إن ما نحوزه من علم، وما كسبناه من تجربة، وراكمناه من خبرة، وما تملكناه من مال وعلاقات داخلية دولية سهلت للبعض تمدد أعماله ومشاريعه، إنما اكتسب من خير الوطن وحكمة قادته وحكومته، وبالتأكيد فقد اجتهد الجميع وتفانوا، لكن ذلك لا يرفع عنا واجب المساهمة والمشاركة في مشاريع الحكومة وخطط التنمية وبرامج التطوير التي تخصص للمجتمع وأبنائه، انطلاقاً من واجب المشاركة ورد الجميل، وهذا سائد ومعروف عند جميع الأمم المتقدمة والمتنورة، ونحن في مقدمتها.

والأمر لا يخص أحداً باسمه أو مركزه، لكنه يخص كل قادر ومؤمن بدور المشاركة وحق المجتمع؛ حيث يمكن أن يسهم كل منا بما لديه؛ بالخبرة والعلم والمال والجهد والموهبة، فهل تساءل كل قادر عما قدم وأسهم خارج نطاق الوظيفة والعمل الذي يتقاضى عليه أجراً معلوماً؟ ما ستترك خلفك يذكر بك ويفيد من بعدك؟

ولو أن كل صاحب مال وعلم وخبرة تأمل ذلك جيداً لعرف المعنى العظيم لفكرة المشاركة في قوله: «خيركم خيركم لأهله»، وأن الإنجاز والمجد ليس في بناء الفنادق والمصانع وامتلاك القصور فقط، ولكن في إنشاء المدارس والجامعات أو كليات الطب والمستشفيات ومراكز التدريب أو الأبحاث الطبية المتقدمة أو معاهد للدراسات المصرفية والإدارية والعقارية والإعلامية وأبحاث سوق العمل، وكل ما سيسهم في تطوير إمكانات الشباب الإماراتي.

أما الذين يبررون عدم قناعتهم انطلاقاً من أن الدولة غنية والناس لا يحتاجون، نقول لهم: الأمر أعمق وأكبر، إنها فلسفة في الأخلاق والتربية والاقتداء والعطاء والتشارك ورد الواجب، كأن يقرر بعض أهل المال والأعمال أن يلحق بطواقم مستشاريه وموظفيه أعداداً من أبناء بلده من الشباب، يعلمهم، يدربهم، ويعدهم ليصبحوا أسماء لامعة في ميادين الاستشارات والإدارة، بدل تخصيص ذلك للأجانب، والأجانب، ومزيد من الأجانب.

كثيرون أسهموا بهذه الطريقة في مجتمعنا، فمنذ كنا أطفالاً ونحن ندرس في مدارس أسهم في بنائها تجار إماراتيون أفاضل، كما أن لدينا مراكز ومؤسسات ثقافية ومكتبات ومشروعات أوقفوا لها الكثير من أموالهم، فلماذا لا تتنامى هذه المسيرة تكريساً لفلسفة الوقف الخيري الاجتماعي والثقافي؟

شاركها.