تتميز الجزيرة الصغيرة غير المعروفة، والتي تقع في برية بحيرة تيماجامي بجنوب شرق كندا، بجوها الهادئ والرائع. ويعد الشعور السائد لدى المشاركين في رحلة بالزوارق استمرت هناك خمسة أيام، وتم خلالها قطع 75 كيلومتراً من خلال التجديف، وتحديداً في الليلة الأخيرة من الرحلة، شعوراً بالسعادة الحقيقية يستحق كل هذا القدر من الجهد المبذول، والعرق والألم الذي يصيب الذراعين والكتفين.

وتيماجامي هي عش إقليمي يقع على بعد نحو 450 كيلومتراً شمال تورنتو، بالقرب من حدود أونتاريو مع كيبيك، كما أنها بوابة لمنطقة برية تضم عدداً لا حصر له من البحيرات. وبينما يتجه المشاركون في رحلة التجديف نحو الذراع الشمالية الشرقية لبحيرة تيماجامي، تكون الحالة المزاجية للموجودين داخل شاحنة يستقلونها هادئة في ظل هطول الأمطار الغزيرة، وبمجرد الوصول إلى البحيرة تكون هناك بعض الضغوط الأولية التي تتمثل في نقل معدات التخييم والمؤن والزوارق ذات البدن المزدوج إلى الماء، ثم يتم لف الخيام والأمتعة في أكياس ضيقة مضادة للماء، كما يتم تخزين الطعام في برميل عادة ما يكون ثقيلاً جداً.

وهناك أربعة مشاركين في الرحلة، وهم ثلاثة سائحين ومرشد للطبيعة من أونتاريو، يدعى ميتش بوميل (27 عاماً). وباستثناء وجود الخرائط التي قام ميتش بتحميلها من على الإنترنت مسبقاً، للاستعانة بها لتسهيل التنقل، فإن المشاركين في الرحلة يكونون غير متصلين بأي شيء تماماً.

وبعد أن قاموا بالتجديف بهدوء تحت المطر المتساقط، يصل أفراد الرحلة إلى موقع التخييم الأول في فترة ما بعد الظهيرة، حيث يقومون بتفريغ القوارب ونصب الخيام وسط أسراب من البعوض. ويتوقع ميتش أن يبدأ الطقس الجيد في اليوم التالي، قبل أن يهدأ صوت قطرات المطر المتساقطة على سطح الخيمة، ما يساعدهم على الخلود إلى النوم.

في اليوم الثاني تبين أن ميتش كان محقاً بشأن توقعاته للطقس، ففي الصباح كانت الشمس ساطعة بلونها الأصفر الذهبي على قمم الأشجار بينما كان لايزال هناك بعض الضباب، وفي هذا اليوم أخبر ميتش المشاركين في الرحلة بأنه سيتم نقل الزوارق والمعدات بين البر والبحيرات على ثلاث مرات، وستكون الوجهة الأولى هي بحيرة دايموند التي تتقلب مياهها بين اللونين الأخضر الداكن والأزرق، ويتحرك أفراد فريق الرحلة في صمت بسرعة أربعة كيلومترات في الساعة بينما تحلق النسور فوق رؤوسهم.

ثم تجف معدات الفريق، ولكن سرعان ما تبتل من جديد بسبب عرق نقل الحمولات الشاقة. ويقول ميتش إن أي شخص يقول إنه يستمتع بذلك فهو كاذب، لكنه محق بشأن شيء آخر أيضاً، وهو أنه بعد ذلك تكون هناك دائماً بحيرة جميلة تنتظرهم.

في اليوم الثالث تتحرك الزوارق بين بساط من النباتات في واحد من أجمل الأماكن التي يتم المرور عليها أثناء الرحلة، إلا أن الرحلة التي كانت مقررة في ذلك اليوم تبين أنها أقصر مما كان مخططاً له، بسبب وجود ما يشير إلى اقتراب عاصفة، فمن الخطير جداً محاولة الاستمرار بالزوارق.

وبعد نزول المشاركين في الرحلة على صخور زلقة يتوجهون سريعاً إلى الغابة لنصب الخيام ثم ينتظرون حتى تمر العاصفة.

وتعد بحيرة أوبابيكا موطناً للسكان الأصليين الذين يحملون اسم «تيم أوجاما أنيشناباي»، والتي تُترجم إلى «المياه العميقة» بلغة «شعب الشاطئ» المعروفين أيضاً باسم «شعب تيماجامي الأول».

ومع التجديف عبر بحيرة أوبابيكا في اليوم الرابع، يتوجه المشاركون في الرحلة نحو خليج مليء بزنابق الماء، حيث يغمر الصمت مخيمهم الموجود في جزيرة منعزلة.

وفي اليوم الخامس والأخير يخرج أفراد الرحلة مبكراً من أكياس النوم الخاصة بهم، حيث لايزال الضباب ينتشر في المكان، ويمكن بالكاد خلال ساعتين فض المخيم، وإعداد الإفطار، وتحميل الزوارق، فيما يعد زمناً قياسياً جديداً بالنسبة لعدد المجموعة الصغير.

ثم يحين ببطء موعد توديع هذا العالم الرائع من الجزر الخلابة والطيور الجميلة وشواطئ الغابات المميزة، وسرعان ما تبدأ مظاهر الحياة الحضرية في الظهور من جديد على بحيرة تيماجامي التي تشمل المنازل المتراصة على الشاطئ، والمزيد والمزيد من حركة الزوارق البخارية، لينتهي بذلك السحر والافتتان عند الوصول إلى ميناء بحري رتيب.

شاركها.