين صورة لأول كتاب اشتريته من مكتبة دار الحكمة التي كانت تقع في منطقة ميدان جمال عبدالناصر في سنوات السبعينيات، أما الكتاب فكان (مدام كوري، مكتشفة الراديوم) وقد كنت يومها في الصف الخامس الابتدائي، ولم أشتره من مصروفي الشخصي، بل اشترته لي جدتي للتخلص من بكائي المستمر للضغط عليها من أجل شراء الكتاب.

حصلت على أكثر من 100 مشاركة، لمجموعة كبيرة من المثقفين من الكتّاب والشعراء ومسؤولي المؤسسات الثقافية وأساتذة الجامعات، وغيرهم. عند تفحص ردودهم بدا لي أن هناك قواسم مشتركة تشكل قاسماً ثقافياً يجمع معظم أولئك المثقفين ويكوّن بناءهم الثقافي وتوجهاتهم، ولعلّ أول هذه القواسم أن أغلبهم ينتمون لنفس الجيل الذي ولد في الفترة الممتدة ما بين منتصف إلى نهاية سنوات الستينيات.

أول تلك القواسم المشتركة بين هؤلاء الزملاء أن غالبيتهم بدأوا رحلة القراءة في سن مبكرة، أما أول كتاب في حياتهم فقد بدأوا بشرائه في المرحلة ما بين الصفين الثاني والخامس الابتدائي، ونادراً ما تأخروا عن ذلك، أما الطريقة التي حصلوا بها على الكتاب فكانت التوفير من المصروف الخاص!

معظمهم قرأ الكتب التراثية المعروفة، واهتم بالشعر العربي القديم، وبدأ طفولته بقصص المكتبة الخضراء التي كانت مجموعاتها موجودة في كل مكتبة فصل ومدرسة، إضافة لأدب: المنفلوطي، غسان كنفاني، جبران خليل جبران، أنيس منصور، نجيب محفوظ، أجاثا كريستي، مغامرات أرسين لوبين، تاجر البندقية، سيرة عنترة بن شداد، روايات عبير، مجموعات الأديب محمد المر القصصية، هيمنجواي، الأدب الروسي، إحسان عبدالقدوس.. وغيرهم.

ولو رجع كل من ينتمي لهذا الجيل الرائع ممن عاش تلك السنوات وتقلباتها لوجد نفسه قد مر على كل هذه المعارف وتشرّب من أفكارها وفلسفاتها وآمن بما دعت إليه من قيم، وهو ما صاغ توجهات مشتركة لجيل بأكمله شرب من النبع المعرفي نفسه.

شاركها.