في أزقة الفهيدي القديمة، حيث الجدران تشهد على بدايات دبي، وتعانق رائحة التوابل دفء الطين، بدأت حكاية التاجر محمد علي الأنصاري الذي خسر كل أمواله في التجارة، ولكنه لم ينكسر، فقرر النهوض من رماد الخسارة بافتتاح مطعم للكباب، ليكتب بذلك أول سطور قصة نجاح أحد أشهر مطاعم الكباب في دبي.
بدأ مشروع «الاستاد للكباب الخاص» بشكل عائلي بامتياز، وكانت زوجته وشريكة دربه هي من أشعلت النار الأولى، ووضعت أولى الوصفات، التي جذبت الزبائن، وأكسبت المطعم نجاحاً باهراً. وعلى الرغم من بساطة المطعم الذي مازال في موقعه إلى اليوم، إلا أن جودته وتميزه في تقديم الكباب جعلاه يحافظ على مكانته لعقود، ودخل قائمة الـ50 مطعماً الأكثر طلباً في أحد تطبيقات الطعام (طلبات) في دبي.
النهوض من أزمة
استهلّ مجيد الأنصاري، حديثه مع «الإمارات اليوم» عن تأسيس والده محمد علي المطعم في عام 1978، وقال: «كان والدي يعمل في مجال التجارة، وخسر أمواله كلها، فقرر النهوض من أزمته من خلال تأسيس مطعم للكباب، وكانت والدتي تعد الطعام في المنزل، وهو يبيعه، وحققا معاً نجاحاً أتاح له التوسع وتوظيف أكثر من طباخ في وقت لاحق». وأضاف: «كان مطعم والدي صغيراً، وعملت أنا وأخي طالب على مساعدة الوالد في عمله، وكان أخي الثالث صغيراً وقتذاك، وعلى مدى السنوات استمر عمل والدي في التطور يوماً بعد الآخر، وهذا ما أتاح له التوسع».
عندما بدأت والدة الأنصاري بإعداد الأطباق الخاصة بالمطعم، كانت القائمة محصورة بوصفات محدودة هي الكباب بالروب، والكباب المفروم، فضلاً عن صالونة الباذنجان والسمك المقلي، وأوضح الأنصاري أن القائمة توسعت لتشمل أكثر من 15 طبقاً، حالياً، تتضمن إلى جانب الكباب العديد من الأكلات من بلدان متعددة. ونوه بأن والده كان معروفاً في السوق الكبير، وكان على علاقة جيدة بالتجار، ولهذا حين خسر أمواله، اكتسب الكثير من الزبائن التجار في المطعم. وأشار إلى أنه كان يدعم والده في العمل، وبعد الانتهاء من العمل في الوظيفة، كان يتوجه للمطعم ليلاً لمساعدته.
يعتبر طبق «التيكا بالروب» الطبق الأشهر في المطعم، وكذلك اللحم والأرز، وفقاً للأنصاري، الذي أكد أن الطلب في فصل الشتاء يرتفع، ولاسيما للحوم غير المطهية التي يأخذها الزبائن للتجمعات العائلية في الصحراء والمزارع. وأشار إلى أن المطعم يشهد ازدحاماً كبيراً أيام السبت والأحد والأربعاء، موضحاً أن اسم المطعم تبدل ثلاث مرات، ففي البدء كان اسمه كباب خاص، وبعدها تم استبدال اسم المطعم إلى الاستادي ثم إلى الاستاد، ولكن المذاق مازال نفسه.
شخصيات ومشاهير
جذب المطعم الكثير من الزوار، ولاسيما المشاهير، فضلاً عن زيارات عدد من الشخصيات السياسة الكبيرة، ومن الزيارات التي شكلت علامة فارقة في تاريخ المكان، كانت زيارة سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، في 17 يناير من عام 2017، التي وصفها الأنصاري بأنها يوم عيد. ولفت إلى أن العديد من المغنين قد زاروا المطعم، من بينهم الفنان الكويتي عبدالله الرويشد، وصورته في المطعم موجودة، موضحاً أن الكثير من الزوار لم توثق زياراتهم، لأن الزمن تبدل، والكاميرا لم تكن موجودة في المطعم، كما هو حال اليوم، حيث يمكن التصوير بالهواتف.
سر النجاح
اعتبر الأنصاري أن سر النجاح في المطاعم يبدأ من احترام الزبائن بالدرجة الأولى، ومن ثم الحرص على تقديم جودة مميزة في الطعام، والتزام تقديم الجودة نفسها على مدى السنوات. ورأى أن المطاعم في دبي كثيرة، والمنافسة في هذا الزمن مختلفة عن المنافسة في الزمن القديم، مشيراً إلى أن بعضهم يدخلون المنافسة دون أن يكونوا ملمين بأصول العمل في المطاعم. ونوه بأن لكل مهنة أسرارها للنجاح، وأن دخول مجال معين لأنه مربح فقط، لا يعتبر كافياً لتحقيق النجاح.
إشراف يومي
يتابع الأنصاري عمله بنفسه، ويذهب يومياً إلى السوق الكبير من أجل شراء اللحوم والدجاج، موضحاً أن من يرد لمشروعه النجاح فعليه أن يشرف على العمل بنفسه وبشكل يومي، دون الاعتماد على الموظفين. وأشار إلى أنه دخل قائمة المطاعم الأكثر طلباً من «طلبات»، بسبب احترامه للناس والجودة المميزة للطعام، وتوظيف الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة. ولا يفكر الأنصاري في تغيير موقع المطعم أو افتتاح فروع له، إذ يشعر بالاكتفاء والرضا عما يقدمه من مردود، مشيراً إلى أنه في يوم الجمعة يأخذ استراحة ولا يفتح المطعم إلا بعد الخامسة، لأن الإنسان يستحق الراحة. وشدد على أن دبي يمكن وصفها بمدينة العمران والتطور، وهي تتقدم بشكل مستمر وملحوظ، بينما يعتبر الأمن والأمان من أبرز سماتها.
ديكور من نوع خاص
يتميز «الاستاد للكباب الخاص» بديكور من نوع خاص، حيث تتوزع صور الزبائن المطبوعة على الجدران، والعملات النقدية توضع تحت الزجاج الذي يغطي طاولات الطعام، فضلاً عن كثير من المقتنيات القديمة المعلقة على الجدران. ولفت مجيد الأنصاري إلى أنهم حرصوا على تصوير الزبائن في المطعم، وباتوا يعرضون صورهم، وأن جميع العملات النقدية الموجودة تحت زجاج الطاولات حصلوا عليها من الزبائن أيضاً، فيما الهواتف القديمة وكنزات لاعبي كرة القدم كانت هدايا من زبائن يقصدون المطعم باستمرار.
مجيد الأنصاري:
• كان والدي يعمل في مجال التجارة، وخسر أمواله كلها، فقرر النهوض من أزمته من خلال تأسيس مطعم للكباب، وكانت والدتي تعد الطعام في المنزل، وهو يبيعه، وحققا معاً نجاحاً استمر لغاية اليوم.
• سرّ النجاح في المطاعم يبدأ من احترام الزبائن بالدرجة الأولى، ومن ثم الحرص على تقديم جودة مميزة في الطعام، والتزام تقديم الجودة نفسها على مدى السنوات.
