في عالم مملوء بالمنصات الاجتماعية، وتتزاحم فيه الوجوه والتجارب على بريق الشهرة والنجومية، اختار صانع المحتوى الإماراتي «هزاع ريفيو»، الإطلالة على جمهوره بشكل فريد ومغاير، من وراء قناع أسود، وفي الوقت الذي اعتقد كثيرون أن القناع حيلة لإثارة الجدل ولفت الأنظار ومحاولة ذكية لإخفاء الهوية الحقيقية، أكّد هزاع أن القناع ترجمة لقرار شخصي واعٍ اتخذه صاحبه منذ اللحظة الأولى لخوضه غمار «السوشيال ميديا»، ونجح من خلاله في الجمع بين رغبته في التميّز من جهة، وحماية خصوصيته من جهة أخرى.

مصادفة فارقة

وعن بداياته، قال هزاع لـ«الإمارات اليوم»: «لم يكن الأمر مخططاً له، بل كان محض مصادفة بحتة، تزامنت مع دخولي أحد المطاعم وتصويري بعض اللقطات التي وضعتها على حسابي على منصة (إنستغرام)، وفوجئت بعد بضع ساعات بأن الفيديو حقق انتشاراً واسعاً وصل إلى حدود 70 ألف مشاهدة، وإرساله من قِبل أحد أقاربي، لبقية أفراد العائلة على مجموعة الـ(واتس أب)، المشتركة بيننا لاكتشاف التجربة، من دون أن يعلم أنني صاحبه».

خلف الكاميرا

لم يكن قناع هزاع لغزاً داخل العائلة فحسب، بل كان سبباً وجيهاً لإثارة فضول المقربين منه أيضاً، مؤكداً «في البداية، لم أكن أرغب حتى في إخبار أهلي بأنني صاحب القناع، لكن الأمر لم يدم طويلاً، سواء داخل العائلة أو في بعض أوساط العمل الضيقة، مثل اكتشاف مديري لي مثلاً من طريقة كلامي وهيئتي»، وتابع: «أنا سعيد اليوم بتقبل عائلتي للموضوع برحابة صدر، ودعمهم وتشجيعهم الدائم لي على الاستمرار والتقدم».

الرغبة في التميّز

لم يظهر هزاع في مقاطعه الأولى على المنصات الاجتماعية بوجهه، بل كان مجرد عين تنقل تفاصيل المطاعم وأطباقها إلى الجمهور، لكن مع تكرار التجربة، شعر هزاع بحاجة إلى إضافة هوية بصرية، فاختار وضع قناع، مستعيداً ذكريات تلك اللحظة بالقول: «بعد تصويري للفيديو الرابع، قررت ارتداء القناع، لأنني لم أرغب في البداية أن يتعرّف أحد إليّ، فقد كنت راغباً في تقديم شيء مختلف عن الآخرين، ومنذ ذلك الحين، ارتبط القناع بشخصيتي فلم يفارقني».

وعلى الرغم من أن القناع نفسه مستوحى من شخصية معروفة ظهرت في مسلسل كوري شهير، فإن هزاع أجرى بعض التعديلات الطفيفة عليه، لجعله أقرب إلى شخصيته الأصلية، مؤكداً أن أكبر المفارقات كانت عدم رفض الجمهور للقناع ولهذا الأسلوب الغريب في الظهور، بل وإعجابهم به واعتبارهم إياه، علامة فارقة، قائلاً: «كنت أظن أنهم سينتقدونني ويسألون عن السبب، لكن ما حصل كان عكس ذلك تماماً، فقد أحبوا القناع وأسلوب التقديم، ووجدوا فيه لمسة تميّز واضحة».

التزام ومصداقية

كيف يمكن لصانع محتوى متخفٍّ أن يكون صادقاً ومؤثراً من خلف قناع؟ سؤال أجاب عنه هزاع قائلاً: «لاشك أن الثقة تُبنى مع الوقت، فعندما أصوّر إعلاناً تجارياً على سبيل المثال، لا أكتفي بالتصوير، بل أعود في اليوم التالي كزبون عادي لتجربة المطعم بنفسي، وفي حال عدم حفاظ صاحب المطعم على الجودة نفسها التي عرضها، أبادر بكل بساطة إلى حذف الإعلان، لأنني إن خسرت المال، فإنني لا أريد أن أخسر صدقيتي»، وأضاف: «للأسف، يقع الكثير من المؤثرين في فخ الإعلانات المدفوعة، فيتنازلون عن الدقة والصدق، وهذا ما لا أقبله على الإطلاق»، وعلى هذا النحو، كابد «هزاع ريفيو» لجعل المصداقية شعاراً مهنياً ونهجاً تطبيقاً في هذه المهنة، الأمر الذي جعله يواجه العديد من الصعوبات التي كان أبرزها وضعه مرة تقييماً سلبياً لأحد المطاعم، ولجوء صاحب المطعم إلى ملاحقته قانونياً بحجة تصوير عامل من دون إذنه، مؤكداً «وصلت الأمور إلى المحكمة، وكان الأمر مرهقاً لي، لكنه أثبت لي أن ثمن المصداقية غالٍ، وأنها تحتاج إلى تضحيات كبرى».

أثر إيجابي

مثل تجربة أي مؤثر آخر، لم يسلم هزاع من الانتقادات والتنمر، فقد اعتبره البعض متنكراً في قناع أسود بسبب عيب خلقي أو تشوه ما في وجهه، مؤكداً «لم أتضايق كثيراً من هذه التعليقات، فقد كانت قليلة ونادرة مقارنة بحجم التفاعل الإيجابي الذي لمسته من الناس، من حيث تقبلهم للقناع وتعايشهم مع فكرته».

وأكّد هزاع أن حكايته مع القناع تحمل رسالة أعمق من مجرد تجربة ترفيهية، قائلاً: «القناع جعلني أعيش حياة اجتماعية طبيعية بعيداً عن أضواء الشهرة، ومنحني في الوقت نفسه فرصة لتقديم محتوى صادق وأصيل ومختلف، قد يكون غريباً أن تحافظ على الصدق وأنت متخفٍّ، لكنني أؤمن بأن الاختلاف يجعلنا نترك أثراً إيجابياً في الناس».

جمهور بحجم العائلة

يتابع «هزاع ريفيو» على منصات التواصل الاجتماعي اليوم أكثر من 171 ألف شخص على «تيك توك»، ونحو 121 ألفاً على «إنستغرام»، ولهذا السبب لا يفضل هزاع أن يطلق عليهم لقب متابعين، بل يعدّهم رفاقه وعائلته الموسّعة، مؤكداً «هم عائلتي، أعزّهم كما أعز أهلي، فهؤلاء هم ثروتي الحقيقية، فلولاهم لما تطورت، أما القناع فرغم مطالبات البعض لي بنزعه، فإنه اليوم أصبح جزءاً من شخصيتي، لهذا ليس لدي أي نية للتخلي عنه أبداً».

• للأسف، يقع كثير من المؤثرين في فخ الإعلانات المدفوعة، فيتنازلون عن الدقة والصدق، وهذا ما لا أقبله على الإطلاق.

• القناع جعلني أعيش حياة اجتماعية طبيعية بعيداً عن أضواء الشهرة، ومنحني في الوقت نفسه فرصة لتقديم محتوى صادق وأصيل ومختلف.

شاركها.