في قلب دبي، قبل أن تتزين بأفق الأبراج الشاهقة ومراكز التسوّق العملاقة، وُلِدت مساحة تحمل ملامح البساطة والفرح العائلي، لتصبح بعد سنوات قليلة علامة فارقة في ذاكرة المدينة وأهلها، إنّه «النصر ليغرلاند»، الذي افتُتح رسمياً في ١٠ أكتوبر عام 1979 على أرض تمتد لأكثر من 48 فداناً بجوار نادي النصر في منطقة عود ميثاء، وكان المشروع فكرة طموحة لرسم ملامح جديدة للحياة في دبي، من خلال مساحة تجمع الرياضة والترفيه والثقافة العائلية، في وقت كانت المدينة تخطو خطواتها الأولى نحو التحوّل إلى حاضرة عالمية.

تنوع وانفتاح

في تلك السنوات، كان ارتياد «ليغرلاند» أشبه بدخول مكان مدهش نابض بالحياة، فقد ضمّ أول حلبة تزلج أولمبية داخلية في المنطقة، حيث تدرب أطفال الإمارات على التزلج إلى جانب أبناء الجاليات المُقيمة، لتنشأ بينهم صداقات تروي قصص التنوع والانفتاح، اللذين ميّزا دبي منذ بداياتها، كما اشتمل المكان أيضاً على حوض سباحة ضخم لمحاكاة أمواج البحر، وصالات تنس وبولينغ واسكواش، ومطاعم تحمل نكهات من الهند إلى أوروبا، وقاعة احتفالات عائلية، ومناطق ألعاب للأطفال، مثل «لونا بارك» التي شكّلت مسرحاً لأعياد الميلاد وذكريات الطفولة التي لا تُنسى.

على مدى عقود، ربطت علاقة عاطفية عميقة بين أجيال أهل الإمارات و«النصر ليغرلاند»، فقد شكّل المكان جزءاً من الطفولة الجماعية لجيل كامل، عاد إليه كثيرون لاحقاً بصحبة أبنائهم، ليعرّفوهم إلى ذلك الزمن الجميل، وحتى اليوم لايزال الزوّار الكبار يتحدثون عن «ليغرلاند» ككبسولة زمنية تحفظ روح دبي قبل الطفرة العمرانية الكبرى، وعن تلك الجلسات العائلية والضحكات التي ملأت أرجاء المكان، واختير المعلَم من بين المواقع التي اعتمدها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، ضمن مشروع حماية المواقع والأبنية التراثية الحديثة في دبي، التي تُشكّل جزءاً مهماً من ذاكرتها وتاريخها الحديث، بهدف المحافظة على هوية الإمارة وموروثها الحضاري والعمراني.

مدينة صغيرة

في سنواته الأولى، بدا المكان كمدينة صغيرة داخل المدينة، يجتمع فيها أبناء الإمارات والمقيمون جنباً إلى جنب، سواء كانوا أطفالاً أو شباباً أو كباراً، هناك تعلّم كثير من الأطفال أولى خطوات السباحة في مياهه الدافئة، وارتدى آخرون أحذية التزلج ليخوضوا تجربة لم يعرفها الخليج من قبل على حلبة الجليد الأولمبية اللامعة، وفي زواياه دوت أصوات كرات البولينغ المتدحرجة وضحكات العائلات الممتدة حتى وقت متأخر من المساء، بينما كانت قاعات الاحتفالات تحتضن أعياد الميلاد، وحفلات التخرج، وحتى المناسبات الوطنية التي جمعت القلوب قبل الأجساد.

روح أصيلة

جيل الثمانينات والتسعينات يتحدث عن «ليغرلاند» كما لو كان جزءاً من البيت، لم يكن الأمر زيارة عابرة، بل عادة اجتماعية تُعيد الدفء إلى العلاقات العائلية وتجمع الأصدقاء بعيداً عن زحام الحياة، فالكثير من هؤلاء عادوا بعد عقود إلى المكان نفسه، هذه المرة مع أبنائهم، ليعرّفوهم إلى عالمهم الأول وليقولوا لهم: «هنا كبرنا، وهنا ضحكنا، وهنا كانت الحياة أكثر بساطة».

حتى مع دخول المدينة مرحلة الحداثة المتسارعة، ظلّ ليغرلاند يحتفظ بروحه الأصلية، وكأنه كبسولة زمنية تحفظ صوراً من الماضي: أطفال بأحذية تزلج كبيرة عليهم، ومراهقون يتحدّون بعضهم في صالات البولينغ، وعائلات تحتفل بلا بهرجة ولا تكلف، كان المكان، ولايزال، رمزاً لجيل صنع ذكرياته على وقع ضحكات صافية ورائحة قهوة عربية تُقدَّم بجوار موسيقى أجنبية في صالاته المتنوعة.

• كان ارتياد «ليغرلاند» أشبه بدخول مدينة صغيرة نابضة بالحياة، فقد ضمّ أول حلبة تزلج أولمبية داخلية في المنطقة، بجانب حوض سباحة ضخم لمحاكاة أمواج البحر، وصالات تنس وبولينغ واسكواش، ومطاعم.

• جيل الثمانينات والتسعينات يتحدث عن «ليغرلاند» كما لو كان جزءاً من البيت، فلم يكن الأمر زيارة عابرة، بل عادة اجتماعية تُعيد الدفء إلى العلاقات العائلية وتجمع الأصدقاء.

• على مدى عقود ربطت علاقة عاطفية عميقة بين أجيال أهل الإمارات والمقيمين على أرضها و«النصر ليغرلاند»، فقد شكّل المكان جزءاً من الطفولة الجماعية لجيل كامل عاد إليه كثيرون لاحقاً بصحبة أبنائهم ليعرّفوهم إلى ذلك الزمن الجميل.

• 1979 العام الذي شهد الافتتاح الرسمي لـ «النصر ليغرلاند» على أرض تمتد لأكثر من 48 فداناً.

شاركها.
Exit mobile version