تواصل دبي ترسيخ مكانتها كعاصمة للثقافة والفنون، ووجهة مفضلة لاستضافة العروض العالمية التي تجمع بين الإبداع والتميز، إذ تحتضن العديد من العروض الشهيرة التي تعكس تنوعها واهتمامها بتقديم التجارب الفنية الاستثنائية، ومن بينها عرض «سلافا سنو شو» الذي يحط على خشبة مسرح نيو كوفنت غاردن في «مول الإمارات»، بعد جولات في أبرز العواصم العالمية.

«سلافا سنو شو» الذي يستمر في دبي حتى 26 أكتوبر الجاري، عرض صامت يخاطب الجمهور بموضوعات حياتية قد تبدو بسيطة، ولكنها تحمل الكثير من المعاني، إذ يطرح الصداقة والحب والغدر بأسلوب فكاهي، حيث يتبدل المسرح وتتحول أجواؤه، وينتقل بالمشاهدين من الليالي المقمرة إلى أعماق البحار، ومن ثم إلى الثلوج التي تدفئ قلوبهم، عبر عرض سخي يمزج الفوضى الساحرة بالبهجة التي تنجح في إضحاك الجمهور، وإعادته إلى الطفولة، وجعله شريكاً بنسج بعض مشاهد العمل.

للمرة الثانية

يعود «سلافا سنو شو» إلى دبي للمرة الثانية، ويعد من أبرز العروض الحاصلة على جوائز عالمية، إذ يقدم منذ أكثر من 30 عاماً. وقال مبتكر العرض، سلافا بولونين، لـ«الإمارات اليوم»: «أتمنى من القلب أن تلقى عروضنا النجاح الذي نطمح إليه في دبي، وأن يكون في هذه المدينة الجميلة جمهور عاشق للعرض»، مشيراً إلى أن لديهم فريقاً تقنياً صاحب خبرة كبيرة في التكيّف مع المساحات المختلفة، إذ يمكنهم تقديم العرض في مسارح صغيرة أو قاعات ضخمة، وحتى في السيرك أو على خشبات صعبة.

ولفت إلى أنهم يمتلكون مجموعة كبيرة من الحيل الإبداعية التي تساعد على التكيّف، ولكنهم حريصون على اختيار المسارح المناسبة، إذ يتم الاعتذار أحياناً عن عروض معينة، في حال لم تكن المساحة ملائمة.

وأضاف بولونين أن العرض المستمر منذ عام 1993، يتجدد في كل مرة يصعد فيها الفنانون إلى خشبة المسرح، لأن الارتجال يشكل جزءاً أساسياً منه، وعلى مدار أكثر من 30 عاماً، شهد تغييرات بسيطة لكنها جوهرية، إذ اختفت بعض المشاهد وظهرت أخرى جديدة، لكن المصدر الرئيس للتغيير يبقى ارتجال الممثلين، فهو الذي يمنح العرض حيويته وتفرّده، ويخلق شعوراً بأن كل شيء يولد أمام الجمهور في اللحظة ذاتها.

أسباب النجاح

ورأى مبتكر «سلافا سنو شو» أن هناك أسباباً عدة لحفاظ العرض على نجاحه طوال هذه السنوات، ومنها مخاطبة الجمهور بقضايا إنسانية خالدة، مثل الحب والصداقة والوحدة، فضلاً عن أن لغة العرض لا تحتاج إلى ترجمة، فهو يشبه الكعكة متعددة الطبقات، إذ يجد كل مشاهد، مهما كان عمره أو ثقافته، شيئاً يلامسه شخصياً، مؤكداً أن العرض يجذب جمهوراً متنوعاً، من الشباب وكبار السن، ومن المثقفين إلى محبي الفكاهة البسيطة أو حتى الجريئة، فكل شخص يجد فيه معنى خاصاً.

وذكر أنه بعد كل عرض، يحب الجلوس مع الجمهور، والاستماع إلى قصصهم حول ما شاهدوه، وكل قصة تختلف عن الأخرى، فكل مشاهد يرى نسخته الخاصة، وهذا أروع ما فيه.

وحول اختيار شخصية المهرج للبطولة، أوضح بولونين أن الأمر يعود لكونه مهرجاً في المقام الأول، وسيكون غريباً أن يقدم ما هو مختلف، وشخصية المهرّج متعددة الأبعاد، وتمنحه القدرة على مخاطبة كل مشاهد بأي موضوع، فهي شخصية قديمة وقوية جداً من الناحية الرمزية، كما أن العرض ارتكز على الفن الإيمائي، ولغة الحركة، وتعبيرات الجسد، لأنه لا يثق كثيراً بالكلمات، ويؤمن بأن الجسد أكثر صدقاً في التعبير.

