على وقْع الفن الراقي، وخطوات الباليه الرشيقة، ومع أنغام بيتر إليتش تشايكوفسكي، أضافت القرية العالمية في دبي إلى مسرحها بُعداً فنياً وثقافياً جديداً مع «بحيرة البجع»، الذي استضافته خشبتها ليكون عرض الباليه الذي تستضيفه الوجهة الشهيرة للمرة الأولى.

وتم إنتاج نسخة خاصة ومصغرة من العرض الكلاسيكي العالمي، وصلت مدتها إلى نصف ساعة، وقدمت مرتين يومياً لجمهور القرية العالمية، وأحال العرض – الذي ودّع القرية العالمية أخيراً – المسرح إلى فضاء يفيض بالجمال، إذ تتحول الحركة إلى لغة والموسيقى إلى حكاية نابضة بالمشاعر.

بين الفن الكلاسيكي العالمي وروح القرية العالمية المتجددة، تجلت قصة الحب والصراع في لوحات تنسج الدهشة، تساندها خلفيات متحركة على الشاشات، ورسمت أبعاداً جمالية للعرض القائم على حكاية الحب والخيانة، والخير والشر، والمصير، وجمع العرض بين تحفة تشايكوفسكي الخالدة وروح الأجواء الاحتفالية، مقدماً تجربة لجميع أفراد العائلة.

وانقسم العرض إلى مشهدين، إذ قدم الأول الشخصية الرئيسة أوديت وهي تجلس وحيدة على ضفاف البحيرة، ثم تنضم إليها البجعات، وهن يستعدن هيئتهن البشرية، بعد أن حولهن الساحر الشرير روثبارت إلى بجعات، ويظهر الأمير سيغفريد وهو يصطاد ويعجب بأوديت، فتخبره أن لعنة تحويلها إلى بجعة لن تزول إلا عندما يفصح رجل نقي القلب عن حبه الأبدي لها، يحاول الساحر إبعاد الأمير عن أوديت، وسط مشاهد راقصة ساحرة، تُقدَّم بإتقان ودقة عالية.

أما المشهد الثاني فيدبر فيه الساحر الشرير روثبارت مكيدة لخداع الأمير، كي يزوجه ابنته أوديل، إذ يجعلها من خلال السحر شبيهة بأوديت، إلا أن الأمير يكتشف الخديعة، ويقسم لأوديت بحبه الأبدي ويعيدها إلى إنسانيتها، وينتصر الخير على الشر.

وأنتجت «بحيرة البجع»، الذي قُدم في القرية العالمية، شركة «أورنينا آرت أند ايفينتس»، وقال مؤسسها والمشرف على العرض، ناصر إبراهيم لـ«الإمارات اليوم»: «فكرنا في إنتاج عرض باليه وتقديمه على مسرح القرية العالمية الذي استضاف على مر السنوات الكثير من العروض العالمية باستثناء الباليه، لاسيما أن هذا الفن يقدم من فرق تابعة لدور الأوبرا أو وزارات الثقافة، وضمن شروط محددة»، وأضاف: «عملت على الكوريغرافيا راقصة الباليه الأرمينية، سوزانا بيروماين، وهي التي اختارت الفنانين الذين وصل عددهم إلى 27، في العرض الذي قُدم بنسخة مصغرة تصل إلى نصف ساعة».

وكشف عن أن التحضير للعرض استغرق ما يقارب الشهرين، إذ كان لابد من العمل على محتوى فيديو يرافقه، موضحاً أن طبيعة القرية العالمية تقوم على تقديم فعاليات سريعة، ولذا تم اختصار العمل من ساعتين إلى 30 دقيقة، مع اختيار أهم المشاهد الأساسية والمحافظة على فكرة العمل، وقصة الحب بين الأميرة والأمير وتحويل الفتيات إلى بجعات، وقد تم تحقيق معادلة مهمة بتقديم عرض باليه على مسرح القرية للمرة الأولى منذ تأسيسها.

ونوه إبراهيم بأن الجمهور أظهر تفاعلاً وإقبالاً كبيراً مع العرض، لاسيما أنه قُدم خلال موسم الاحتفالات، لافتاً إلى أن مسرح القرية العالمية يتمتع بالتجهيزات والإضاءة المميزة والتقنيات التي تتيح تقديم عروض كبيرة وضخمة كهذه، دون وجود تحديات لوجستية، أما الأزياء التي صممت للعرض، فكانت مشابهة لملابس العمل التقليدية والمعروفة، وتم تصميمها في أرمينيا من قِبَل مختصين بتصميم ملابس الباليه.

وأكّد إبراهيم إمكانية التحضير لأعمال جديدة مشابهة في الأعوام المقبلة، وذلك بعد اختبار إقبال الجمهور عليها، ومن الممكن إنتاج وتحضير أعمال عالمية شهيرة مثل «كسارة البندق» أو «الجمال النائم».

وعن الفيديو الذي رافق العرض، أوضح أنه تم العمل على محتوى خاص بكل مشهد، بحيث ترافق الموسيقى العروض على الشاشات، منوهاً بأن المسرح المعاصر يعتمد على التكنولوجيا، خصوصاً أن الكثير من الأدوات الجديدة باتت تدخل على العروض، فضلاً عن أنواع الإضاءة التي تتبدل وتتغير باستمرار.

ورأى أن تقديم عرض باليه راقص على مسرح القرية العالمية، يسهم في نشر الثقافة، خصوصاً لدى رواد الوجهة الشهيرة من الفئات العمرية الصغيرة والشابة، لأن هذا النوع من العروض يدخل ضمن إطار المسرح الثقافي، وتقديمها في هذه الوجهة يشجع الجيل الجديد على مشاهدة عروض ذات قيمة فنية، خصوصاً أنه يعتمد على جمال الاستعراض والحركات الموحدة المتقنة، التي تترك مخزوناً مميزاً لدى المُشاهد.

وأكد إبراهيم أن المرحلة الحالية تشهد عودة للمسرح، لاسيما بعد وجود طفرة في محتوى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، إذ بات الجميع يرغب في مشاهدة عمل مباشر على الخشبة، بعيداً عن الهواتف التي تشبع البعض منها، واصفاً عودة الجمهور إلى المسرح والإقبال على مشاهدة الأعمال الراقية ظاهرة جميلة وتضيف كثيراً إلى ثقافة المرء.


تاريخ عريق

كتب «بحيرة البجع» المؤلف الموسيقي بيتر إليتش تشايكوفسكي، وأضيفت إلى الروائع التي قدمها، ومنها «الجمال النائم» و«كسارة البندق» و«الأميرة النائمة»، واكتسب العرض شهرة واسعة، وقدّم على مسارح العالم، كما استخدمت مقاطع منه في مجالات أخرى غير المسرح، ومنها السينما والفنون التشكيلية.

وألّف تشايكوفسكي العمل في الفترة الممتدة من عام 1875 إلى 1876، ويتضمّن العمل أربعة فصول استعراضية، وقُدّم للمرة الأولى على مسرح البولشوي في موسكو في عام 1887، وقام بتصميم رقصات الباليه ماريوس بيتيبا.

• 30 دقيقة، مدة نسخة العرض الذي قُدم في القرية العالمية.

شاركها.
Exit mobile version