في أحيان كثيرة ينتابك إحساس قوي أن بعض التصريحات الصادرة من شخصيات أو دول أو مؤسسات دولية ذات ثقل، تستهدف إثارة الخوف والبلبلة أكثر من أي شيء آخر، أو هي تصريحات ترمي إلى التمهيد لمؤامرة أو مصيبة قادمة، وبما أن الإنسان أصبح في مرمى هذا النوع من التصريحات خلال السنوات الأخيرة مع تزايد سطوة الإعلان الرقمي ومواقع التواصل، فإن هذا النوع من التصريحات قد فقد وأفقد الكثيرين مصداقيتهم وتحولت رموز وأسماء إلى موضوع للسخرية والتهكم!
أصبح الناس في كل مكان يتوقعون حدثاً أو خبراً سيئاً كلما خرج عليهم مسؤول منظمة الصحة العالمية بخبر حول مرض جديد أو إصابات غريبة لمرض غامض، بحيث أصبحوا واثقين بأن هناك من يدبر للبشرية مؤامرة حقيقية للقضاء على أكبر عدد ممكن منها، وبينما يقاوم الكثيرون الانزلاق في التفكير انطلاقاً من نظرية المؤامرة، فإن ما يحدث حولهم جعلهم يؤمنون أن هناك مؤامرة بالفعل وليس مجرد نظرية وآلية تفكير!
تأمل إلى أين يمكن أن يقودنا انعدام الثقة والمصداقية، والإيمان بنظريات كارثية كنظرية المؤامرة، والأمر للأسف ذاهب إلى أكثر وأخطر من ذلك، بعد أن تمكن الذكاء الاصطناعي من جعل الناس تتحدث وتقول بصوتها ما لم تقله، وهذا يعني أننا لن نثق بعد اليوم ليس بتصريحات مسؤول منظمة الصحة العالمية فقط، ولكن بأي أحد يصلنا صوته سواء كان على شكل حديث، أو تصريح، أو اعتراف، أو غناء أو… فمن يدرينا أنه هو من صرح فعلاً وهو من قال واعترف وغنى و… ؟
لقد استطاع الذكاء الاصطناعي أن يعيد سيدة الغناء العربي أم كلثوم للغناء بأغنية جديدة بعد خمسين عاماً على وفاتها، كما حدث الأمر ذاته مع السيدة فيروز، عبر لعبة الخوارزميات وبرامج الذكاء الاصطناعي، التي يمكنها نسخ بصمة صوتك وتركيبها على أي برنامج واللعب بها، وجعلك تقول أي شيء، وهذه كارثة حقيقية، لا تفقد الناس مصداقيتهم فقط ولكنها ستدخلهم في مشاكل وأزمات وخلافات وربما تدخل الدول في حروب.