لم يبق أي أذى، من ضرب وعضّات بشرية وكسور وحرق بالمكواة وحجز حرية، إلاّ ولحق بالطفلة سارة شريف التي كانت تبلغ 10 سنوات عندما قُتلت في منزل عائلتها في أغسطس 2023، ويخضع والدها وزوجته وعمها للمحاكمة حالياً في لندن.
ومنذ بدء المحاكمة في 14 أكتوبر الماضي في محكمة أولد بيلي، تتكشّف تباعاً تفاصيل الاعتداءات المروعة التي تعرضت لها الفتاة الصغيرة.
وبعد ساعات من وفاة الطفلة، اشترى والدها عرفان شريف (42 عاماً) وزوجته بيناش بتول (30 عاماً) وشقيقه فيصل مالك (29 عاماً) تذاكر سفر إلى باكستان، وانتقلوا إليها مع أبنائهم الأربعة الآخرين وتركوا جثتها على السرير.
وتبيّن للطبيب الشرعي أنتوني فريمونت وجود 25 كسراً يتفاوت تاريخ إصابتها بها، لم يجد لها تفسيراً إلا الضرب المبرح والمتكرر. وحتى العظم اللامي في الرقبة تعرّض للكسر، على الأرجح بسبب «الخنق باليدين»، بحسب هذا الخبير.
وكان على جسم سارة أيضاً 70 كدمة وجرحاً بفعل الضرب. ووُجِدَت آثار دمها على مضرب بيسبول وشَوبَك.
كذلك اكتُشِف الحمض النووي لوالدها وعمها على حزام، ووُِجدت آثار لدمها وخصلات من شعرها على أغطية رأس مصنوعة من أكياس بلاستيكية كانت تُلصَق على رأسها على ما يبدو.
وروى المدعي العام وليام إملين جونز أمس (الجمعة) كيف أن المدرسة التي لاحظت بفارق أشهر آثار ضربات على وجهها، قدّمت بلاغاً واستجوبت الفتاة الصغيرة في مارس 2023.
ولم تشأ الطفلة أن تجيب، فخبأت رأسها بين ذراعيها. ومن دون أن تغيّر هذه الوضعية، اتهمت شقيقها الأكبر مؤكدة أن زوجة والدها لم تر شيئاً.
وبعد أسبوعين، بررت الزوجة أثراً آخر بقولها إن سارة جرحت نفسها بقلم رصاص.
لكنّ زوجة عرفان شريف أخبرت شقيقتها قنديلة صبوحي في محادثات بينهما بالواتساب بين عامَي 2020 و2023 بأن زوجها يضرب سارة باستمرار لأنها «شقية».
وقالت عام 2021 في رسائل صوتية تمكّن المحلفون من الاستماع إليها هذا الأسبوع «إنها مغطاة بالكدمات، وضُربت حتى الموت بكل ما للكلمة من معنى». ووصفت الطفلة بأنها «ممسوسة».
وكان الجيران يسمعون بانتظام صراخاً وشتائم وأصوات ضرب.
وقالت ريبيكا سبنسر التي أقامت عامين فوق شقة العائلة في ويست بايفليت، إنها كانت تسمع أصوات بكاء وأبواب تغلق بقوة و«نقر» كما لو أن أحداً يحاول فتح باب موصد. وروت أن زوجة الوالد كانت تصرخ في وجه الطفلة وتشتمها.
وجلس الثلاثة الذين أكدوا براءتهم، مطأطي الرؤوس في قفص الاتهام المحمي بستارة زجاجية خلال جلسة الجمعة.
ولم يكن عرفان شريف، وهو رجل قصير القامة ونحيف ذو ملامح قاسية، يرفع رأسه إلا ليشاهد لقطات مصوّرة لتوقيفهم على الطائرة التي أعادتهم من باكستان في 13 سبتمبر 2023، بعد شهر من فرارهم.
وفي هذه المشاهد التي عرضت على المحلفين، أفاد بأنه لا يحمل أي أمتعة.
وقالت زوجته بيناش بتول عندما رأت الشرطيين يدخلون الطائرة التي هبطت في مطار غاتويك اللندني: «أعتقد أنكم جئتم لتوقيفنا».
وغداة فراره في 9 أغسطس 2023، اتصل عرفان شريف بالشرطة الإنجليزية من باكستان، ليوضح أنه عاقب ابنته «وفقاً للقانون» لأنها «كانت شقيّة». وأضاف معطياً عنوانه في ووكينغ «لقد ضربتها، لم أكن أرغب في قتلها، لكنني ضربتها كثيراً».
وعثرت الشرطة على جثة الطفلة على سرير من طبقتين مغطى بملاءة، ومعها رسالة مكتوبة بخط اليد من الأب يلوم فيها نفسه على وفاتها.