مشاهد لم يخطط لها

ويقوم العرض على التفاعل مع الجمهور الذي يتدخل في فقرات عدة، ومنها الشباك التي تمتد فوق رؤوسهم، أو الكرات الكبيرة. وكشف بولونين أن هذه المشاهد لم يخطط لها مسبقاً، بل وُلدت من الارتجال والظروف الواقعية، ففقرة الاستراحة التي ينزل فيها المهرجون إلى الجمهور، ولدت في إسبانيا، بعد ملاحظة حماسة الجمهور الذي كان بحاجة إلى تفاعل مباشر، وأتى قرار النزول إلى الحضور.

وحول الجمهور الذي يعود دائماً للمشاهدة، لاحظ بولونين أن هناك من يستمتع بالعرض مراراً، وكثيرون ممن شاهدوه في طفولتهم، يعودون اليوم مع أطفالهم ليعيشوا التجربة ذاتها، معتبراً أن العرض مملوء باللطف والدفء والمشاعر الإنسانية التي نفتقدها كثيراً في عالم اليوم، ويستحق أن يُرى أكثر من مرة.

مجتمع نابض بالحياة

قالت الرئيس التنفيذي لمجموعة برودواي إنترتينمت جروب، ليز كوبس، عن تنظم عرض «سلافا سنو شو»، لـ«الإمارات اليوم»، إن: «العرض يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين فرق دولية ومكونات إنتاجية معقدة، إذ يجمع فنانين من أميركا الشمالية وأوروبا وروسيا، وتصل تجهيزاته من دول بعيدة، ما يجعل الجانب اللوجستي تحدياً حقيقياً، أما من ناحية التسويق، فإن المنافسة في دبي تزداد كل عام، مع تنوع كبير في الفعاليات الثقافية والترفيهية، لذلك، تعاوننا مع جدول فعاليات دبي، ساعدنا في الوصول إلى جمهور المسرح التقليدي والجمهور الجديد الباحث عن تجربة فنية مختلفة».

وأضافت: «منذ تأسيس مقرنا في دبي قبل 15 عاماً، ونحن نعمل على دعم الفنون الأدائية في المنطقة، ونرى في دبي منصة عالمية تحتضن الإبداع والتنوع، ونفخر بأن نكون جزءاً من هذا المشهد الثقافي المتطور». وأشارت إلى أنهم يتفاعلون مع الحركة الثقافية في دبي من خلال تقديم عروض عالمية، وتنظيم ورش عمل ومبادرات تعليمية، بالتعاون مع الجهات الحكومية والمؤسسات الثقافية، فالهدف أن يكون المسرح تجربة حية ومستمرة، تتيح للجمهور والفنانين المحليين فرصاً للتعبير والتفاعل، وتُسهم في بناء مجتمع فني نابض بالحياة.

جوائز

 

حاز «سلافا سنو شو» شهرة عالمية من خلال جولاته في أكثر من 80 دولة، والتي حضرها ما يزيد على 12 مليون شخص، كما حقق ما يتجاوز 25 جائزة دولية. ويتحول المسرح خلال العرض إلى عالم خيالي ساحر، تتدحرج فوقه الكرات الضخمة، وتهبّ العواصف الثلجية، ويشعّ ضوء القمر، وتتطاير الفقاعات في الهواء، وتتناثر الأدوات السحرية فوق الجمهور، لتنقلهم إلى عالم سحري يعيشون فيه تجربة ترفيهية غامرة.

• 26 الجاري، تختتم العروض على خشبة مسرح نيو كوفنت غاردن.

سلافا بولونين:

• اختفت مشاهد في العرض وظهرت أخرى جديدة، لكن المصدر الرئيس للتغيير يبقى ارتجال الممثلين، فهو الذي يمنحه حيويته، ويخلق شعوراً بأن كل شيء يولد أمام الجمهور في اللحظة ذاتها.

• العرض يمزج الفوضى الساحرة بالبهجة التي تنجح في إضحاك الجمهور، وإعادته إلى الطفولة، وجعله شريكاً في نسج بعض مشاهد العمل.

شاركها.
Exit mobile version